عن المجلس الدستوري: -
خارج المقتضيات التي تنظم مرحلته الانتقالية، أدخل مشروع القانون الدستوري الاستفتائي على المجلس تعديلين بارزين جاءا على النحو التالي:
أولا:
على مستوى (المادة الأولى/ م-ق-د-إ) حيث ألغت المادة 81 من دستور 20 يوليو 1991 وأحلت محلها (المادة 81 جديدة / ف2) التي نصت على: "...
يعين رئيس الجمهورية خمسة (5) أعضاء أحدهم بناءا على اقتراح من زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية ويعين الوزير الأول عضوا واحدا(1) ويعين رئيس الجمعية الوطنية ثلاثة (3) أعضاء، اثنان منهم يقترح أحدهما ثاني حزب معارض من حيث ترتيب الأحزاب المعارضة الأكثر عدد نواب في الجمعية الوطنية ويقترح الثاني ثالث حزب معارض حسب نفس الترتيب..."
...
كان من الوارد ترشيدا للموارد العودة إلى صيغة ما قبل تعديل القانون الدستوري 12-015 الذي كان زاد أعضاء البرلمان زيادة معتبرة وزامن ذلك زيادة أعضاء المجلس الدستوري من ستة (6) إلى تسعة(9)
- زادت نسبة الأعضاء المعينين من السلطة التنفيذية إلى خمسة (5) أربعة خالصة لرئيس الجمهورية، بالإضافة للعضو الذي أصبح يعين من طرف رئيس الوزراء.
- المستفيد الثاني من التعديل هو الأحزاب المعارضة، فبالإضافة إلى العضو الذي يقترحه زعيم المعارضة من الأعضاء الخمسة الذين يعينهم رئيس الجمهورية، يقترح حزباها الثاني والثالث من حيث عدد النواب، عضوين من بين الأعضاء الثلاثة الذين يعينهم رئيس الجمعية الوطنية.
- الخاسر من القسمة الجديدة هو البرلمان الذي تقلصت حصته إلى عضو واحد من التسعة. بعد أن كانت أكثر من النصف (خمسة (5) أعضاء: اثنان (2) لرئيس مجلس الشيوخ، وثلاثة (3) يعينهم رئيس الجمعية الوطنية)
- الخاسر الأكبر هو أحزاب الأغلبية فليس لها مجرد أمل للتمثيل في المجلس مهما كان عدد نوابها في البرلمان.
ثانيا:
على مستوى (المادة 2 / م-ق-د-إ) من خلال (المادة 86 جديدة / الفقرة الأخيرة): "... يخول المجلس الدستوري اختصاص التعهد في شأن دعوى بعدم الدستورية أثيرت أثناء محاكمة، وذلك متى دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي يتوقف عليه مآل النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور".
...
يمثل هذا التمكين ضمانة هامة لاحترام الحقوق والحريات العامة، ينضاف إلى ما قدمه تعديل 2006 من خلال القانون الدستوري 06-014 الذي أعطى لأي شخص أن يطعن بعدم دستورية القوانين النافذة حينها التي لم تواءم مع مقتضياته إذا انقضت ثلاث سنوات على صدور ذلك القانون الدستوري (المادة 101)، بل في الواقع يتجاوزه ويحتويه فهو صالح للتأسيس لرقابة بعدية تكمل حلقة الحماية الدستورية للحقوق والحريات.
...
يحتاج تقديم تقويم حقيقي لنجاعة هذا التمكين معرفة طبيعة المسطرة التي سترسم لإعماله "هل للأطراف؟ هل للنيابة؟ هل من خلال المحكمة العليا؟" فما عرفه التمكين الذي سبقه يبرر تلك الحاجة!
ويحتاج في جميع الأحوال أكثر من ذلك وجود ديناميكية لدى المجلس للتعاطي مع قضايا ستفوق أعدادها بكثير الكم الذي اعتاد التعاطي معه !!
******* *********** *** ************ *******
عن محكمة العدل السامية: -
لم تشكل محكمة العدل السامية موضوعا لمشروع القانون الدستوري الاستفتائي. وكلما طال الباب الثامن المخصص لها من تعديل، اقتضاه التحول نحو برلمان من غرفة واحدة؛ فاقتصر على:
1- (تحذف كلمات:" وبعدد متساو " و " ومجلس الشيوخ " و " أو جزئي للغرفتين.)
"المادة 92/ف2". (المادة الأولى من مشروع القانون الدستوري الاستفتائي)
2- (تحل كلمات:" الجمعية الوطنية التي تبت" محل كلمات " الغرفتين اللتين تبتان " تحذف كلمة " متطابق ". تحل كلمة " لأعضائها" محل كلمة " لأعضائهما) " المادة 93/ف2".(المادة الأولى من مشروع القانون الدستوري الاستفتائي)
******* *********** *** ************ *******
عن المجلس الأعلى للفتوى والمظالم: -
تم التعاطي مع التعديل الذي تضمنته (المادة 3 / م-ق-د-إ) بشكل لا يعكس تماما حقيقة الذي حصل بالفعل؛ فالمعلن حسب النص هو جمع (مؤسسات المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم) كما جاء في (المادة 94"جديدة"): "ينشأ لدى رئيس الجمهورية، محل المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم كما تحددها النصوص المعمول بها، مجلس أعلى للفتوى والمظالم يتشكل من تسعة(9) أعضاء."
لكن من الناحية الواقعية يتعلق الأمر ب:
1-الغاء "المجلس الإسلامي الأعلى" إلغاءا يفوق إلغاء مجلس الشيوخ، فقد ألغيت التسمية ولكن أيضا كل المقتضيات الناظمة له الواردة في (المادة 94) من دستور 20 يوليو. كذلك وأيضا كل التكليفات الخاصة به؛ الواردة في "المرسوم رقم 92-07 الصادر بتاريخ 18 أفبراير 1992 المتضمن تنظيم وسير المجلس الإسلامي الأعلى"، على خلاف المؤسستين الأخريتين:
-فبالنسبة لمجلس الفتوى والمظالم: بالإضافة إلى أنه أعطى للهيأة الجديدة تسميتها ، فقد دسترت بعض صلاحياته؛ فا (المادة 94 جديدة/ف3) تضمنت بالحرف: "... يكلف المجلس الأعلى للفتوى والمظالم بإصدار الفتاوى، أي الآراء الفقهية، طبقا لتعاليم المذهب المالكي..."وهى نفس العبارة تقريبا الواردة في( المادة 03) من "المرسوم رقم 12-189 المعدل لبعض ترتيبات المرسوم رقم 12-134القاضي بإنشاء مجلس أعلى للفتوى والمظالم" التي جاء فيها: " تنظيم الفتوى وضبطها والإشراف عليها على المستوى الوطني تبعا للراجح أو المشهور من مذهب الإمام مالك رضي الله تعالى عنه..."
-أما وسيط الجمهورية فتضمنت (المادة 94 / ف 4) حرفيا حين نصت على: " يستقبل مطالبات المواطنين المتعلقة بخصومات عالقة، وذلك في إطار علاقاتهم مع إدارات الدولة، والمجموعات العمومية الإقليمية والمؤسسات العمومية أو أية هيئة تضطلع بمهمة المرفق العمومي"، ما جاء في (المادة 02) من "القانون رقم 93-27 الصادر بتاريخ 7 يوليو 1993 القاضي بإنشاء وظيفة وسيط للجمهورية"
ونفس الشيء مع (المادة 14/ف1) من نفس القانون التي دسترت بحرفتيها في (المادة 94 جديدة /ف5): ليس للمجلس الأعلى للفتوى والمظالم أن يتدخل في نزاع معروض أمام محكمة ولا أن يشكك في تأسيس حكم قضائي..."
2-دسترة المظالم والفتوى مع دمج المجلس الأعلى للفتوى والمظالم ومؤسسة وسيط الجمهورية {دسترت فرنسا "حامى الحقوق " في المراجعة الدستورية فى23 يوليو 2008}
3-حمل التعديل في (المادة 2 /م-ق-د-إ) من خلال (المادة 94"جديدة: ف1) نقطة جوهرية، لم تصل استقلالية نظام "ombudsman" لكنها مع ذلك تدعم استقلالية الهيأة؛ فتحديد مدة وقابلية انتداب أعضاء المجلس: "يعين رئيس الجمهورية رئيس وبقية أعضاء المجلس الأعلى للفتوى والمظالم لفترة انتداب مدتها أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. " يدعم كل تطلع للاستقلالية داخل تلك الهيأة.
...
يتوقف المنتظر من هذا التعديل على ما تقره النصوص الناظمة لهذه الهيأة ومدى ابتعاد مفصليها عن التفصيل على المقاس وكذلك مدى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى (مثلا تجربة مؤسسة "حامى الحقوق " في فرنسا و "حامى الشعب" في اسبانيا.)
والأهم من كل ذلك مخالفة نهج "المرسوم رقم 12-189 المعدل لبعض ترتيبات المرسوم رقم 12-134 القاضي بإنشاء مجلس أعلى للفتوى والمظالم"، وإعداد نص تنظيمي للهيأة الجديدة تراعى فيه الصرامة المنهجية والقانونية والحبكة والسبك اللغوي ...