قبل الاستفتاء العام على التعديلات - أو بالأحرى التصحيحات الدستورية كما نحب أن نسميها- في 5 أغسطس القادم تحشد الدولة كافة الجهود لتوفير الإمكانات اللازمة لإجراء التصويت في أحسن الظروف.
ومع أن المعطيات الأولية تشير إلى نجاح هذا الاستفتاء و فوز التصحيحات بنسبة كبيرة قد تفوق ال 80% إلا أن أحزاب الموالاة والأحزاب المعارضة المشاركة في الحوار
الذي أنتج هذه التصحيحات تستعد للقيام بحملات تحسيسية حول التصويت وإظهارا لفائدة المقترح.
وكما هو معلوم فإن الحملات السياسية من هذا النوع ضرورية وعادية ومتعارف عليها عالميا ويسهل على العاملين في هذه الحملة بشكل خاص ارتفاع شعبية الرئيس محمد ولد عبد العزيز ويجعل الجهد المطلوب لإقناع الشعب الموريتاني بأي مقترح تتقدم به الحكومة - بقيادة المهندس يحيى ولد حدمين أمرا سهلاً وبسيطاً.
فمن ليس فخورا بجيشه القوي المجهز بآخر التجهيزات وأحدثها والذي أصبح أحد أهم الجيوش في المنطقة بعد أن كان أفراده هدفا سهلا للإرهابيين وقطاع الطرق في تورين ولمغيطي ؟! من ليس فخورا بهذا الجيش فلا حاجة لموريتانيا بتصويته.
لا تريد موريتانيا كذلك تصويت من ليس سعيدا بقوة ويقظة أجهزتنا الأمنية التي استطاعت توفير الأمن على عموم البلاد وفي فيافي وصحاري موريتانيا الشاسعة بعد أن كانت أصوات الطلقات النارية واختطاف الضيوف تكاد تكون شيئا عاديا بل مألوفا كما هو الحال في منطقتنا التي تعج بالفتنة والاضطرابات.
لا نريد في موريتانيا تصويت من ليس ممتنا لضبط هويته الوطنية وفق آخر المواصفات بعد أن كانت أوراق البلد تباع بأبخس الأثمان.
لا تريد موريتانيا صوت من لا يحس بالسعادة والارتياح لمكانة موريتانيا التي استطاعت بفعل استقرارها وحنكة قيادتها ممثلة في سيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أن تترأس كل المنظمات الإقليمية وتنجح في كسب تحديات المكانة والنفوذ الدولي فاستطعنا بفضل وعي قيادتنا أن نكون رقما كبيرا ونقطة تقاطع في السياسة الإقليمية والدولية تستشيرها وتطلب تدخلها بل وتخطب ودها الدول الكبري إقليميا وعالميا بعد أن كان أقرب المقربين يربط اسم موريتانيا بالتخلف عن الركب العالمي هذا إن لم يربطه مع أي اسم يقاربه في النطق دون ذكر أو استشعار للتاريخ أو الجغرافيا.
لا نريد كذلك صوت من لا يري ما تم إنجازه علي مستوي البنية التحتية والذي فاق ٥ مرات ماتم إنجازه خلال الخمسين سنة الماضية من طرق ومستشفيات ومطارات بمواصفات عالمية واسطول طائرات في تزايد دائم.
لا نحتاج صوت من لم يشعر بالأمان المادي من مدخرات الخزينة المعتبرة فبعد أن كانت موريتانيا تعجز في أغلب الأحيان عن تسديد رواتب موظفيها إلا عن طريق الاستدانة أصبحت اليوم تشارك في مسارات التنمية الإقليمية وابسط دليل على ذلك تصدير الكهرباء للدول المجاورة مع التسارع المستمر لتنويع مصادر الطاقة داخليا.
لا نحتاج تصويت من ليس سعيدا ببرنامج أمل ووكالة التضامن وشركة توزيع الأسماك التي قضت على الكثير من حالات الفقر والعوز التي كانت منتشرة للأسف الشديد، كما لا نحتاج تصويت من لم يسعد بفتح المسابقات الشفافة أمام الجميع ممن لا يملكون وساطة ولا ظهيرا.
لا نريد أصواتَ من لا يدري – ولا يفهم- أن الغرض من هذه التعديلات هو القيام بقفزة أخري تشريعية تتوج وتعزز كل ما سبق من انجازات في مجالات الأمن والإقتصاد والطاقة والتعليم والبنى التحتية وغيرها بإنجازات تشريعية.
حيث أن البوابة الرئيسية لفهم مقترح التعديلات الدستورية الحالي – بشكل مبسط – هو السؤال التالي أيهما الأفضل برلمان من غرفتين أم برلمان من غرفة واحدة ينتخب اعضاءه بالاقتراع المباشر علي قاعدة ثقة المواطنين وخدمة مصالحهم ؟؟ أيهما أفضل مجلس شيوخ في انواكشوط أم مجالس جهوية محلية ترعى مصالح المواطنين في جهاتهم عن قرب ؟؟
ورغم ما قيل أو قد يقال فإن إلغاء إحدي الغرف في البرلمان ليس موجها ضد أشخاص بعينهم وليس تصفية لحساب من أي نوع، كما أن دمج هيئتين أو ثلاث في هيئة واحدة لا يضيع حقوقا ولا يهدم إنجازا إذ أن المجالس المحلية المزمع تشكيلها لا يتجاوز كونه تطورا ديمقراطيا يجب أن يكون مطمحاً لكل ذي رأي لما يوفره من تمثيل موسع وتوزيع برامج التنمية علي المستوي الوطني.
وبخصوص التغييرات المتعلقة بإضفاء تخليد رمزي يشير لبطولات المقاومة على العلم الوطني فهو مطلب ومطمع قديم لفئة عريضة من الشعب الموريتاني إذ هو أقل القليل في حق من ضحو بدمائهم وأشلائهم في سبيل هذه الأرض الطاهرة.
أن أي مواطن لم يري كل تلك الإنجازات التي تحدثنا عنها دون اسهاب -ولنا عودة إليها في مقالات قادمة إن شاء الله - فإما أنه قد غيب وعيه أو عطل حسه الوطني أو أعمته الدعاية المزيفة التي لن تصبر حتى تذهب جُفاءا !!!
من لم يرَ خيرية التصحيحات بناءا على احقيتها وقياسا على ما قبلها فموريتانيا في غنى عن تصويته وهي غنية بأصوات المخلصين من أبنائها الذين يدركون أن التصويت بنعم هو الجواب الوافي لكل من يريد موريتانيا قوية بجيشها مستقلة بقرارها مالكة لسيادتها ناجحة في اقتصادها آمنة في ديارها.