عن مقاطعة قطر وتهمة الإرهاب المعلبة / أحمد أبيه

منذ اندلاع الأزمة بين دولة قطر والتحالف الإماراتي - السعودي مطلع الشهر الحالي، والتغطية الإعلامية مستمرة على مدار الساعة، إلا أن أغلب المؤسسات الإعلامية المسؤولة عن تلك التغطية التي واكبت الحدث في اللحظات الأولى لم تستطع، بفعل الصراع المتضاد، حتى الآن أن تتيح الفرصة للآراء التي تحاول سبر أغوار الخلفية الشمولية في قرار مقاطعة ومحاصرة قطر لفرض الوصاية عليها،

 بل أن أغلب تلك المؤسسات وخاصة المؤسسات التابعة للحلف الإماراتي - السعودي ركزت فقط على تقديم مواد إعلامية مضللة للمشاهد أقلّ ما يقال عنها أنها استغباء للمشاهدين ناهيك عن رداءتها.      
بغض النظر عن المؤامرة الجلية في اتخاذ موقف مقاطعة قطر بعد قمة الرياض مباشرة، فإنه عند القيام بتفكيك بسيط للتهم - التي برّر بها الحلف الإماراتي - السعودي مقاطعته لقطر- وإسقاطها بالمقابل على أي دولة من الدول المشكلة للحلف المذكور يتضح لنا زيف وهشاشة قرار المقاطعة الموجه سياسياً واقتصادياً، بالإضافة لذلك أنه في حالة إسقاطنا تلك التهم على الحلف المذكور سنجده في  تلبس بجرائم أبشع من اتهامه لقطر الصامدة حتى الآن، رغم الحصار البري والجوي والحرب الإعلامية الدوغمائية  في الدول المقاطعة التي تحظر حرية التعبير عموماً، وتقمع الرأي المتعاطف مع قطر خصوصاً، وتمارس الوصاية على الدول ذات الأنظمة العسكرية المرتزقة.
أظهرت التهم المقدمة من طرف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على لسان وزير خارجية الأولى في برلين لتبرير قرار مقاطعة قطر خصوصاً للدول الأوروبية التي لم تشارك في قمة الرياض، تمييعاً مخجلاً لمفهوم الإرهاب، فأصبحت تهمة "الإرهابي" لصيقة بكل من يرفض الرضوخ للأنظمة العربية الديكتاتورية أو يقاوم الاحتلال الإسرائيلي البغيض  لتحرير أرضه المحتلةً! حسب تصريحات الجبير وتغريدات  قرقاش والبيان الموقع من طرف الثلاثي الخليجي: الإمارات والسعودية والبحرين، بالإضافة لدولة مصر التي ظهرت بصمات نظامها القاتل في إعداد لائحة الشخصيات والكيانات المتهمة بالإرهاب.
لم يختصر البيان المخجل ذاك على تمييع وتعليب مفهوم الإرهاب فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك حين كشف عن وجهٍ قبيحٍ لتلك الأنظمة التي طالما حاولت إقناع شعوبها أنها تقف إلى جانب القضية الفلسطينية، بينما تدعو اليوم لمحاربة فصيل من أبرز فصائل المقاومة في دولة فلسطين المحتلة وتصفه بالإرهابي، وهي الصفة التي فشلت كل الحكومات الإسرائيلية في تسويقها لغالبية الأوساط التحررية بالغرب.
حتى جماعة الإخوان المسلمين لم تسلم هي الأخرى من حملة التشويه هذه، إذ أدرجت أسماء شخصيات منها - كانت في الأمس القريب على تصالح مع الأنظمة الأميرية في الخليج - في تناقض فاضح يبدو أيضًا جليًا في حال اتهام قطر بالتدخل في شؤون الدول العربية من قبل حلف المقاطعة الذي يواصل في الوقت نفسه التدخل في اليمن وليبيا، ويتحالف مع نظام السيسي  المسؤول عن أرواح  آلاف الرافضين لنظامه الانقلابي الديكتاتوري، الذي يلاحق المعارضين بالإبادة والسجن التعسفي وتهمة الإرهاب المعلبة.
السكوت على استهداف الإخوان - رغم اختلافنا الفكري معهم- بهذه الطريقة الهمجية تخل عن المبادئ والقيم الديمقراطية؛ خصوصاً أن الفصيل السياسي المذكور مستهدف منذ فترة بعد وصوله إلى الحكم  في مصر عن طريق صناديق الاقتراع، وتم الانقلاب على نظامه عن طريق بعض الجنرالات المدعومين من الإمارات التي تقف خلف كل الاستراتيجيات الماكرة لإفشال ورفض خيارات الشعوب العربية منذ الانتفاضة الأولى من "الربيع العربي" المستمر حتى تتخلص البلاد العربية عامة من الأنظمة الديكتاتورية وتنعم بالحرية والعدالة والمساواة.          

24. يونيو 2017 - 18:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا