وزارة التهذيب تقاوم اصلاح التعليم / إسلمو أحمد سالم

خلال دراسة قمت بها لنتائج مسابقة دخول السنة الأولى الإعدادية في مقاطعة مقطع الأحجار للسنة الدراسية 2015 6 ، وجدت أرقاما مخيفة ، تعكس مدى الإهمال و الفوضوية في قطاع التعليم.
وجدت أن نسبة النجاح في مدينة مقطع الأحجار وصلت 93% نتيجة تركز المدارس الحرة و نسبة الوعي و الانفاق على التعليم ، بينما وصلت 67 % في البلدية المركزية ، 

و انخفضت إلى نسبة 49 % في المقاطعة .و عند تمييز الحضر على التجمعات القروية تنخفض النسبة بشكل لافت ، بينما تكون ضعيفة جدا عند حسابها في تجمعات (آدوابه) و التي تنحصر نتائجها تحت ال 100  نقطة المحددة لنصف النقاط.
تقوم المديريات الجهوية للتهذيب و المفتشيات بتوزيع فوضوي للمدرسين ، إذ تحتفظ المدن بالمدرسين الأكفاء و يكون نصيب القرى من العقدويين ، و المعلمين المعربين المشجعين بالعلاوات الإضافية كالازدواجية و الإدارة و التجميع ، و النتيجة جيل جاهل من الطبقة الهشة ، مما يزيد الشرخ في نسيج المجتمع الواحد بالإبقاء على الجهل و الغبن و نقص الخدمات التعليمية ، و كان من المفروض تطبيق التمييز الإيجابي هنا حتى نحد من الفوارق.
التعليم هو أداة تثقيف و تكوين  لكنه أيضا هو أداة بناء وحدة وطنية ببناء جيل واحد ، موحد الثقافة و يشعر بالمساواة و تساوي الفرص المتاحة في التكوين و العمل.
تعشش في وزارة التهذيب الوطني بؤر فساد تقاوم كل وافد ، و تتخلى الوزارة عن كفاءاتها تحت ضغط المحسوبية ، بتعيينهم أو تفريغهم و يبقى في الميدان الجيل الأقل وطنية و الذي دفعته الحالة المادية إلى المهنة ، لا رغبة فيها و إنما لأن أبواب العمل موصودة ، و يكون التوظيف بالنسبة لهم فتح باب لدخول معترك الحياة ، و لأن الراتب لا يغني من جوع ، يسعى هؤلاء إلى خلق فرص للدخل موازية ، ينشغل بها حتما عن الإبداع و التفرغ للتدريس..
من أغرب ما يجري في الوزارة هو طريقة التحويلات ، التي أصبحت تحاكي تحويل الرصيد ، إذ يتم حذف المدرس من هنا و يسجل هناك و يتم تغيير وضعيته على المستوى المركزي ، و يكون ذاك بمباركة كل المشرفين ..
لا زالت البكالوريا أكثر الشهادات مصداقية ، رغم فوضوية التصحيح و التسريب الناعم للمواضيع الذي تستفيد منه بعض المدارس الحرة ذات الصلة بالمشرفين على طرح الامتحان سنويا ، و أما الشهادة الإعدادية فحدث و لا حرج ، فلا تستغرب أن تقدم لائحة الناجحين في المؤسسة بالمقلوب ، عكس توقعاتك، لأن الفوضى العارمة تجتاح كل شيء ، ناهيك عن طريقة اختيار المشرفين و المصححين و عامل الوقت الذي يضايق كل الموريتانيين رغم الفراغ ، لأنه لا أحد يعرف الإتقان ، فالمهم ألا تحدث ضجة و يمر الأمر بسلام.
و إذا قدر لك أن تزور مواقع تصحيح مسابقة دخول السنة الأولى الإعدادية فالحيرة ستتملكك و أنت تجد مدرسين لا يكادون يفقهون قولا و آخرون لا ينظرون في الأوراق  و إدارات منشغلة في كيفية استخدام المقص لميزانية التسيير.
و هناك أمر لم أرد أن أقوله لكنه في الصميم ، و قد حدثني فيه غير واحد ، و هو أن سكان الجنوب مفرنسون في أغلبهم و سكان الشمال معربون في أغلبهم ، و بالتالي فإن جودة الكتابة للفرنسية مؤشر بأن التلميذ من الجنوب و العكس بالعكس ، و جودة الكتابة باللغة العربية مؤشر أن التلميذ من الشمال ، و تحدث ، بطريقة لا يمكن تسييرها ، تجاوزات كبيرة في حق التلاميذ.
عندما يكون هدف وزارة التهذيب هو تسيير الوقت و الاهتمام بميزانيات التسيير ، و تغيب الرقابة و يختفي التفتيش و يختفي التكوين المستمر ، و يكون المعلم ، الغائب الحاضر ، هو المباشر لكل شيء فاعلم أن التعليم سيتحول إلى أداة تشتيت للشعب ، إذ سيتعلم الأغنياء بأموالهم و يتحول الآخرون إلى أدوات مؤهلة للجريمة ،مشحونة بالإحساس بالغبن و التهميش.

24. مايو 2017 - 12:27

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا