قراءة مغايرة لقطع العلاقات مع دولة قطر / غالي بن الصغير

حين يقول ترامب لحكام العرب وخاصة السعوديين منهم لا يهمنا حقوق الإنسان و  لا الديمقراطية وإنّما يهمّنا القضاء على الإرهاب وقتله وموته؛فهذا يعني تسريح الوحش الساكن في أحشاء طغاة العرب على فريسته.
كلمة الإرهاب كم يستغلّها حكام العرب في قمع شعوبهم وإذلال أمتهم؛فحركة المقاومة الإسلامية حماس إرهابية؛

والتنديد بانقلاب مصر و مجازره إرهاب لأنّ صاحبه يئنّ للضحية و يعطف عليه؛والحفاظ على القيم والهوية إرهاب أيضا في نظر هؤلاء.
نرجع إلى قرار الدولة الموريتانية الذي جارى بعض الدول في قطع العلاقات الدوبلماسية مع دولة قطر؛تزلفا وطمعا في أيادي السعودية.
هذا القرار له أكثر من تأويل:
فإمّا أنّ النظام الموريتاني استوعب الدرس جيّدا؛وفهم أنّ الدفاع عن الفضيلة وأهلها و مناصرة المظلوم والوقوف أمام الظالم المتغطرس في زماننا هذا قد يكلّف صاحبه حتفه وجرّ الويلات لدولته و شعبه؛وليس له من خيار إستراتيجي إن كان يريد السلامة سوى التلون مثل الحرباء مع كلّ ناعق من هؤلاء الطغاة العرب.
يشفع لهذا التحليل أنّ نظام ول عبد العزيز كان أوّل السابقين إلى إضفاء الشرعية على نظام السيسي.
وهو الآن من الأوائل في مجاراة النظام السعودي في معاداته لدولة قطر.
كما أنّ قراره هذا سوف يحاول به النأي  بنفسه عن تهمة الإرهاب التي صارت يوصم بها كلّ من لا يغرد داخل السرب الطغياني لهؤلاء الحكام.
كما أنّ قراره هذا أيضا سوف يحاول به أن يجلب له مزيدا من لبن  تلك البقرة الحلوب؛التي غالبا ما تبخل على أشقاءها؛وتغذي بضرعها كلّ عدوّ لهم.
لكن هناك تأويل آخر لا بدّ أن يخطر على بالنا؛فحين أعطى ترمب الضوء الأخضر لانتهاك حقوق الإنسان وأبدى عدم احتفاءه للديمقراطية في العالم الإسلامي؛فهذا يعني أنّ الطريق ممهد لولد عبد العزيز في إعلان حالة الطوارئ والانقلاب على الديمقراطية ؛إن شاء ذالك؛ولن يكلفه ذالك سوى دبابات لقمع مواطنيه؛ورشاوى سياسية للغرب لمباركة خطوته هذه؛وتلك هي التي  يريدها الغرب و يرقص عليها في العالم الثالث؛الذي لا يستحقّ في نظره  الأمن والرخاء.
ويشفع لهذا الفهم ما كرره الوزير الأول وعدة وزراء آخرين أنّ النظام باق ما بعد 2019م.
وهي عبارة حمّالة أوجه؛فإن كان يفهم منها أشياء أخرى غير ترشح ولد عبد العزيز و بقاءه إلا أنّ أيضا من فهم بقاءه في السلطة بعد 2019م من هذه العبارة لا يعتبر سقيما في فهمه.
وحين تلاحظ مقارعته للشيوخ ومحاولة إرغامهم على بلع تعديلاته الدستورية؛وخنق المعارضة والتضييق عليها في كلّ زاوية؛تعرف أنّ ولد عبد العزيز يفكر في البقاء على كرسي الرآسة؛إمّا بطريقة مباشرة كما هو الآن أو على طريقة الجنرالات الجزائرية؛بوضع الرجل المريض  مكانه والوصاية عليه.
هذا العهد عهد ازدهار على كلّ من يرغب في الطغيان و التجبر على شعبه وأوّل مناصريه سوف يكون سيد أمريكا الأول.
ومن رضي في عهده بالتناول السلمي على السلطة من العالم العربي خاصة؛فهو إمّا مهدي كان منتظرا؛أو أحد الخلفاء الراشدين المهديين.
فهل محمد ولد عبد العزيز في عام 2019م  سوف يكون لنا مهديا منتظرا؛أم أنّه سوف يكون سادس الخلفاء؟.
أم أنّ الأيام حبلى بالمفاجآت اترامبية؟.

8. يونيو 2017 - 12:29

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا