موريتانيا والإنقلابات ذاكرة البلادة منذ 10 يوليو / أعل الشيخ سيد الخير

في ذكرى10 يوليو نسجل ملاحظة مهمة ، وهي أن المؤسسة العسكرية أبانت عن الكثير من الخونة تقلدوا في ما بعد رئاسة البلاد ، وكلما جاء رئيس خرج له الشعب الموريتاني بالرقص والتطبيل ، ذلك ان الظروف دائما ، تتحول من سيء إلى أسوأ ، حتى أننا وصلنا لإحتمال الحرب الأهلية

جاء العسكر بعد حكم المختار ولد داده ، الذي قضى قرابة عقدين من الزمن ، شعر فيها الموريتانيون بألام جمة ، 

من التضييق على حرياتهم وإنهاكهم بحرب ضروس ، بين قبائل تقاسمتها الجغرافيا وفرقتها السياسة ، فخرج الناس يصفقون للعسكر بعد أن انهوا حكم المختار ولد داداه ، ومأساة حرب الصحراء التي فقد الموريتانيون فيها أبناءهم وأبناء عمومتهم !


ثم مرت المؤسسة العسكرية بعمليات من التغلب ، حتى جاء هيدالة ، وكان رجلا ذا نزعة إسلامية ، ضيق على الشعب الموريتاني وأنهكه بالضرائب ، وتراجعت التنمية في زمنه بشكل منطع النظير ، وكان من أهم أفكاره ، فكرة هياكل تأطير الجماهير الرائدة ، لم يحظ الرجل بإستقرار سلطته لأنه محسوب على الصحراء وكانت المغرب آنذاك تسعى بكل قوة إلى الإطاحة به ،حفاظاعلى مصالحها ، إنقلب عليه أعداؤه ، فأمسكهم وأعدمهم ، ولما شاء الله الرحيله ،إنقلب عليه صديقه الوحيد ورجل ثقته معاوية ولد سيد أحمد للطايع


أمسك معاوية زمام الحكم وبدأ مسار التنمية وكان رجلا منزويا ، غير فاهم للتركيبة الإجتماعية الموريتانية في اول امره ، وحكم البلاد بالحديد والنار ، والترغيب والترهيب ، بدأ اول الأمر حازما ثم أصابته رخوة ، وكانت سياسات الدولة تنتهج التغييب للجميع مما دعى الزنوج أن يحاولوا القيام بإنقلاب كانت نتائجه مأساوية حيث تمت تصفية الكثير من خيرة ضباط موريتانيا ، وبعد ذلك بسنتين إشتعلت شرارة الحرب الاهلية التي سيطر عليها الرجل بطريقة حازمة كما أشار الرئيس السينغالي في مذكراته الخاصة ، منذ التسعينات بدأ مسارا ديموقراطية ، وفتح مجال الحريات ، ظلت ديموقراطيته مزورة ، يحسب لها أنها لا تهتم بآراء شيوخ القبائل كثيرا ذلك أنهم لا يؤدون أية خدمة للسلطة ما جعل الدولة متحررة شيئا ما من سطوتهم المتغولة ، سير الدولة بنظام إقتصادي ريعي ، إرتفع في زمنه دخل المواطن البسيط ، لفهمه خصوصية الحركة الإجتماعية الموريتانية ، قام بالكثير من الإنجازات الحية ، جلب شركات الإتصال لموريتانيا ، وقام بحملة الكتاب الشهيرة ، حيث فتح في كل عاصمة ولاية مكتبة ، واطلق مشروعا طموحا من أجل تثقيف الإنسان الموريتاني ، إتسمت سياساته الدولية بالحزم ، وعلى الصعيد السياسة ضيق على الإخوان وحاول إجتثاثهم من المجتمع ، بعد ان رسخ الوهابية التي جاءت اول أمرها كإستثمار ربحي ثم تغولت حتى صارت مغذيا إديولوجيا للإخوان ، قامت المؤسسة العسكرية بعدة انقلابات على ولد الطايع من أشهرها انقلاب صالح ولد حننا الذي استشهد فيه 20 عسكريا من أبرزهم المرحوم محمد الأمين ولد انجيان ، والذي شكل اضطرابا قويا في المؤسسة العسكرية أدى إلى خوف العقيد من كل من يطمع في السلطة ، وأختار لحراسته محمد ولد عبد العزيز ، كانت الأحزاب السياسية قد وصلت إلى مرحلة اليأس من ممارسة الديموقراطية ، وفي صبيحة يوم من سنة 2005 قام الحارس بإنقلاب على رئيسه ، وجاءت لجنة عسكرية ترأسها العقيد المرحوم أعل ولد محمد فال


كانت فترة أعل ولد محمد فال فترة أمل سياسي ، سال فيه ريق المعارضة لمعانقة السلطة ، واتسمت السياسة بالجدية ووضع المشاريع المستقبلية ، وعلى المستوى الإجتماعي قامت الدبلوماسية الموريتانية بتحمل مسؤولية احداث الحرب الأهلية في زمن ولد الطايع، ومن ناحية الرفاه ، ارتفعت الأسعار في زمن اعل ولد محمد فال وارتفعت الرواتب ، ولكن بهتت الرفاهية الإقتصادية التي ساهم فيها ولد الطايع


جاء سيدي ولد الشيخ عبد الله ، بعد إنتخاب ديموقراطي بمباركة العسكر ، فأعطى الحراسة مرة ثانية للحارس عزيز ، الذي انقلب على رئيسه الأول ، ووضعه امام الباب وهبه صلاحيات وامتيازات كثيرة ، إلا أن الحارس هندس إنقلابا آخر ، لم يستقر لأمر لسيدي ولد الشيخ عبد الله وانقلب عليه محمد ولد عبد العزيز بعد فترة من التجاذبات السياسية بين كتيبة برلمانية بقيادة سيد محمد ولد محم وبين الرئيس ، وكانت هذه المشادات هي المبرر الوحيد للإنقلاب


ومنذ سنة 2008 جاء محمد ولد عبد العزيز ، وجلس على سدة الحكم بزيه العسكري ، وخاض محاورات دكار التي اتفق فيها مع المعارضة ، على إقامة انتخابات نزيهة ، وحدثت إنتخابات كان هو الفائز فيها لأن الشعب الموريتاني في تلك الفترة كان يحن إلى حكم العسكر ، فقد ارتفعت الأسعار في زمن سيدي مرة أخرى وساءت أحوال الوطن والمواطن ، من الناحية الإقتصادية ، قام عزيز ، باخذ شعار رئيس الفقراء ، وظهر في جبة ذلك القائد المتواضع الذي يحترم العلماء ، ويحنوا على الضعيف ، وظهر كعدو لطبقة رجال المال والإعمال


وبعد عزيز العسكري نجح عزيز المدني ، وفرح الناس لنجاحه خاصة سكان مدينة أطار إذ اتذكر انه حدثت هناك مسيرات حاشدة ، تخليدا لنجاحه ، لكن في حكمه بدأت الأسعار تزداد ، وعندما فطن لذلك احدث مشكلة بينه ورجال الأعمال ولما تخلص منهم ، بدأ بإلهاء الناس ببيرام ، وصور نفسه أنه القائد المحافظ على مصالح البيظان من البعبع الأسود !! ، ولما أن إن انتهى بيرام ، جاء بقضية ولد امخيطير وجعلها قضية رأي عام ، وظهر هو فيها مدافعا عن الشريعة ، وحاميا للإسلام ، ولما ان ساءت الأوضاع أكثر جاء بقضية المصحف التي تعلم خلالها خطر اللعب بالعواطف الدينية ، بدأ من هناك يراجع أوراقه ، فأعاد بيرام كمرشح رئاسي من أجل إضفاء الديموقراطية على دولته ، ومن أجل إقناع المستثمر الأجنبي أنه على محجة التنمية ليلها كنهارها ، وبعد ان بدأ بيرام يخرج عن السيطرة تعلم درسا آخر وهو خطورة اللعب بالعواطف العنصرية للشعب ، وفي بداية مأموريته الثانية ، تبنى عزيز فكرة إعادة الإعتبار للمقاومة ضد فرنسا وقام بتسمية المطار على اشهر ملحمة موريتانية ، ولكنه لم يغير المناهج التعلمية ، ولم يشجع الإنتاج الأدبي عن المقاومة ويبقى هاجس إستخدامها كبيدق  للمأمورية الثالثة مطروحا

ما يستفاد من هذه المسيرة ، كلا وإجمالا أن المدني الموريتاني ليس مؤثرا في دائرة صنع القرار وأن الذي يصنع التغيير الحقيقي هو العسكر وليس صناديق الإقتراع وأننا ونحن ننتقد النخبة العسكرية لاننسى النخبة المدنية التي التزمت بالصمت الطويل منذ سنة 1960 إلى الآن  ......

11. يوليو 2017 - 9:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا