من المعروف أن الدبلوماسية هي وجه الدولة الذي تطل به على الخارج ، ولذلك يقول الدكتور بطرس غالي " إن الدولة لديها حساسية مفرطة اتجاه صورتها تشبه حساسية المرأة اتجاه مظهرها".
وقد كانت موريتانيا تعيش شبه عزلة دبلوماسية تامة منذ ما يربو على ثلاثين سنة ،
وذات حضور باهت في المحافل الدولية ، لكن منذ السنتين الأخيرتين تحديدا بذلت الدولة جهدا ملحوظا ودورا ملموسا لتحسين أداء دبلوماسيتنا والرفع من مستواها ، سعيا إلى لعب دور نشط وفعال في المحافل الدولية كافة ، ما حسن صورة بلادنا لدى الشركاء الدوليين ، وهو الشيء الذي تم تحقيقه بالفعل جراء العزيمة والإصرار. لذا نجد بلادنا حاضرة وبقوة ، فهي عضو نشط وفعال في الفضاءات الدولية كافة، فهي حاضرة بقوة في اتحاد المغرب العربي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز والأمم المتحدة.
و شهدت الأنشطة الدبلوماسية الموريتانية في السنوات الأخيرة ديناميكية غير مسبوقة، تمثلت في تفعيل سياسية خارجية متوازنة للبلاد وتوسيع تمثيلها الدبلوماسي على المستوى الدولي، وتعزيز حضورها الفعال في الأنشطة الدولية الهادفة إلى تعزيز السلام و دفع التعاون الدولي، سواء على المستوى الثنائي وكذا المتعدد الأطراف. كما اضطلعت دبلوماسيتنا بأدوار ريادية في ما يتعلق بالتدخل لحل الأزمات السياسية والصراعات الإقليمية و الدولية. حيث سعى فخامة الرئيس منذ وصوله للحكم إلى إعطاء الصورة اللائقة عن موريتانيا من خلال توسيع دائرة علاقاتها ببقية بلدان العالم ، وهو ما تجسد في الوساطات الأخيرة وإيقاف نزيف الدم في كل من مالي وغامبيا ، وفي المقاربة الوطنية لمكافحة الإرهاب ، وكذلك في الحوار مع السلفيين وتنفيذ العمليات النوعية خارج الحدود من أجل حماية أمن واستقرار البلد.
ومن بين مظاهر تفعيل السياسة الخارجية للوطن دعم بلادنا لبعض الدول التي تشهد حروبا أهلية مثل جمهورية إفريقيا الوسطى والتي تعد موريتانيا مشاركة في قوات حفظ السلام الأممية المتمركزة هناك. كل ذلك جعل موريتانيا تتألق وتصبح رقما يصعب تجاوزه وتعول عليه مختلف القوى الإقليمية لحماية المنطقة والدفاع عنها.
وقد استطاعت الدبلوماسية الموريتانية أن تكون أداة ورسولا أمينا للسياسة الخارجية الوطنية وهو ما تبلور في نشاطات الوزير المتكررة في هذا الصدد والتي كان آخرها ما يتعلق بالمعاهد العلمية في كل من المملكة المتحدة وفرنسا.
وتكشف الوقائع التاريخية وتجارب الدبلوماسيين المخضرمين أن الدبلوماسية الناجحة هي وحدها القادرة على تحقيق الأهداف الكبرى للدول بغض النظر عن مستوى القوة العسكرية للدولة ، فكم من مكاسب عظمى استطاعت القوة الناعمة (الدبلوماسية) تحقيقها وعجزت عنها القوة العسكرية!
وباختصار فقد استعادت الدبلوماسية الوطنية - في الفترة الراهنة - مجدها وألقها وفاعليتها ونشاطها خدمة لتاريخ وسمعة بلاد المنارة والرباط التي كانت حضنا لسفراء العلم والمعرفة ، وعنونا للمحبة والوئام والتسامح.