ينظم حزب الاتحاد من أجل "الجمهورية" مؤتمره الوطني الأول يومي الجمعة والسبت 09- 10 يوليو 2010، في محاولة منه لتجاوز مرحلة التحضير و"الطوارئ" والدخول في الوضع العادي بعد انتخاب هيئاته القيادية "التي ستفرزها القواعد الانتخابية"، كما تعهد بذلك "الآمر والناهي" الأول في الحزب، بل في الدولة محمد ولد عبد العزيز.
تهيأت نواكشوط للمؤتمر "الأول من نوعه" وانتشرت اللافتات والشعارات في أكثر من مكان، وكانت من بينها لافتة وضعت في أكبر ملتقيات طرق العاصمة (ملتقى طرق مدريد) وبالتحديد بجانبه الشمال الشرقي، تكشف اللافتة – كعشرات اللافتات- عن إنجازات الحزب والحكومة، التي هي جزء من الحزب وتعبيره التنفيذي، وآليته لتجسيد "البرنامج الطموح لموريتانيا الجديدة"، ولحركة "التغيير البناء". شعار يقول: "عاشت عودة العلاقات مع شركاء التنمية"، تبدو العلاقة واضحة بين اللافتة وطاولة بروكسل للمانحين، حيث "حصدت الحكومة 3,2 مليار دولار، وقد فاقت توقعات الحكومة، والتي هي 4,28 مليون دولار، ومن لم يفهم، فليبحث عن طريقة لسؤال الوزير الأول فأنا كذلك لم أفهم، ثلاث مليارات ومائتي مليون دولار(بعضها أنفق سابقا وبعضها وعود طالما أخلف أصحابها)، تفوق التوقعات التي هي 4,28 مليون دولار!!!. على العموم يمكن القطع أن ما يعلنه الشعار صحيح، وهو عودة "العلاقات مع شركاء التنمية"، لكن هذا الإنجاز الكبير يستدعي بالضرورة سؤالا؟، وهو من قطع هذه العلاقات حتى تكون إعادتها إنجازا يتفاخر بهم مناضلو الحزب "الجمهوري" (خطأ مطبعي لم أشأ تصحيحه)، وحتى يوضع إعلان عنه في أكبر ملتقيات طرق نواكشوط. لم يتقادم الزمن حتى ننسى أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورفيق سلاحه محمد ولد الغزواني بانقلابهما يوم السادس أغسطس 2008 على التجربة الديمقراطية الهجينة التي رسما خطوطها، قد "قطعا" العلاقات مع شركاء التنمية، وأجهزا على المشاريع التنموية التي كانت في طور الإنجاز، وأنه "منذ انقلاب السادس أغسطس لم يبدأ أي مشروع جديد"، والعهدة على زعيم المعارضة، كما أن نسبة الفقر في البلاد تصل إلى "42% سنة 2008 والفقر المدقع 39%، وترتفع النسبة في الريف أكثر" والعهدة على تقرير الحكومة المقدم لطاولة بروكسل. ثم إن الأمر على ما يبدو تحول بقدرة قادر إلى إنجاز بعد أن كنا في السابق نؤكد استغنائنا عنهم، وعدم حاجة البلاد إليهم، وأن موريتانيا لديها من الموارد ما يكفي الشعب، وسيوزع عليها عدالة، فالمتوفر "من العدالة سيوزع عليكم" كما قال ولد عبد العزيز في أول خطاب له. وبما أن المناسبة هي المؤتمر الأول للحزب الحاكم "الاتحاد من أجل الجمهورية" فهي فرصة للحديث عن الحزب وآفاقه، خصوصا وأنه –على ما يبدو – حاول القطيعة مع المسلكيات التي كانت سائدة في عمليات انتساب الأحزاب الحاكمة، فقد اعتمد نظام معلومات يمنع ازدواجية التسجيل، لكنه جعلها بعدية، أي أن التحقق يتم في نواكشوط، أما الداخل فقد وقع فيه عجبا... حيث تجاوز عدد المنتسبين للحزب الحاكم عدد المسجلين على اللوائح الانتخابية، بل وفي بلديات عمدها من المعارضة. تحرص قيادة الحزب الحاكم على الظهور بمظهر مغاير لطبيعة الأحزاب الحاكمة سابقا في موريتانيا، حيث حاول أن يمول "حملة انتسابه" من خلال "منح وهبات وتبرعات" "المتعاطفين" والمنتسبين، وأن يعلن – دون أن تطبق تطبيقا صارما- منع استخدام وسائل الدولة في حملة الانتساب، وإن كان وزراء الحكومة نشطوا في الحملة بل ونزلوا للتصارع مع الفاعلين السياسيين، وأدى ذلك لتمديد فترة التنصيب لمرات. كل ذلك إضافة للدليل القاطع وهو إطلالة –ولو سريعة على لائحة المؤتمرين- يقول إنه لا جديد تحت سقف "قصر المؤتمرات يومي الجمعة والسبت"، وأن حليمة لم تمل عادتها، وأن حملات لمحاربة الفساد أو السمنة أو الأمية على الأبواب، وأنه "هو" ما زال هو المحور في كل العملية... وأن "موريتانيا الجديدة" "والتغيير البناء" و"رئيس الفقراء" كل ذلك بقي شعارات، بل بدأ يسقط "من شعارات المرحلة" لتدخل على الخط شعارات جديدة، منها "العلاقة بشركاء التنمية"، و"الحرص على مصلحة البلاد" "وإنجازات طرقية شاهدة"، و"استعداد فوري لحوار سياسي شامل".