أسفي على نقابة أمام للقضاء / سعيد ولد حبيب

ينتابني شعور مختلط مذ قفزت الى الأذهان مسالة شائكة وجميلة تتعلق بتنقية الحقل الصحافي،وتبدت لي صورة وردية في "مونولوج داخلي" يكاد يشبه الحلم اخشى  ان يتحمض شريط الحلم فينتج صورة مهشمة كعجينة من قمح لم تنضج في فرن طبخ منزلي.
كنت ولازلت احلم بصحافة نظيفة مشرفة ، لا تجعلني اطاطئ راسي واتثاقل عندما يطلب مني ان اخرج بطاقة مهنية

 لتسهيل مهمتي ذلك ان منتحلي هذه المهنة خرجوا من قماقمهم يوم اريد لها ان تظل "رهينة التمييع"
وفي صحوة ضمير قررت ان اتقدم للتنافس في مسارين ضمن تكتيك مرحلي الهدف منه هو المساهمة في صياغة التصورات وتفعيل خطط النهوض بالصحافة وبالمشتغلين بها حتى لا تظل مهنة من لامهنة له ، وفي إطار ذلك المسعى وجدت ان لائحة "الاجماع" التى خاضت منافسة شريفة ربما تحقق لي جزءا من برنامجي الطموح ، وعندما جرت الرياح بما لاتشتهي سفينتي .. تقبلت بصدر رحب وروح رياضية وديمقراطية  النتيجة وهنات رفقة زملائي لائحة الاصلاح متمنيا ان تحقق الهدف الذي نصبو اليه جميعا
لو كان في المنتمين للإجماع "قيد انملة" من المراوغة او لبراغماتية العمياء لكانوا بالمرصاد للتجاوزات والخروقات التى شابت وقتها العملية ـ والتى يعتبرعدم حصول النصاب القانوني وحده ـ كفيلا بنسف كل ما ترتب عليها اضافة الى تواطؤ عناصر في اللجنة  التى اشرفت على سير التصويت مع  لائحة الاصلاح لأسباب بعضا سياسي وبعضها ايديولوجي صرف  ، وغني عن القول ان شرط  اكتمال النهايات تصحيح البدايات ، تلك البدايات التى تجسدت في انتساب مئات الاسماء والعناوين الوهمية الى الحقل واسقاط عشرات الأسماء عمدا دون ان نمتلك الوقت الكافي لمعالجتها ، ورغبة منا في عدم وضع العقدة في المنشار
رغم كل ذلك فقد كنت غير متفائل جدا لقدرة  الزملاء على قيادة سفينة النقابة الى بر الامان  او على الاقل تجنيبها المطبات والحفر في حقل اجدب  تأكل منه  الطير تماما مثلما ينهش بعض منتسبيه من اعراض الناس  وعسى ان يكون حدسي في غير محله
اليوم  وقعت الفأس في الرأس كما يقال  ، عندما خرج من صلب الاصلاح من يطعن في الانتخابات، ويستغل القانون لتعطيل هيكل منهك ينخر السوس عظامه ، وقد كان جليا بالنسبة لي ان الارتجالية وردة الفعل الشخصية هي التى جعلت الصحفيين اليوم يتخاصمون امام القضاء
شعار تنقية الحقل تبناه كل المترشحين وكان بارزا في برنامج لائحة الاصلاح ، اعتقد ان الزملاء المحترمين لم يحسنوا القتلة .. انهم وضعوا السكين في موضع حائر فلم يقضوا على مكمن الوجع بقدرما اذكوا سجالا وخلافا نتيجة تصرف كان بمثابة تصفية حساب شخصي بعيدا من ان يكون خطوة في اتجاه الاصلاح .. وهنا دعونا نتساءل عن كيفية تنقية الحقل والظروف والاجواء التى تمكن من الاقدام على الخطوة الشجاعة
اولا  يجدر بالمرشحين   ان ينضبطوا في التزاماتهم قبيل الانتخابات وان لايقودهم الطمع في منصب "تكليفي" على اعطاء وعود جزافية حتى لا يدفعوا ثمن ذلك حينما يعجزون عن ارضاء كل الناخبين الذين تقدموا فيما يبدو لقاء وعود خلب ، ولنفترض انهم وقعوا في تلك الخطيئة  يستحسن لهم بعد ذلك اعادة ترتيب اوراقهم بناء على  المعطيات الجديدة 
ثانيا : عندما قرروا الشروع في عملية التنقية كان عليهم التمهيد للخطوة بتشاور موسع مع كل الصحفيين حتى يتمكن الجميع من وضع خارطة طريق لانجاز العملية ، واعتقد ان بداية الخارطة هو فتح باب الانتساب ضمن ضوابط وشروط يتم الاتفاق عليها طبقا لما تمليه النصوص واللوائح التنظيمية لعمل النقابة ، ولو انهم اقدموا على ذلك الاجراء طبعا بالتعاون مع اطراف اخرى معنية بتنظيم الحقل لكان من السهل جدا تنظيم حملة انتساب تنظف اللوائح السابقة مما علق بها ، وتحدد معالم الصحفيين بطريقة واضحة
ثالثا :  لا يعجبني هرولة النقابة بحثا عن تمويل يوضع تحت إمرتها او صندوق تمنح مفاتيحه ، فما اخال الوقت مناسبا الى هذه المكاسب وانما كان الاولى بالنسبة لي ترميم الجسم الداخلي لنقابة قمنا جميعا بالتضحية من اجل ان تبقى فيها الروح 
رابعا : اتمنى ان تمر هذه العاصفة دون اضرار وان يتفاهم الاخوة في النقابةـ  المدعي منهم والمدعى عليه ـ  الى لملمة الاوراق وفتح صفحة جديدة ، كما اتمنى  ان يقوم الصحفيون جميعا لاصلاح ذات البين والعودة الى منطق الهدوء والعقلانية لانقاذ هيكل النقابة قبل ان يتهدم فوق رؤسهم ..

15. يونيو 2017 - 18:56

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا