الطريق إلى غزة.. زيارة للموت على خطى ابن باديس / محمد عبد الله ولد احبيب

altعلى تمام الساعة السابعة بالتوقيت المحلي لمدينة الجزائر، من صباح أول أيام أكتوبر 2010 لامست عجلات طائرة البوينغ أرض مدرج مطار هواري بومدين.. بعد حوالي أربع ساعات من الطيران.انفرجت مع نسمات الصباح الأولى في درجة حرارة بلغت ثلاث عشرة درجة.

أسارير مجموع الركاب الذين كانت هذه محاولتهم الثالثة لدخول المدينة الأطلسية في حوالي ست وثلاثين ساعة. زيارة الموت على متن أم الجناح الطائرة الأولى التي حملها بعض الركاب اسم "أم الجناح" (بالتصغير) غادرت مدرج مطار نواكشوط مرتين، عاودت الهبوط مكرهة بعد كل منهما بأقل من عشرين دقيقة.  غادرناها في هزيع من ليل الجمعة وهي رابضة في عاصمة يغرقها الظلام الملتف في الضباب محملة إيانا بارقة أمل إلى قطاع غزة المحاصر .. حملتنا العاصمة نواكشوط تحية هاضت كاهل "أم الجناح" مرتين ليشرف بزفها القائد "ميموني". كنت من بين الركاب الذين تفاءلوا كثيرا بهذا الاسم بعد أن تذوقوا طعم الموت مرتين .. لقد أناب من لم يكن ناسكا عند صعوده إلى الطائرة حين لامست خياشيمه زفرات المحيط الأطلسي التي استقبل بها فزعتنا الثانية. شخصيا حسبتها آخر دقائق نعيشها على مسافة من البسيطة، وتذكرت الذين يُخَوِّفون المسير إلى غزة لو رأوا مصارع أحبابهم على بعد مئات من الأمتار .. "قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم". على خطى ابن باديس: الجزائر مدينة لا تغادرها البسمة رغم سنواتها العجاف التي قاربت العقدين .. حتى الشرطة هنا يبتسمون!!. أخيرا ترجل الوفد يتقدمه نائب رئيس الجمعية الوطنية النائب محمد محمود ولد لمات على بعد خطوات من مدخل مطار بومدين .. الدنيا هنا تُذَكرها شالاتنا البيض وخطواتنا الواثقة بأمجاد الأمير عبد القادر والشيخ ابن باديس، لا عجب. الوفد يقفوا هؤلاء.. اليوم الأول في العاصمة الجزائرية برزخ بين المحطتين الأولى والثانية من رحلة منتهاها في القطاع المحاصر بعد سبعة أيام من السفر عبر مدينة دمشق ثم اللاذقية السورية .. ومنها يركب ثبج البحر إلى ميناء العريش المصري.. يحبس سفراء موريتانيا السبعة أنفاسهم عند هذا الاسم.. يرفضون أن يتذكروا سوى الذين عبروا إلى القطاع .. يرقبون أمواج الأبيض المتوسط عبر نوافذ غرف فندق آدغير.. حيث خيم الوفد في انتظار الرحلة القادمة. 

2. أكتوبر 2010 - 17:57

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا