أنا والإنفاق / سيد محمد بيات

مالي جمعته، تعبت في تحصيله ،فتحت علي أبواب إنفاق تتطلب أن يكون المال بيدي دائما : إنفاق يومي، مرض متوقع ،مصروفات نقل أو اتصال ...أوجه إنفاق كثيره ، ووجوه تحصيل محدودة ، كل ذلك يدعو إلى الحرص، ومزيد من التحصيل والجمع والمنع. وساوس من الشيطان الذي يعد بالفقر "الشيطان يعدكم الفقر.."

إلا أن الله تعالى يذكرنا أن المال ماله "وءاتوهم من مال الله الذي ءاتيكم" والنبي صلى الله عليه وسلم يطمئننا  أنه" ما نقصت صدقة من مال" .
فهل أستجيب لوساوس الشيطان وأبخل بمال أمرني صاحبه المتفضل به علي أن أنفقه ووعدني بتعويضه "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين".
فالصدقة تبارك في المال وتزيد فيه" أنفق ينفق عليك" . "من ذا الذي يفرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم " قرض على الكريم ووعد منه بالمضاعفة وأجر كريم مع ذلك ! أي تحفيز وأي بخل يقعد صاحبه عن الصفقة هذه مع الكريم الوهاب وهل يتاخر عن ذلك مؤمن والله تعالى يبين لنا ترابط الإنفاق والإيمان في آيات كثيرة "آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه " ثم ينادي المتردد ويفتح أمامه خزائنه مع شيء من التقريع "وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السماوات والارض " .
وإذا وصف المتقين كانت صفة الإنفاق ملازمة للإيمان والصلاة "الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون " .
أتبخل بعد ذلك على نفسك أخي المومن ؟دراهم معدوده يتلقاها الله تعالى بيمينه ينميها ويثمرها ويضاعفها أضعافا كثيرة "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " .
الا أحب أن أكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فأحمل صدقتي إلى المحتاج أخفيها حتي لا يراها إلا الذي لا تخفى عليه خافيه
أدسها للفقير وأقول في نفسي تلك لك يا الله خالصة . فكيف إذا كنت إذ ذاك صائما مع ذلك، أثمر صيامي فيكون نور الصوم ونور الصدقة نور على نور .ثم هذا المحتاج المتعفف العاجز عن قوت أطفال يتضاغون من الجوع بجنبه. كيف سيكون فرحه وسروره ودعاؤه .ثم هو من عيال الله، وأحب الخلق الى الله أنفعهم لعياله. أترى أن الله لا يجازيك الجزاء الأوفى على ذلك. استمع إلى قصة هذه المرأة التي كانت ترسل لبن شياه لديها إلى عجائز فقيرات ،فسقطت يوما في قناة لصرف الماء، فحملها الماء تحت المدينه وبقيت أربعة أيام .ولما أخرجوها قالت إن نفس الإناء الذي كانت ترسل فيه اللبن للعجائز كان يأتيها كل يوم !
ألا يسرني أن أدخر من مالي لدى الفقير ما قد يخرجني من أي كرب ففي الحديث تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة.
وأشد الكروب كروب يوم القيامة وقد كان أحد السلف إذا دخل عليه السائل يقول :مرحبا بمن يحمل لنا حسناتنا إلى الاخرة،هل لك من مالك إلا ما تصدقت فأبقيت .وربم بخلت بمالي وخبأته فيسلط عليه اللص أو يتلف بسبب دعوة الملك الذي يدعو كل يوم يقول "اللهم أعط ممسكا تلفا". والبخل من أخطر أمراض القلوب وأشدها فتكا بالايمان ، ولا أستقل صدقة " لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة"
إذا تحرجت من بذل القليل ولم++تقدر على سعة لم يظهر الجود
بث النوال ولا يمنعك قلته++فكلما سد فقرا فهو محمود
وهذا قدوتنا صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ،وقد أنفق أبوبكر ماله كله ،وعمر نصف ماله، وعثمان اشترى الجنة مرتين بشراء البئر وتجهيز جيش كامل..
أين أنا وقد منحني الله الفرصة،ألا يشرفني أن يجعلني الله بريدا تصل عن طريقي بعض أرزاق عباده؟
ها انتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه "
أخي الصائم تخيل أنك تصدقت بمائة أوقية فوافقت ليلة القدر!
إنك بذلك تكون كمن تصدق ألف شهر أي أكثر من أربع وثمانين سنة.
يا باغي الخير أقبل.

15. يونيو 2017 - 19:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا