الأحزاب السياسية هي جمعيات حسب مدلول المادة الأولى من القانون 98 / 64 الصادر بتاريخ : 09 يونيو 1964 ترمي إلى جمع المواطنين الموريتانيين الراغبين في ذلك حول برنامج سياسي محدد في نطاق احترام الاستقلال والوحدة الوطنيين والحوزة الترابية والاختيار الحر للشعب هذا ما نصت عليه المادة 2 من الباب الأول من دستور 91 والمعدل بتاريخ 25 / 05 / 2006 .
إن على أحزابنا أن تحدد وبشكل صريح البرامج السياسية وأن تكون معلنة لدى المواطنين من أجل (فحصها وغربلتها) لأن الأحزاب تعددت وتشعبت وفقدت مصداقيتها لبعدها عن المواطن وخاصة في الأوقات الحرجة والهرولة وراء المصالح الشخصية الضيقة..! وانطلاقا من هذه المعطيات ومن خصوصية الظرف الزمني والسياسي الذي تعيشه البلاد حاليا والذي يشكل منعرجا خطيرا على رموزنا الوطنية بما في ذلك علمنا ونشيدنا الوطنيين علاوة على تحديد المأمورية الرئاسية المثيرة للجدل والتي هي مربط الفرس وطموح الفرسان نشير إلى أن العمل الحزبي أصبح ضروريا ومن المفروض على هذه الأحزاب أن تتحرك بناء على برامج تكون شاملة للإصلاح وليست على أسس قبلية أو عرقية وجهوية أو طائفية وأن تلتزم بكل ما يصدر عنها من وعود انتخابية أو إصلاحية حتى يتأكد لنا أنها على حق ويتحقق منها ما يدعم ثقة الناخب من جديد
البرامج السياسية :
تمثل البرامج السياسية أداة فعالة وأساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير الفكر فضلا عن التهذيب المذهبي والسياسي والديمقراطي وتفرض هذه الأهمية على السلطات العامة وعلى الأحزاب السياسية من أجل بناء مجتمع مدني متكامل إن هذه البرامج والنظم يترتب عليها الكثير من الحقوق والواجبات من أجل ذلك لابد أن يتحلى بها جميع الأطراف سواء كانت سلطات أو رؤساء أحزاب أو مستهدفين وهنا ألفت الانتباه وأقول إن من واجب المواطنين أن يحافظوا على انتمائهم الحزبي مهما كلف ذلك من ثمن بعيدا عن خلط الأوراق وأن يعرفوا أن هذا الانتماء ليس مبنيا على منفعة معينة أو شروط ولكنه اقتناع حزبي كما ألفت انتباه أصحاب (التراخيص) المعروفين برؤساء الأحزاب السياسية أن يوحدوا الجهود وأن يسمو على الصراعات والمصالح الذاتية وأن يسعوا إلى التفاني في الصالح العام لأن هذه الأحزاب بشكلها الحالي غير مؤهلة وربما كبيرها ما زال قاصرا تحت الوصاية القانونية (حزب الاتحاد من أجل المأمورية) من أجل المشاركة في صناعة القرار السياسي في البلد نظرا إلى (نعومة أظافره) علاوة على فقدان البرامج السياسية الواضحة وفشل قياداتها في الحوار السياسي الوطني وهرولتها بصفة منفردة إلى الاستفتاء الدستوري لذا فمن الضروري أن تتحد هذه الأحزاب صغيرها وكبيرها لتحقق الخيار السياسي الأفضل أو تقوم بتجميد نشاطاتها السياسية والإصلاحية إذا كانت موجودة وإخلاء الساحة لأولئك القادة الذين سجنوا وشردوا .. وضحوا من أجلها ..!
الترحال السياسي وفوضوية الانتخاب :
من الملاحظ لدى بعض المواطنين عدم معرفتهم بأحزابنا السياسية ومعرفة أسمائها (المتغيرة) نظرا لتقارب وتشابه هذه الأسماء والشعارات فالأحزاب بالنسبة للسواد الأعظم تسمى برؤسائها كما يحلوا للبعض أن يقول حزب مسعود حزب ولد اماه ... إلخ وقد يرجع ذلك إلى عدة عوامل من بينها :
عدم حصول هؤلاء المواطنين (المنتسبين على بطاقات انتساب لهذه الأحزاب إذا كانت موجودة ..!)
عدم تقيد هذه الأحزاب بقناعات المواطنين الذين يطالبون بوجود برامج حقيقية يتم تنفيذها على أرض الواقع وليست برامج سياسية يختلف تعاملها مع الواقع لأن أغلب هذه الأحزاب هدفه هو التصويت والتعلق بالمأموريات والعبث بالدستور من أجل أن يكون عباءة فضفاضة ومزركشة حتى تتلاءم وبجميع المقاييس (حسب الطلب) بما في ذلك موضة ملوك رؤسائنا العرب لصاحب الفخامة والشهامة وبوصفه كان يتزعمهم ومتعلقا بهم بغض النظر عن العواقب الوخيمة التي كان ضحيتها كل من الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس التونسي زين العابدين بن علي ... إلخ هذا بالإضافة إلى ما وقع فيه رئيسنا السابق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع وأخباره معروفة لدينا جميعا وخاصة عند من يهمه الأمر والذي لم تشفع له دباباته (دبابة - دبابة) ولا حرسه الرئاسي ولا أمنه الوطني ولا حتى حزبه (الحزب الجمهوري -حزب الدولة) الذي صوت عليه بما يزيد على 92% من الأصوات هذه الأصوات لم تشفع له .. وأصحابها لم يتباكوا من أجله .. بل أعلنوا ضحى ولاؤهم طواعية من جديد لخلفه (الجديد القديم) وهكذا دواليك..
هل هذا هو النفاق السياسي ..؟! أم هو الفساد الأخلاقي ..؟ ! أم الخوف من كل من هو عسكري ..؟ ! أو الطمع في كل ما هو رئاسي هذه هي حقيقة أحزابنا السياسية مع الأسف الشديد السباقين إلى المبادرات .. والشعارات التي تمجد النظام تحت يافطة القبيلة والوجهاء حاملين طبولهم التقليدية (طبل أهل فلان) بدلا من موقف أهل فلان الشجاع في وجه الطغيان والاستبداد وكذلك موقف هذه الأحزاب الصامد وتعبئة جماهيرها من أجل التحسيس والتوعية حول الإصلاحات الحقيقية والتغيير البناء حول الأفكار النيرة وتسويقها وممارستها طبقا لقناعات المواطنين كما أن على هذه الأحزاب أن تقوم بحملة واسعة للتنديد بالقبلية التي أصبحت ظاهرة وهي العدو الحقيقي لكيان الدولة وهي الميزان الفعلي لمدى وجود الدولة وهيبتها فمن المعروف أن كل ما كانت القبيلة قوية ولها نفوذ وخاصة في الجانب السياسي في ما يتعلق بنجاح أو إخفاق رئيس الجمهورية .. تكون الطامة الكبرى .. !! أو حتى المصادقة على استفتاء متعلق بمشروع دستور لمجتمع في أمس الحاجة لما يسد به رمقه من مأكل ومشرب تنتهك مواد متعلقة بفترة مأمورية رئاسية في غنى عنها وقد تمت المصادقة عليها من قبل وحسمت باستفتاء شعبي هي الأخرى مع تأدية اليمين الدستورية لصالح المترشح نفسه وبالتالي لا داعي لنبشها من جديد فذلك ليس من شيم العظماء ولا القادة لأبطال فكلما ضعفت الدولة تقوى القبيلة وتزدهر وكلما انهارت القبيلة وتلاشت وقفت الدولة على قدميها وازدادت مناعة وصمودا وعلى الدولة أن تعرف أن القبيلة لن تقوم مقام الأحزاب أو حتى الدولة نفسها المنهارة وعليها أن تحافظ على الأصول والمبادئ والقيم وأن تشجع المجتمع المدني بما في ذلك الأحزاب التي تعاني الكثير من النواقص من بينها :
- عدم وجود مقرات مملوكة لمن لا يمكنه شراء مقرات أو حتى تسديد إيجار ها
- عدم وجود بيانات جادة وفوضوية وغير منتظمة
- بعض هذه الأحزاب غاب عن الساحة الوطنية
- التلاعب بالمواطن حول المواثيق المصيرية
- الترحال السياسي إن صح التعبير وعدم وجود بطاقات وعدم النزاهة الفكرية
- أغلب هذه الأحزاب منطلقة من المصدر الأم وهو حزب الدولة وهو ما يعرف بالأغلبية حسب وصف الرئيس سيد محمد ولد محم رئيس حزب الاتحاد من أجل المأمورية وليس الجمهورية
وانطلاقا من هذه المعطيات ومن خصوصية الظرف الزمني والسياسي الذي تعيشه البلاد حاليا في أجواء الاستفتاء الدستوري والرغبة العارمة من أجل تغيير العلم والنشيد الوطنيين وربما المأموريتين التي كل منهما خمس سنوات في ما يخص انتخاب رئيس الجمهوري من جديد والذي لا يمكنه أن يترشح مرة ثالثة مهما كانت الدوافع والأغراض بغض النظر عن تصريحه إلا بالرجوع إلى الدستور .. !! أو إلى ثكنته العسكرية ..!! أو اللجوء إلى صديق للنجدة ..!! أو أحد المقربين من القصر ..!! كما فعل لأخ له من قبل ..!! الذي لم يتركه يكمل فترته الرئاسية المعهودة التي انتخب من أجلها .. والتي يحددها دستورنا المصادق عليه من طرف الشعب ..!! والذي كان من الأخلاق والإنصاف واحتراما للدستور وللشعب أن يتركها حتى تكتمل على الأقل وذلك هو أضعف الإيمان بدلا من أن ينقلب عليه ..!! ويكمل هو الآخر استحقاقاته الرئاسية وعند نهايتها يمد يده إلى السماء ..!! و رجليه إلى الشعب طالبا المزيد ..!! ولو كان ذلك على حساب ميزانيتنا الوطنية التي أنهكت كاهل المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة - وربما أعناق وضمائر الناخبين وعلى هذه الأحزاب أن تتحرك لأن العمل الحزبي أصبح ضروريا ومن المفروض على هذه الأحزاب أن تقف مع المواطن المسكين وتدافع عن الوطن الأم حتى تثبت لنا مصداقيتها في إطار احترام الدستور والدفاع عن المقدسات والاختيار الحر للشعب .