يعد الإكراه حالة من حالات الاضطرار لأنه يأسر الإرادة مباشرة، ولذلك يفرد له الفقهاء كتابًا خاصًا وأحكامًا وآثارًا مفصلة بالنسبة إلى سائر التصرفات القولية والفعلية من مدنية وجزائية ودينية.
الإكراه في اللغة، اسم من كرهت الشيء أكرهه كرهًا. وأصله في اللغة على خلاف المحبة والرضا.
وأما في الاصطلاح فهو: ، أو «الإلزام والإجبار على ما يكره الإنسان طبعا أو شرعا، فيقدم على عدم الرضا ليرفع ما هو أضر»، وقيل هو: «عبارة عن تهديد القادر غيره بمكروه على أمر بحيث ينتفي به الرضا».
فيحصل الإكراه إذا بانتفاء الاختيار والرضا عن قول أو فعل الإنساء بمؤثر آدمي خارج عن رادته.
فالأصل أن المكلف إذا أقدم على فعل فهو يتمتع بصفتين هما:
- صفة الإختيار
- صفة الرضا
والتفرقة بين الاختيار والرضا أصله في الفقه الحنفي، أما بقية المذاهب فالاختيار والرضا عندهم متلازمان.
ومما لا شك فيه أننا إذا طبقنا صفة الاختيار والرضا عند المتوجهين للتصويت بنعم للتعديلات الدستورية المرتقبة، لوجدنا الصفتين معدومتين عندهم، فالإكراه الحاصل على الناخب يتمثل في الفصل عن العمل وتعليق الراتب، والتمني بالتوظيف وتحقيق المطالب، وهو أمر مشاهد، فقد رأيت بعضا ممن يعمل في بعض المؤسسات أبلغني أن الجهات التي يعملون لمصلحتها تم تهديدها بالضرائب وغيرهم، وتم تهديد العمال من قبل رب العمل بالفصل من الوظيفة - في حالة عدم الرسمية - وتلعيق الراتب - في حالة الرسمية- هذا ولعل هذه أخف الإكراهات المغيبة للإرادة، والمتحكمة فيها، وهذا إكراه يجعلنا نتساءل:
من المعروف أن تصرفات المكره لا أثر لها من الناحية القانونية، فهل تعتبر تصرفات المكرهين سياسيا صحيحة؟
هذا السؤال يطرح لنا إشكالا يتمثل في:
- إذا كان تصويت المكره تنطبق عليه القواعد العامة في عيوب الرضا - وهو الأصل - فإننا نكون أمام نتائج استفتاء غير معتبرة قانونا ولا شرعا.
- تصرفات المكره كتصرفات المجنون والعتوه والسفيه، بل إن البعض اعتبرها أشد - من ناحية الأثر - بفعل تدخل إرادة أخرى مؤثرة على إرادته.
ختاما
حسب رأي لا يناكره إلا مكابر
لا يوجد داعم للتعديلات الدستورية مقتنع بجدوائيتها أو بنفعها - إذا اعتمدنا ترتيب الأولويات - فكل الداعمين إما بين أمرين:
- موظف يخشى على وظيفته أو راتبه.
- صاحب مصلحة يريد تحقيقها
فنحن مجتمع تغيب أمام مصالحه مصالح الشعب.