إن من الظواهر المشتركة التي جابت الوطن العربي من محيطه إلي خليجه ، ظاهرة ما يسميه بعض الكتاب " الرئاسة مدى الحياة " بغض النظر عن طبيعة الحاكم ، من كونه ملكا أو أميرا أورئيسا ..... وما قضية ( حلب ) اليوم إلا من صميم تلك القضايا التى تستوجب من الإنسان الوقوف جنبا إلي جنب إزاء أهلها وشعبها المنكوب.
إنها مدينة أتباع القرون المزكاة ، مهد العروبة والحضارة والإ سلام ، التي قال عنها النبي صلي الله عليه وسلم: اللهم بارك لنا في شامنا ....) - إذافسد أهل الشام فلاخير فيكم ...)— ألا إن عقر دار المؤمنين الشام. — عليكم بالشام ... — طوبي للشام .. — الشام أرض الهجرة وأرض المحشر وأرض الأنبياء .
فوق أرضها المخضرة عدل : عمر بن عبد العزيز ، وحدث في رياضها : النووي ، وفسر في مساجدها : بن كثير ، وعلي أديمها أفتي : بن تيمية ، وولد من رحيمها و أرخ بن : عساكر ، فيها : المسجد الأقصي الذي قال الله عنه : ( سبحن الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الا قصى الذي بركنا حوله ) . والبركة تشمل بلاد الشام بأكملها ، علي رأي أكثر المفسرين ، بدليل قوله صلي الله عليه وسلم ، — إن الله تعالي بارك بين العريش والفرات وفلسطين ، وخص فلسطين بالتقديس .) وبها بيت : المقدس ، قبلة الأنبياء ، ومهبط الملائكة والوحي ، من ستعود إليها الخلافة فيما بعد، إنها الشام — دمشق ؛ عاصمة : سوريا ؟
كيف تحولت رمالها إلي حفرة من الجمر ، ومعالمها إلي رمضاء محرقة ، وسكانها إلي مجازر بشرية هائلة ، وماشأن أخواتها — فلسطين — العراق — اليمن ..... عنا ببعيد ، أين العرب ؟ أين الحكام ؟
ألم يعد المسلم أخو المسلم ، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.. ، وواجب النصرة الحتمي الذي لامناص منه ، ألم تكن " حلب " جزءا من سوريا ، أليست سوريا ركنا أساسيا في قالب الدول العربية ، أما حان للعرب أن يدركوا مكانتها العالية ، ومحوريتها في حياة الأمة ، وما من إنسان مسلم غيور علي دينه ، ينتمي لأمته ، يقرء واقع " حلب " اليوم ، وما تعيشه ، من إبادة وتشريد ، وارتفاع متزايد في الحصيلة الدموية ، التي بأي ذنب قتل أصحابها ، وغير ذالك من الهزاة العنيفة العاتية ، تولى كبرها وتستروا وراءها : أجندة خارجية —ميلاشية_ ظالمة ، هدفها المنشود : الترويج لنظرية المؤامرة وإهانة الشعوب العربية والقضاء علي الإسلام وأهله . وهذا ما عملوا معاولهم فيه داخل سوريا ، حيث أشعلوا نار الفتنة في صفوف شعبها ، حتي تلفحته نيران القنابل والراجمات ، وقضي عليه وابل الرصاص والمقاتلات ، وأمطرته الطائرات والدبا بات ، وكل ماهو ءات من جيوش — تدمر كل شىء بإذن " أسيدها" الذي تسبب في قساوة ظروفهم الحياتية ، مما دفع أهلها إلي ترحال دائب ، لايعرفون التوقف بحثا عن مواقع — الأمن والإستقرار ، متجرعين الأمرين صبرا علي السير الدءوب — وإن بعدت بهم الشقة — ما انتظروا ملاذا ءامنا ، تقلهم أرضه وتظلهم سماؤه ، ولوخارج أرض الله المباركة .
بيد أن ءاراء الباحثين والمحللين السياسيين تشعبت حول من كان سببا في اندلاع " الثورة " في سوريا ، وما ستئول إليه ، وماهو مغزاها الحقيقي، رغم تخمينات ذالك كله.
فالشعوب العربية كما قال :(شبلي تلحمي ) ، كغيرها من شعوب الأرض ، تبحث عن حرية الرأي والكرامة والعمل الشريف ونظام لايقوم علي الفساد والمحسوبية واستغلال الدين لتطويع المعارضة.
والذي نطمئن إليه وتركن إليه نفوسنا أن الله "يدافع عن الذين ءامنوا إن الله لايحب كل خوان كفور.