لم أكن أنوي أن أكتب في موضوع الخلاف الخليجي – الخليجي لكوني اعتقد أنه فتنة من الفتن الكثيرة التي بُليت بها الأمة و أن الإعراض عنه أكثر نفعا ربما من الخوض فيه أما وقد طال أمد الخلاف فقد قرَّرْتُ أن أُبديَ بعض الملاحظات البسيطةَ عليه:
أولا : من حقِّ دولة قطر أن تتحالف مع أي حركة سياسية ما دام ذلك لا يؤثِّرُ على استقرارِ دولة أخرى خاصَّةً حين يتعلَّقُ الأمر بحركة مُسالمةٍ مثل حركة الإخوان المسلمين.
ثانيا : الخلاف القطري- السعودي ليس جديدا في فدولة قطر الصغيرة جدًّا تحلمُ بمنافسة المملكة العربية السعودية و لذلك لطالما تحالفتْ مع أعداء المملكة في الخارج فهي من قدَّمت كلَّ الدعم المادي و المعنوي لحزب الله و حلفائه في لبنان في مواجهة حلفاء السعودية في لبنان كتيار المستقبل فقد كانت تقوم بتمويل الحملات الانتخابية لخصوم التيار وهي من قدمت الدعم المالي سرًّا للحشد الشعبي في العراق و للحوثيين.
ثالثا : لم تتعاط المملكة بالحكمة في إدارة الخلاف و لا في وقت إثارته فهي غارقة في مشاكل داخلية و خارجية سببها طول حرب اليمن و انهيار أسعار النفط و في حرب مصالح مع إيران و في رهانها على أنظمة فاسدة و غير شعبية.
رابعا : الدعم المادي القطري للقضية الفلسطينية هو دعم جديد و هو لم يبدأ إلا بعد إعلان حماس خروجها عن السلطة المركزية و هذا الدعم حيزه الجغرافي ضيق حيث لا يتجاوز غزة .
خامسا : اثبت هذا الخلاف أنه لا توجد حرية إطلاقا في دول الخليج فلم نر شخصية واحدة تخرج على الإعلام و تنتقد موقف بلادها.
سادسا : الخاسر الأكبر في هذه الأحداث هو قناة الجزيرة و مصداقيتها الإعلامية وشعار الرأي و الرأي الآخر فقد كرَّست هذه الأحداث أن قناة الجزيرة جزء من الإعلام العربي المكرس للدفاع عن الأنظمة فقد ظهرت مجرد بوق لقطر و تحول إعلاميوها إلى جيش يمجد النظام القطري و يتغنى ببطولاته . سابعا : من العجب أن نسمع أصواتا و نقرأ كتاباتٍ تمدح الجزيرة و تتغنى بخدمتها لقضية العرب فلسطين و هل شاهد العرب قنواتٍ عربيةً تستضيف مجرمي حربٍ صهاينةٍ يشرحون فيها وجهات نظرهم القذرة قبل قناة الجزيرة و هل شاهد العرب قناة لهم تُقسِّمُ خريطة فلسطين قبل هذه القناة.
ثامنا : من الجبن و العجز مطالبة خصوم قطر لها بإغلاق الجزيرة فهو إقرار منهم بأنهم قد خسروا حرب منافستها إعلاميا.
تاسعا : لا أحد يُمكنه المزايدة على الدعم الإماراتي للقضية الفلسطينية و خاصة في عهد الراحل الشيخ ’’ زايد ’’ رحمه الله فقد كان هناك صندوق لدعم الفلسطينيين في كل المجالات ..
عاشرا : شئنا أم أبينا تتحمل الجزيرة و فتاوى بعض العلماء الموجودين في قطر مسؤولية كبيرة جدًّا مما وصلت إليه الأوضاع ليبيا و سورية و تتحمل حكومة قطر مسؤولية فشل وساطة الملك عبد الله في حل الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني سابقا.
الحادي عشر : من الغريب أن تُعيِّرَ قطر و حلفاؤها خصومهم بالتطبيع مع العدو الصهيوني فهو من باب ’’ رمتني بدائها و انسلت ’’ فقطر أول دولة عربية اُفتتح فيها مكتب تجاري صهيوني و قد زارها مجرمون صهاينة علنا.
ثاني عشر : لطالما تحالفت قطر مع خصوم المملكة العربية السعودية على الرغم من قربها الجغرافي منها و كثرة المصالح المشتركة بينهما.
ثالث عشر : كان العرب حاليا يُعولون كثيرا على المملكة العربية السعودية للنهوض بالعرب و قيادة سفينتهم و التصرف كأمٍّ لهم بدل تحريض الأقطار العربية على قطع علاقاتها مع قطر.
رابع عشر : أثبتت الأحداث أن الجامعة العربية التي انفق عليها العرب الكثير الكثير من أموالهم و طاقاتهم هي مؤسسة فاشلة و لا قيمة لها .
خامس عشر : كسبت قطر الحرب شعبيا على مستوى الوطن العربي لامتلاكها لقناة الجزيرة و لسوء قرارات خصومها بحصارها .
سادس عشر : الخاسر الأكبر هم العرب و الرابح الأكبر خصومهم من الفرس والأتراك و العدو الصهيوني ( مع وجود فارق كبير طبعا في درجة العداوة ) وعدو الأنظمة المشترك النظام السوري.
سابع عشر : ينتهي هذا الخلاف و يُصبح جزءا من الماضي حين تتخذ الإدارة الأمريكية قرارا بذلك فلا أتوقع من حكامنا التحلي بالحكمة و تغليب مصلحة الأمة العليا .