لماذا أصوت بنعم للإصلاحات الدستورية ! / يحي ولد أبنو

يهتم الدستور برسم ملامح الدولة وطبيعتها وهويتها ويبين الحقوق والواجبات الخاصة بالمواطنين والمسؤولين وشكل الحكومة ونظام الحكم وصلاحيات كل سلطة وأهم الأعمال التي يجب على الحكومة القيام بها. ويعتبر دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية من أكثر الدساتير ملاءمة لتطلعات الشعوب.
حيث يكفل الحريات ولا يمكن التعديل فيه أو التغيير إلا من خلال إرادة الشعب.

ولأن رئيس الجمهورية هو خيار الشعب -حيث يتم انتخابه مباشرة من قبل الشعب دون واسطة- فله الحق في استشارة شعبه في أي تعديل دستوري يرى أنه سيساهم في بناء الوطن ونمائه، وهو ما تكفله له المادة 38 من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
وموريتانيا اليوم مقبلة على استفتاء حول إصلاحات دستورية هامة وتاريخية، ترسخ اللامركزية وقيم الوطنية وتمجيد الشهداء.
وهي أمور لا غنى عنها لبلد يسعى أهله إلى تحقيق تنمية شاملة في شتى المجالات.
ولا يمكن للتنمية أن تتحقق بشكل شامل إلا إذا وجد توازن في التنمية بين العاصمة والمدن الداخلية الأخرى.
وهو ما تسعى هذه الإصلاحات إلى تحقيقه من خلال إنشاء مجالس محلية تساهم بشكل لا مركزي في تذليل الصعاب وإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، من أجل تنمية محلية تراعي خصوصية المنطقة وما يناسب الساكنة.
وسأكتفي هنا بإيراد مثال واحد على ذلك (في ولاية آدرار) -وما أكثر الأمثلة في ولايات الوطن الأخرى فلكل ولاية خصوصيتها- وهذا المثال يتعلق بمجال التعليم الذي يعتبر من أهم روافد التنمية. فعندما اتخذت السلطات العليا في البلد قرارا بإغلاق كل مدرسة لا يتجاوز عدد التلاميذ فيها 40 تلميذا، كان ذلك قرارا صائبا لأنه يرشد على الدولة مواردها ويجعل توزيع عدد الأساتذة على عدد التلاميذ أكثر عدالة؛ كما يحد من فوضوية التقري ويجعل ساكنة الأرياف والبوادي يتجمعون في أمكنة محددة تسمح لهم بتعليم أبنائهم بشكل أفضل ووصول الخدمات إليهم ويسهل عملية التنمية.
إلا أن هذا القرار جعل آدرار تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد المدارس التي تم إقفالها. ففي هذه الولاية يقطن الساكنة -منذ عدة قرون أحيانا- أي منطقة يوجد بها وادي أو حتى جدول ماء ضحل يمر بين الهضاب؛ فجل اقتصادهم يعتمد على الواحات، فيزرعون تحت النخيل ويبنون مساكنهم حولها.
فلا يمكن لأي قرية مهما صغرت أن ينزح ساكنتها إلى منطقة أخرى ويتركون نخيلهم ومساكنهم. فلو كان لدينا مجالس محلية وقتها لراعت خصوصية الجغرافيا وتضاريس هذه الولاية.
ولربما وجد المجلس المحلي على مستوى الولاية حلا غير إقفال المدارس في هذه المنطقة، واتخاذ قرار لا مركزي مناسب يلائم الساكنة ويخفف الضغط على مركز القرار في العاصمة ويساهم في التنمية المحلية.
عموما، فإن كل الإصلاحات الدستورية المقدمة لاستفتاء الشعب ليس فيها ما يعارض مصلحة الوطن، بل إنها جميعها ضرورية من أجل تحقيق التنمية المنشودة وبناء وطن يعتز بثقافته وتاريخه وأمجاده.
وهذا ما يجعلني -كأي مواطن آخر- أحرص على التصويت بنعم، وأعتبر ذلك واجبا وطنيا.
عاشت موريتانيا حرة أبية نامية مزدهرة..

6. يوليو 2017 - 8:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا