شكل التعديل الجزئي في حكومة الوزير الأول يحي ولد حدمين طرح العديد من التساؤلات في ظرف زمني ساخن ،نتيجة الاحتقان الذي تعرفه الساحة السياسية بين مختلف الطيف السياسي،خاصة داخل صفوف الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز،التي تعرف الكثير من التذمر منذ أحداث موقف مجلس الشيوخ من مسطرة التعديلات الدستورية.تلك التعديلات التي تشكل اليوم
تحدي كبير للنظام قد يكون لها ما بعدها،نتيجة الاستياء العام الذي يطبع مكونات الأغلبية و ما تعرفه من حدة في المواقف خاصة في بعض الولايات التي أصبحت الأصوات ترتفع بشكل ملفت ،جراء سياسات التهميش و الغياب المطلق من مراكز القرار،كما هو الحال للعاصمة الاقتصادية نواذيبو.بعد أن أستطاع النظام احتواء التذمر في ولايات الترارزه و غيرها من الشرق الموريتاني. الشيء الذي يدفعنا إلي تقديم جملة من الإشكالات التي تطرح نفسها بقوة الواقع داخل حلقات المشهد المعقد الحالي في تحليل أولي :
الملاحظة الأولي:خروج ولد محمد لغظف يشكل المفاجأة المنتظرة، جراء التنافر الحاصل بينه و رئيس الحكومة و هو الأمر الذي طغي علي مختلف حلقات المشهد السياسي المعقد طيلة الفترة المنصرمة،مما يزكي فرضية قبضة الوزير الأول الحالي علي تسيير الشأن العام في البلد ،بشكل لا غبار عليه و إن كانت تبعاته تنذر بمخاض عسير علي العملية السياسية الوليدة و ما يحيطها من مخاطر محدقة بالنظام القائم.علي الرغم من غياب المعالجة الحكيمة لمختلف الأحلاف و اللوبيات داخل الأغلبية التي يطبعها التخندق المؤثر علي الانسجام في العمل الحكومي.
الملاحظة الثانية:التعيينات لاتراعي التوازنات التقليدية في بلد مازالت تتحكم فيه الفوارق الاجتماعية و نمط المسلكيات ،حيث ينتقد الكثير من المراقبين للساحة السياسية كيفية الكيل بمعيارين للبعض مقابل الإقصاء البين لمكونات تعتبر العمود الفقري للبعد الانتخابي،خاصة في وقت يتجه فيه النظام إلي تنظيم انتخابات متمثلة في الاستفتاء علي الدستور و ما يرافق ذالك من رفض مبدئي للتعديلات المقترحة.
الملاحظة الثالثة:تهميش عنصر الكفاءة العلمية حيث يتأكد يوما بعد يوم ابتعاد رأس النظام عن الكفاءات العلمية و أصحاب القدرات الفائقة ،حيث أصبح الجميع علي قناعة من تهرب النظام الحالي من القدرات التي تشكل عقبة في وجه أي توجه يراد له الإصلاح في بلد يعاني تفشي الأمراض الاجتماعية بمختلف أجناسها.الشيء الذي ينذر بحتمية الاندثار و تلاشي القوي الحقيقية الضامنة لبقاء أي منظومة مهما كانت طبيعة التحديات .
الملاحظة الرابعة:قبول الرئيس بالحكومة الحالية رغم ماتعانيه من ضعف في الكادر البشري مع فقدان الثقل الانتخابي المتمثل في غياب البعد الانتخابي لمختلف عناصر التشكيلة الحكومية ،مما ينذر بسقوط الاستفتاء الذي هو محل تنافر بين مختلف المكونات التقليدية في المجتمع الموريتاني و الذي يتطلب تمريره مرضاة الطيف السياسي في تركيبته الشمولية و التكاملية،بدل حصر الامتيازات في خواص الأسر و المجموعات المحدودة التأثير في قلب موازين القوي لصالح كفة النظام.
الملاحظة الخامسة: عقلانية التصرفات مع الواقع الحقيقي للمواطن العادي الذي يعاني صعوبة مشاكل الحياة اليومية و انعكاسات مختلف السياسات الحكومية علي هذا الواقع،مما ينذر بتحركات شعبية،خاصة أن المعارضة كثيرا ما تركب علي أنغام و أوتار الغليان الشعبي.الشيء الذي يفتح الباب علي مصراعيه أمام التجربة المغربية في انتفاضة مدينة الحسيمة،مما يجعل النظام في ورطة حقيقية قد يدفع ثمنها بشكل مضاعف و في وقت لا يتنبأ بمخرجات تضمن بقاءه علي حال اليقين