حالة من الركود تطغى على المشهد السياسي الوطني هذه الأيام، وحالة من الضبابية تخيم على أجواء المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بعد إعلان الحكومة أكثر من مرة عن عزمها تنفيذ مخرجات حوار اكتوبر 2016 الذي لم يشارك فيه المنتدى وأعلن عن رفض ما تمخض عنه من مخرجات، المنتدى المعارض يبدو أنه ركن إلى الدعة والراحة وابتعد عن الساحة في هذه اللحظة السياسية الحرجة،
تاركا المجال أمام النظام ليسرح ويمرح في مشهد سياسي مرتبك أفرزه ذلك الحوار الأعرج الذي مات في مخاضه.
الوقائع على الأرض تقول إن المنتدى المعارض وحلفاءه في حزب التكتل وإيناد والطلائع والمغاضبين من المعاهدة المحاورة رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، واكتفوا بمراقبة المشهد السياسي من بعيد، وكأنهم بذلك يعلنون انسحابهم من الساحة خوف الهزيمة في نزال قد لا تحمد نتائج المشاركة فيه.
ما أعتقده هو أن المنتدى ربح من مقاطعته للحوار وكشفت مسيرته التي نظمت يوم 29 اكتوبر 2016 عن أن الشعب الموريتاني يرفض مخرجات ذلك الحوار وبالتالي خرج إلى الشارع فور دعوته للمشاركة في تلك المسيرة وبحشود هائلة ليعلن رفضه لما أنتجه ذلك الحوار الذي استمر على مدى شهر دون الخروج بتوصيات تمس جوهر حياة المواطن وتسعى إلى إزالة أو حتى مجرد التخفيف من حالة البؤس التي يعيشها.
كشفت تلك المقاطعة عن الفعل السياسي السيئ الذي ارتكب باسم الشعب في حوار هزلي كان لعبة لا تخفى تفاصيلها على المتبصر والمتأمل. وبرهن المنتدى على وجوده في الساحة بتلك المسيرة الغاضبة الحاشدة، وهو اليوم مطالب بتوضيح أن غيابه شبه الكامل هذه الأيام عن الساحة السياسية وعن الفعل الميداني لم يؤثر على وجوده في الساحة وحضوره في المشهد.. لذلك من الضروري أن يبتعد المنتدى عن الركون إلى الراحة والخلود إلى السبات السياسي الذي يكتنفه الآن (يقول البعض إن المنتدى يعمل بصمت) ، لأن ذلك يتنافى مع الفعل السياسي المؤثر والمطلوب في هذه اللحظة السياسية الحرجة والتي يحاول النظام فيها العبث بالدستور الوطني وتدنيس العلم الوطني بـ"خطوط حمراء".
ما من شك في أن الساحة السياسية مقبلة على كثير من الانسداد الناتج عن اللعبة الانتخابية العرجاء التي يريد النظام تنظيمها في قادم الأيام، وهذا بالضبط ما يدعو المنتدى المعارض إلى أن يكون حاضرا ببديهته السياسية التي من المفترض أن توجه الساحة إلى إبداع حراك سياسي جدي وتبتكر نوعا جديدا من الضغوط المؤثرة، عسى أن يغير أو يوجه من خلال ذلك الحراك المطلوب جميع الفاعلين السياسيين المناهضين للعبث بالدستور لما يخدم أهدافه المرحلية التي هي صيانة الدستور، وهو بذلك يضغط على النظام المهزوز في صورته عند العامة بفعل الخطوات غير المحسوبة على الصعيد السياسي والقرارات الغير مدروسة على الصعيد الدبلوماسي.
الواجب السياسي للمنتدى المعارض وحلفائه يفرض عليهم التحرك اليوم قبل الغد من أجل استثمار هذا الاحتقان الحالي في الضغط الجدي والفعال على النظام الحالي، علهم بذلك يحركون المشهد السياسي الراكد هذه الأيام. وأعتقد جازما أن أنهم سيلبون نداء الواجب.