الجهل و الفقر معوقان للوحدة الوطنية / إسلمو أحمد سالم

سال مداد كثير في موضوع الفوارق الاجتماعية ، وولدت منظمات و أحزاب و شخصيات حازت الشهرة ، لكن الواقع ينبئ أننا لا زلنا في بداية الطريق ، و لا زالت الهوة سحيقة و الفوارق كبيرة ، و يظل المناضلون و الباحثون في حدود التنظير و الاستغلال الإعلامي ، دون أن نلمس أثرا رجعيا ملموسا على الأرض يقضي على الظاهرة أو يخفف منها.

ملأ أرجاء الوطن السياسيون بالصراخ و المطالبة بالقضاء على الفوارق الاجتماعية و قامت هيئات المجتمع المدني بذات العمل ، لكن رجالات هذا العمل أو أغلبهم ظلوا يعيشون الرفاهية أو يبحثون عنها ، و يتنقلون بين العواصم الدولية يسوقون القضايا ، و الريف المستهدف غائب عن حساباتهم.
بنظرة بسيطة ،  قد يراها بعضهم سطحية،  لا يوجد ما يفرق بين المكون المجتمعي الناطق الحسانية ، فهم يتقاسمون نفس الرغبات و يتطلعون لنفس الطموحات ، ففي حين يستعذبون تيدينيت ولد أباشه في الحوض ، و يسحرهم أزراك البلاوي في اترارزة و يحبون المدح في انشيري و البلح في آدرار ، و سمك أزول في حوض آركين ، و باسي بلبن الماعز في آفطوط و الكسكس في لعصابة و غيرها، فإنهم يمتلكون  نفس أدوات التجميل و الذوق الفني للأشياء و الإحساس باللغة و جمالياتها و جمال الملابس و نفس  العادات الاجتماعية .
خلال تجربتي في آفطوط ، أرى أن مجتمع الحراطين يتمتع بصفات عظيمة تثري الثقافة و تدعوا للإكبار ، أهمها الوفاء و الصبر ، كيف لا  و قد ظلوا أدوات الإنتاج لمجتمع كامل عبر التاريخ ، يخدمونه و يدافعون عنه و يبذلون طاقاتهم مت أجل رفاهيته ، و يحبونه و يقدسونه و لا يتلقون نفس الإحساس.
لا زالت تجمعات الحراطين تعاني من نقص الخدمات الصحية و الإهمال ، و لا زال أبناؤهم أدوات إنتاج لذويهم على الأقل ، و لا زالوا يعانون من الفقر و الجهل ، و هي معوقات تحول دون تطوير البلد و تدفع في اتجاه شيطنة هذه المشاكل و استغلالها من طرف المتطرفين و تحويل هذا المجتمع إلى قنبلة موقوتة إن تفجرت فسيعم ضررها جميع مناطق الوطن .
لا يعقل أن تكون هذه التجمعات بمظاهر أخبيتها و مستويات أبنائها المعرفية و أنماط حياتها التي تنبئ عن فاقتها ، و بمدارسها المهملة من طرف المدرس و المؤطر و المشرف و الجهة الوصية و نقص خدمات الصحة و الصحة الإنجابية و غياب تطعيم الأطفال و الماء و الكهرباء و مظاهر الحضر ، أن نظل هي نفسها دون تغيير و كانه أريد لها أن تظل على هذه الحال .
لست  من دعاة محاكمة التاريخ ، و لكنني أرى أن هذه الوضعية ملحة و تتطلب توجيه كل الجهود لتعليم و تثقيف هذه الشريحة و إدخالها في معترك الحياة السياسية بندية و مساواة.
إن الترسانة القانونية التي تمت المصادقة عليها في هذا المجال ستكون نصوصا جامدة غير مطبقة ، إذا وجهت الجهود لتنمية و تثقيف هذا المجتمع.
إنني أرى أن مجتمع الحراطين هو أبناء عمومة ، إذا تم تعليمهم و تثقيفهم و تمت معاملتهم بندية و عدل.

15. يونيو 2017 - 16:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا