منذ بداية الأزمة القطرية الخليجية، ونحن نسمع ونقرأ من يوم لآخر تصريحات ومقالات مشاكسة من قبيل : ترهات المرجف الكبير (إسحاق الكنتي( و أصحاب الجشع والطمع، متصيدي الجيوب؛ وذوي الفكر القاصر والعلم الناقص ... ، كالكنتي الشخص الذي يموت سريريا؛ بعد موت سيده وملهمه : القذافي؛ فانقشع عنه الظلام في موريتانيا ليجد ملجأ ومغارة في القصر الرمادي؛
بل ويوظَّفُ مستشارا إعلاميا للرئيس (وهو يرى أن الإعلام كيل الشتائم وتلفيق التهم والعجرفة في القول والأخلاق ...)؛ ويتطاول على قامات فارعة في الجزيرة لكي يكسب فضل ردهم عليه؛ ويبدو وكأنه في منزلتهم؛ وهم بالنسبة له كالآباء علما ومعرفة وتربية ولكن سجيته العقوق المتجاوز لحدوه.
تُري هل تعلمون أن الكنتي هذا كان الأحرى أن يُسمى: مرجًف إسحاق البدعي وليس (محمد إسحاق الكنتي)، لتطاوله على رموز الأمة : الشيخ الددو ولشيخ الغرياني والشيخ القرضاوي وكثيرين ... ويحاول ربط تطاوله عليهم بالأزمة القطرية الخليلجة ليركب ذلك الموج ويغرق في سفينة الموت؛ ناقشا على قبره : دَع النَّدامةَ لا يذهب بك النَّدَمُ *** فَلستَ أَوَّلَ من زَلَّت به قَدمُ.
لن نبتعد قليلا عن الأزمة القطرية الخليلجية التي طبَّل وعَجْرَفَ هذا البدعي لها...؛ فقد بدأت بإقرار الدول الثلاث الرئيسية الحصار؛ فحُوصرت بدبلوماسية قطرية تعرف من أن يؤكل الكتف...؛ وليس الإعلام العالمي اليوم إلا أكبر شاهد على ذلك وعند متابعِه الخبر اليقين؛ وبعد التقارب التركي القطري الأخير وتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك وزيارة وزير خارجية إيران لتركيا لتشكيل حلف ثلاثي : تركي إيراني عراقي، على غرار حلف الحصار جعل عادل الجبير يخفف من حدة تصاريحه الإعلامية تجاه قطر ويقول بأنها “الدولة الشقيقة” بعد كل الحملات الإعلامية التي نهشت لحمها، وخاضت في عرض أسرتها الحاكمة، وهذا يعني أن قواعد اللعبة تتغير بسرعة..
قطر الدولة الصغيرة في الموقع الجغرافي؛ الكبيرة في لعبها الدور الريادي في الأزمات العالمية ... والتي من أهمها القضية الفلسطينية؛ هذه الأخيرة التي ينساها أو يتناساها اسحاق البدعي في أراجيفه وكتاباته الموغلة في المين والحقد على النظام القطري القائم؛ أليس هذا النظام من أعاد إعمار غزة ودعَمها في الحرب الأخيرة مع العدو الصهيوني بأربعة مليارات دولار؟؛ أليس هو من أنشأ المؤسسة القطرية الموريتانية (هيئة خيرية بنت العديد من المنازل للضعاف بالترحيل)؟ ألم يكن أمير قطر أول أمير عربي أصر على حضوره المتميز في القمة العربية بانواكشوط؟
تلك الأسئلة لا يمكن للمرجفين وأمثالهم الإجابة عليها ولسبب بسيط هو أنهم يكرهون أهل الخير وأصحاب الأيادي البيضاء من رموز الأمة وسادتها في القرن العشرين؛ بل ويكرهون كذلك حركة حماس والجهاد والإخوان المسلمون والأعلام الذين تؤوي جلهم قطر على أرضها ( القرضاوي، الغرياني، وكثيرون...) ولعمري إنها هذا ليشرفها قبل أن يكون عيبا لها.
كل ذلك الفضل لقطر جعلها تدفع الثمن غاليا؛ بهذا الحصار والذي هو أمر دُبّر بليل بمؤامرة سعودية إماراتية وبحرينية وبرِشًى قُدمت لتْرامب فكمَّمَت فاهَه؛ وأسالت ريق صاحبنا (باب غور) فقطع علاقتنا بقطر بعد اتصال واحد من ملك السعودية عصْرَ اليوم الثاني أو الثالث من الحصار وكأننا إقليم سعودي للأسف الشديد. ولكن الأدهى من كل ذلك توقيع اتفاقية لاستقدام العمالة المنزلية من موريتانيا إلى المملكة السعودية؛ وكأننا – في نظرهم – جهال وأصحاب حرف فقط؛ ونحن الذين أنجبنا الشيخ الشيخ آب ولد اخطور الذي يعتمدون تفسيره للقرآن أحسن تفسير، وأنجبنا لمجيدري حبلل شيخ محمد بن عبد الوهاب، وكثيرين...
الحصار على قطر سعوديا كان أو غيره؛ سينفك بإذن الله تعالى؛ ولكن لا بد أن تكون بذهن المطلعين على الشأن العام فكرة ولو قليلة عن السر وراء كل هذا التكالب والهجوم الشرس على قطر وتلك الحركات وأؤلئك الرموز والأعلام، والسؤال المطروح ما الذي جعل السلطة العليا في البلد تطلق العنان لبعض الأنذال – مُدعي المعرفة – وهم منها براء؛ ليتطاولوا على علماء الأمة وأشرافها متحججين بالأزمة القطرية الخليجية وما أشبه ذلك؟ وما الحجة المدحضة والبرهان الساطع للرئيس في إقناعنا بأن قطر إرهابية؟ وما الذي جعله يحتقرنا إلى درجة قطعه علاقة مع دولة شقيقة بالأمس وعدوة اليوم دون أن يخرج إعلاميا ويوضح الدواعي والأسباب؟ وهل كان يكفي بيان وزارة الخارجية الغير موقع والغير مختوم في إبراز الدواعي والأسباب؟
أخيرا ليعلم المرجفون في اانواكشوط والعالم أنه وإن مرت أيام وأيام على الأزمة الخليجية وبدأ العد التنازلي لنهايتها، وظل الغوغائيون في موريتانيا والعالم العربي يتفرجون!! فلن يضروا إلا أنفسهم، فدولة كقطر تملك 300 طائرة شحن لفك الحصار ولو جويا بتأمين الغطاء الجوي من إيران وتركيا، ويندم من ينكر جميل الأشقاء، ومن الغباء والجهل ظننا أن قطر كسوريا والعراق واليمن ودول أخرى.