نطاق الحصانة البرلمانية / أحمد ولد محمد أمبارك صمب فال

تعني الحصانة البرلمانية حماية  أعضاء البرلمان من كل وسائل الترهيب التي تتملكها السلطة التنفيذية من اجل تأدية الوظائف المنوطة بهم   في مجال العمل البرلماني  ومنحت لهم هذه الامتيازات على أساس تمثيلهم للشعب ، وعرفها بعض الفقه بأنها إعفاء أعضاء البرلمان من تطبيق القواعد العام عليهم   في بعض المسائل القضائية .  

و قد حدد الدستور الموريتاني الحالي نطاق  الحصانة البرلمانية  في المادة 50  

و قد  نصت على أنه|" لا يرخص في متابعة عضو من أعضاء البرلمان ولا في البحث عنه ولا في توقيفه ولا في اعتقاله ولا في محاكمته بسبب ما يدلي به من رأي أو تصويت أثناء ممارسة مهامه.
كما لا يرخص في متابعة أو توقيف عضو من أعضاء البرلمان أثناء دوراته لأسباب جنائية أو جنحية ما عدا التلبس بالجريمة، إلا بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها .
لا يرخص في توقيف عضو من أعضاء البرلمان خارج دوراته إلا بإذن من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها سوى في حالة التلبس بالجريمة والمتابعات المرخص فيها أو حكم نهائي بشأنه.
يعلق اعتقال عضو البرلمان أو متابعته إذا طلبت ذلك الغرفة التي ينتمي إليها ."
و من خلال هذه المادة يتضح أن المشرع الموريتاني حصر نطاق رفع الحصانة البرلمانية في المسائل المتعلق بالجنايات والجنح لكنها   تسقط  مباشرة اذا كان البرلماني في حالة تلبس  و يقصد بالتلبس في المادة الجنائية الموريتانية "  ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر إرتكابها-  إذا كان الفاعل مازال مطاردا بصياح الجمهور – إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قريب من إرتكاب الفعل  حاملا سلاحا أو أمتعة أو ظهرت عليه آثار أو أدلة تحمل على الإعتقاد بأنه  شارك في الجناية أو الجنحة " ، و في هذه الحالة يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي علم  أن يخبر فورا وكيل الجهورية و ينتقل هذا الأخير بدون تأخر إلى مكان الجناية و يقوم بجميع المعاينات اللازمة ...و تأسيسا على ذلك يمكن القول أن حالة التلبس بالجناية أو الجنحة تجعل البرلماني خاضع للمسطرة الجناية العادية التي يخضع لها الأفراد العاديين و من هذا المنطق يمكن القول أن الحصانة البرلمانية لا تمنح للبرلماني بصفته الشخصية لا لأسرته و لا لمنزله و لا لمؤسسته و لا لسيارته  و إنما لصالح  و ظيفته  .
لا يمكن متابعة أو توقيف أي عضو برلماني  أثناء الدورات البرلمانية لأسباب  جنائية أو  جنحية خارج عن التلبس إلإ بإذن من الغرفة التي ينتمي إليها ، في هذه الحالة لا ترفع الحصانة البرلمانية إلا بعد  بموافقة الغرفة التي ينتمي إليها النائب أو شيخ  .
و بخصوص الفقرة الأخيرة من المادة 50 التي جاء فيها  "لا يرخص في توقيف عضو من أعضاء البرلمان خارج دوراته إلا بإذن من مكتب الغرفة التي ينتمي إليها سوى في حالة التلبس بالجريمة والمتابعات المرخص فيها أو حكم نهائي بشأنه، يعلق اعتقال عضو البرلمان أو متابعته إذا طلبت ذلك الغرفة التي ينتمي إليها ."
هنا نتحدث عن الحصانة البرلمانية خارج فترة الدورات البرلمانية ، وفي هذه الحالة لا ترفع الحصانة إلا بموافقة مكتب الغرفة التي ينتمي إليها العضو البرلماني أو كان الأمر يتعلق بحالة تلبس والمتابعات المرخص فيها أو حكم نهائي بشأنه ، و بذلك تكون الحصانة البرلمانية خاضعة لنفس منطق التلبس في حالة الدورات البرلمانية الذي تحدثنا عن سابقا وهو خضوع البرلماني للمسطرة الجنائية العادية من هنا يمكن القول أن طلب  رفع الإعتقال و عدم المتابعة محصور في نطاق الحالات التي يخضع فيها رفع الحصانة لإرادة البرلمانيين .
وبناء على ما سبق يتضح أن  الحصانة البرلمانية المطلقة في حدود القانون إن صح التعبير  تتعلق بالتعبير عن الآراء و التصويت داخل قبة البرلمان و لا تستطيع أي سلطة أن ترفعها مع العلم أن الحصانة البرلمانية لا مجال للحديث عنها في إطار علاقة الأفراد فيما بينهم ، ولا يحق لأي برلماني أن يتصور أن الحصانة منحت له من أجل التفوق على الأفراد بل من أجل الدفاع عنهم   .  

أحمد ولد محمد أمبارك صمب فال
أكاديمي متخصص في الدراسات الدستورية و السياسية
         [email protected]

17. مايو 2017 - 7:42

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا