في هذا البلد الذي يوصف بالجمهورية الإسلامية الموريتانية وفي عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ...تنتهك الحرمات ..وتحرق الكتب.. ويطال على المقدسات والرموز الوطنية الخالدة ولم ينته الأمر عند هذا الحد فقد أسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم نهارا جهارا ..ومازال الحبل على الغارب .. بدلا من حبل المشنقة والإعدام !
كما شهر بالعلماء الأجلاء الذين هم ورثة الأنبياء وفي أكبر مهرجان في الشمال الموريتاني وعلى رؤوس الأشهاد وبحضرة رئيس الجمهورية والوفد المرافق له قام عمدة بلدية ازويرات ورئيس العمد الموريتانيين بهجوم لاذع وشرس بغض النظر عن الدوافع والأسباب (ودفاعا عن الوطنية كما يتصور وعن الشهداء) على العلامة والمجاهد الشيخ سيد يا باب وأوصفه بأوصاف لا تليق بالمواطن مهما كان هذا المواطن أحرى إذا كان من جهابذة العلماء المتصوفين والمشايخ الروحيين والقادة السياسيين والعلماء المجتهدين أصحاب الفكر والبصيرة... والذين يعرفون ما يفعلون ... وبالأسحار يستغفرون ... وفي صلاتهم خاشعون وعلى ربهم يتوكلون فقد اختاره الله واصطفاه لمساعدة المسلمين ومتابعة شؤون الرعية والحرص عليها وعلى الوطن باجتهاداته في تلك الوقائع والنوازل التي لا يوجد فيها نص.
هؤلاء هم المؤمنون ... والمواطنون حقا الذين لا خوف عليهم مهما كانت الدعايات المفرطة والمغالطات والتلفيقات سواء كانت عن فقر في عدم معرفة التاريخ أو الجغرافيا أو فقر في الدم داخل الجسم الوطني الواحد... أو فقر وطمع يعمي الأبصار.. كما يعمي القلوب التي في الصدور والمتعلقة بالدستور الذي كان من المفروض أن يحمي ديننا ونبينا وعلمائنا ومقدساتنا ورموزنا من المسيئين والعابثين والمتطاولين وأصحاب المبادرات والمصالح الشخصية التي على حساب الشعب والوطن ورموزه.
إن هذه الأسرة (أسرة أهل الشيخ سيديا الكريمة) التي أسست مدرسة علمية وطنية عريقة تخرج منها الكثير من العلماء وحاربت التقليد ودعت إلى الاجتهاد ورفض المنطق اليوناني وعلم الكلام وحذرة من التأويل والتمثيل كما دعت إلى العمل ونبذ الاتكالية الذي تميز بها الشعب الموريتاني وحاربت الفقر وحفرت الآبار وعممت التعليم واهتمت بإصلاح ذات البين بين القبائل والإمارات الموريتانية التي كانت تتناحر في ما بينها هذه الأسرة أسرة إصلاحية شاملة وطبقت هذا الإصلاح على أرض الواقع وذاعت شهرتها وملأت الدنيا وشغلت الناس وأنارت مواقفها واجتهاداتها جدلا واسعا بين العلماء والفقهاء والعامة منذ ذلك التاريخ وحتى الآن
ولم تزل فضائل هذه الأسرة تبدو حتى أذعنت لها الزوايا وحسان وصارت مثل المملكة في هذه الأرض ولا يعقب أمرها وكانت أهلا لذلك كرما وحلما وعلما ولم تزل الدنيا تنهال عليها وتفرقها بين الناس ... وقد كان الشيخ سيديا باب على قياس المهام التي وكلت إليها وقد تتصدى لمجمل المشاكل التي كانت مطروحة بحكمة مشهودة وحنكة بالغة ونفاذ بصيرة
ويقول العلامة محمد الحسن ولد الددو (وأما المجدد الشيخ سيديا باب فلا يختلف واصفوه من معاصريه أنه قد زاد في الفضل والكمال على أبيه وجده وأخذ مثال على ذلك قول جدي : محمد فال بن محمد مولود المشهور بالددو :
على أبويه زاد وأي مرء ... يطاول على غيره قلن الجبال
فدع خير القرون وفضله...على من بعد ذاك من الرجال
وفي البيت الأخير تصويب لقول الشاعر المبدع محمذ ولد السالم في الشيخ سيديا الكبير:
حوت مادون مرتبة التنبي ...يداك من المكارم والمعال
فأنت إذا من الثقلين طرا ... بمنزلة اليمين من الشمال
وقد اتفق معاصرو الشيخ سيديا باب أنه بلغ رتبة الاجتهاد وأصبح إماما عاما للمسلمين في غرب إفريقيا عنه يصدرون أمور دينهم وأمور دنياهم وقد اعتبر البعض الآخر أن هذه الأسرة ممثلية للخلافة الإسلامية لحرصها على الدين الإسلامي والدفاع عنه فضلا عن تحقيق العدالة ورعاية المسلمين وقضاء حوائجهم في أقصى المعمورة
هذه الأسرة كانت هي الحاضنة – ومازالت – في هذه البلاد التي كانت توصف بالأرض السائبة في العهود الغابرة حاملة للمشعل الروحي والعلمي للمشروع الوطني العملاق والإشعاع الثقافي
هذه الأسرة لمن لا يعرفها هي التي انجبت موريتانيا والتي احتضنتها وصرفت عليها من ميزانيتها وفتحت لها مكتبتها العلمية الخاصة لتنهل من علومها ورعتها حق الرعاية... ومن لم يحترم هذه الأسرة (حفظها الله ورعاها ) فلن يحترم وطنه ولا علمه ولا حتى كلمات أو أغنية نشيده الوطني الذي سيصوت عليه بتاريخ : 05/08/2017 من اجل دمجه في أغاني (RAP- أو HIP HOP ) أو الراي - لا يهم ما دام يفتقد إلى التوجيه والإرشاد الديني في عالم نفتقد فيه للهوية الوطنية والإسلامية نتيجة لآخر صيحات العالم الافتراضي المهيمن على كل شيء
في هذا الخطاب التاريخي والجغرافي الإنتهازي صرح السيد العمدة بأن النشيد الوطني الذي كان يدرس له في مدرسته الشمالية ليس هو النشيد الوطني الحالي ... أشكره على هذه الصراحة و أؤكد له بأن ما قاله صحيح (متفق عليه من طرف الحزب الحاكم والأغلبية) نظرا لخطابه وهجومه الشرس على النشيد الوطني المعروف لدى أغلبية المواطنين وليست الأغلبية الرئاسية وربما على كاتب كلماته النيرة
إن مشكلتنا ليست في النشيد الوطني لكن في عدم قراءته وحفظه أصلا وفهمه وهذا من ضعف مناهجنا التربوية ... وفقدان الوطنية وخاصة المدنية منا وهذا ما يجل هناك انفصام بين الجيل الماضي والحاضر
إنه كان بإمكان حكومتنا المبجلة أن تفرض الخدمة العسكرية والتربية المدنية على المواطنين أو الناخبين بدلا من فرض التعديل والتصويت على الدستور أو على الأقل أن تقوم بإجبار أي مترشح لمنصب انتخابي بحفظ النشيد الوطني وبمعرفة تاريخ هذا البلد ورجاله الأولياء الصالحين الاشداء على أنفسهم والرحماء في ما بينهم المدافعين عن الإسلام وعن الأوطان الذين واجهو الأستعمار بقوة الإيمان والتضحية بالروح وبالصمود وكبرياء الوطن ... لا بالمهرجانات الإحتفالية ولا بالمبادرات الإنتهازية والخطابات الجوفاء التي لا تحمي الوطن بل تشتته وتفرقه بعد أن احرقت الكتب وأسيء على النبي صلى الله عليه وسلم وأهينت ورثته
ومن المعروف أن جميع العمد الموريتانيين والمنتخبين من طرف الشعب (أو الحكومة على الأصح) هم سباقون إلى تأييد برامج الحكومة وتنفيذها في أسرع وقت ... كما هم سباقون إلى المساعدات سواء كانت محلية أو خارجية لما في ذلك (لحم السعودية) الذي يوزع مجانا على البلديات والمقاطعات لكن هذه المرة وبمناسبة الحرب السعودية اليمنية والحملة الدستورية الجارية فقد لجؤوا (إلى لحم العلماء) الأولياء ... فنحن نعرف جميعا في موروثنا التاريخي والشعبي أن لحم العلماء مسموم … !!!! فلماذا لا يلجؤون لسمك عزيز صاحب المأمورية ومشاريع الدواجن المحلية ويتركون عنهم العلماء إلا إذا كانوا بحاجة إلى وصفة طبية للمعالجة ... او القيام بمبادرة ذبح العلماء على الطريقة الإسلامية لفخامة رئيس الجمهورية والوفد المرافق له ويبقى السؤال المطروح على السيد العمدة أيهما أفضل بالنسبة لساكنة البلدية؟ لحم العلماء ...أم لحم السعودية؟ !!!!