هل ستزورهم فعلا سيدي الرئيس ؟ / أحمد ولد محمد المصطفى

altيتحدث الإعلام الموريتاني عن زيارة يقوم بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى مدينة العيون عاصمة الحوض الغربي، كما سيتحدث عن وعود وإنجازات وتدشين مشاريع جبارة في شتى المجالات على رأسها الصحة والطرق...

زيارة الرئيس (أي رئيس) لأي ولاية تكون –عادة- فرصة لكثيرين، فأطر الولاية والولايات المجاورة يتكدسون بالمئات في الخيام التي تنصب ليمضي فيها الرئيس ساعة من الزمن أو أقل، وقد تكلف من الأموال ما لو أنفق على مشاريع تنفع السكان لأغناهم، وكان بإمكان الرئيس وأطره المجلوبين أن يجتمعوا –كما كانوا يفعلون- في نوكشوط ليتحدثوا عن أناس عهدهم بهم أيام الانتخابات، وحين كانت الخدعة بحاجة "لأصوات" كي تمرر على الجميع. كان بإمكان ولد عبد العزيز –إن أراد التغيير البناء فعلا- أن يأخذ الأموال التي ستنفق في الزيارة ليقيم بها مدرسة في احسي لعبيد أو مصحة أو حنفية مياه أو حتى ليشق لهم طريقا تماشيا مع موضة الإنجازات الحالية، والشيء نفسه بالنسبة لعشرات التجمعات السكانية في الولاية وفي المقاطعة، ومنها احسي لغنم وأدباي محمود... سيدي الرئيس أتساءل هل ستزورهم، ويؤسفني أن جوابك بل وجواب الحال بالنفي لأن كل من ستلتيقهم كانوا معك في نواكشوط، أو قدموا من المكاتب والفلل والدور الضخمة وليسوا سكان الحوض الغربي ولا مقاطعة لعيون. سيدي الرئيس  ليس الخطأ خطأ من ستلتقيهم إن لم يحدثوك عن المشاكل الحقيقية للسكان لأنهم لم يعرفوها، فهم بالكاد يعترفون بإنسانية السكان الأصليين، ولا ضير عليهم إن لم يرفعوا إليك شكوى السكان من العطش والجهل "وظلم ذوي القربى"، فلا علم لهم إطلاقا بذلك، إن أردتهم أن يستفيضوا في الحديث فاسألهم عن "انتخابات حزبك في نواكشوط"، وعن كواليس الصفقات الفاسدة، وعن بيع مستقبل موريتانيا بثمن بخس، وارتهان أمنها وخيراتها وأهلها للأجنبي... أما هموم السكان ومشاكل الضعفاء فلا علم لهم بها، لقد فارقوهم دون وداع مساء الثامن عشر يوليو في انتظار موعد آخر للبيع والشراء، في انتظار موسم نخاسة قادم، يعودون فيه للربوع من أجل شراء "السكان" وبيعهم من جديد مقابل مناصب حكومية تكون وسيلة لجمع أسعار مزيد من الناس في موسم نخاسة جديد. سيدي الرئيس إن كنت تريد حقا زيارة الحوض الغربي فخذ لذلك عدته، وابحث عن السكان الحقيقيين، ابحث عن سكان الأخبية ومزارعي "الأعماق" ممن تفزع أطفالهم أصوات السيارات، ويرون في المعلم –إن وجد- ممثلا للحكومة، يأمر فيطاع ويطلب فتنفذ طلباته، وقد يبتز ويختار من الممتلكات المتوفرة دون رقيب... إنهم هناك حيث تنتهي الأعماق دون مدارس أو مؤسسات صحية، يحتاج استخراج ماء الحي ليوم كامل من جهود الرجال، وتحتاج وجبة لصبي العمل ليوم، أما الكبار فيكفيهم طمأنينة أن يترك الجوع الصغار ينامون... سيدي الرئيس  مع كل هذه الأوضاع السيئة والمستحيلة، والغياب التام للدولة ولوسائلها الخدمية، وواجباتها تجاه السكان، مع كل فهم يحبونك ويرددون اسمك بل وصوتوا لك رغم أن أغلبيتهم لا تميز صورتك من صور بقية المترشحين، بل ومن بينهم من تصفك بأنك "شيخ أشيب له لحية بيضاء... ومبتسم دائما"، ويتهجمون على معارضيك ويتهمونهم بخيانة موريتانيا دون أن يعرفوهم، إنه تأثير "تجار البشر ونخاس مواسم الانتخابات". سيدي الرئيس، أدرك حجم الصور المختلفة التي تعرض عليك، ومقتنع أنك قد تجد صعوبة بل واستحالة في تصديق هذه الصورة لكن –حين تلتقي سكان الحوض الغربي حقيقة- ستدرك كم عجزت عن نقل الصورة على حقيقتها، حين "تزور الحوض الغربي وتلتقي سكانه بعيدا عن "باعتهم وأسيادهم" ستنظر إلى "الصورة" كما هي دون رتوش أو مشوشات، وستدرك "كم أن موريتانيا الأعماق بحاجة إلى اهتمام أكثر ومشاريع أضخم، وعناية أشمل، تتجاوز الدعوة في منتديات شكلية للديمقراطية، وحديث يكذب أوله آخره في وسائل إعلام رسمية تقوم بكل شيء إلا الدور المطلوب منها.

2. أغسطس 2010 - 15:12

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا