من المبالغة الممجوجة القول بأن الوطن يتجه بمنحى كارثي، ومن التجني أن نبيح لأنفسنا- إذا نحن عارضنا- وصف غيرنا بالفساد والاستبداد والحكم بالحديد والدم والنار.
التغرب عن الأوطان لا يجيز احتقارها ولا التحامل على كل ما فيها وخلطه بخلاط الحقد الذي لا يميز الخبيث من الطيب، لا يعترف بالحاصل ولا يتفاءل فيستشرف المؤمل،
بل يعتمد على ردم كل ما هو مضيئ، وتقديم كل الأشياء وإن كان فيها الجيد المنير على أساس أنها حفر وبؤر مظلمة.
العلم المريتاني رغم احترامنا الشديد له؛ شهد الحديث حوله كتيرا من المبالغات والتحريف والمتاجرة، وتلك لعمري سمات قل من ينجو من ساستنا اليوم منها، بل إن كثيرا منهم يتحلى بها؛ كمن يزين وجهه عقد الإسار!
يختارون ذلك عن قصد وتحديد مقصد؛ في هذه البلاد الطيبة وطبعا ينتقص بذلك من طيبتها وينغص بوجود أفراد كأولئك من صيتها الخير المحبب.
من المعروف أن راية الإسلام سوداء وبها كلمة التوحيد بيضاء .. هل سمعتم بمن يطالب بها من الممتعضين الرافضين لما قال غيرهم أنها تحسينات وقالوا هم أنها تجني واغتصاب وبلاهة وغباء وتبديد وإلهاء؟!.
إن علم موريتانيا الحالي تم اختياره من طرف ثلاثة رجال، منهم موريتاني واحد،أظنكم جميعا تعرفونه، وكان إلى جانبه في ذلك سينغالي وفرنسي، هؤلاء الثلاثة هم من اختاروا العلم الوطني الحالي، وكان اختيار ألوانه مبني على محاكاة باكستان؛ للجوامع الإسلامية بين الدولتين ولأسبقية الاستقلال لباكستان ، وللمتضلعين قليلا في التاريخ؛ لا ينبغي أن يفوتهم أن العلم الحالي كان علما لأحد الفيالق العسكرية التابعة للدولة العثمانية-أيام مجدها- ولا ضير في ذلك، لكن المهم أن يفهم المتاجرون أن العلم رمز؛ لكنه يكتسب رمزيته باختيار الشعب له وليس بفرضه عليهم أو وجوده دون معرفة أسباب الوجود أو دوافع الاستجلاب، ولا أقبل من العقلاء أن يقولوا وجدنا آباءنا على هذا كما هو حال كفار قريش.
تغيير النشيد أو إضافة بعض الأبيات إليه خاصة تلك التي تراعي فكر وميول شباب اليوم الذي ابتعد كثيرا عن تعاليم الدين وحضن الوطن، بفعل الاستلاب الحضاري وضعف التوريث من لدن الآباء المباشرين الذين أكلت السياسة أعمارهم ولم يورثوا أخلافهم إلا الصراع الذي اجتهدوا غير مأجورين في جمع وقوده فصار من حطبه الوهاج؛ لون البشرة والانتماء الأسري واختلاف الألسن، وحتى حيازة الثروة والحرمان منها، يتصارعون في سبيل المصالح، يتحالفون مع الشيطان لأجلها.
إن أجيال اليوم ينبغي أن يجذر فيها حب الوطن والتلاقي حول مصالحه، ولن يكون ذلك بأبيات تنضاف إلى النشيد فحسب بل لابد وجود دعائم تربوية تدعم التربية الوطنية وتزيد في اللحمة الاجتماعية ولن يكون ذلك قبل مراجعة المناهج التربوية التي كانت رهينة ميول المتحكم ثقافيا وسياسيا؛ مما أضفى عليها صبغة قد لا تكون جامعة لكل الطيف الوطني ولا هي صالحة لكل الأزمان، مما يشي بأن ظهور الجانب السلبي من المقاومة كثيرا في المناهج التربوية المدرسة والمتمثل في نقل المعارك التي هزمت فيها المقاومة او استشهد فيها أبطال وتحييد ذكر تلك التي انتصروا فيها على كثرتها..كل ذلك يدل على الفعل العمد الذي قد يكون موجها لأسباب أو لأخرى!؟؛
المهم ينبغي أن يراجع التاريخ في هذه البلاد ويكتب بنزاهة تلك النزاهة التي غابت عنه لاحتدام الصراع القبلي وتجذره ولكون المهزوم غالبا هو كاتب التاريخ، مما جعل مصادر الأجنبي أكثر موضوعية فاكتست بذلك المصداقية ونالت الثقة!.