الرهان الخاسر / اسماعيل محمد خيرات

كانت الديموقراطية في العقود الثلاثة الماضية،بل  حتى منذو خطاب  اترومان سنة 1944 حجر الزاوية في التنمية والحداثة منهجا وعقيدة ،ثم  تغير الأمر  بعد حرب اجنحة طاحنة بين خبراء البنك الدولي  ومؤسسات التنمية عموما منذو اواسط  التسعينات ،انتصرت فيها رؤية تقول بما يسمى  بنظرية الاقتصاد الاكلينكي،  انتصرت على  الرؤية التقليدية ،رؤية القالب الجاهز الصالح للكل أي الديموقراطية ، 

وكانت عبارة د،جيفري ساكس  المعروفة "أفريقيا ليست فقيرة لأن حكامها دكناتوريين ،بل ان حكامها دكناتوريين لأنها فقيرة"  هي في الظاهر التي قلبت موازين الفكر التنموي -اخيرا - راسا على عقب،..

قدم ساكس امثلته وحججه الكثيرة  على رؤيته ، مثلا سنغافورة هي واحدة من أسرع دول العالم نموا وهي مع ذلك ليست دولة ديموقراطية ،وكذلك أغلب النمور الاسيوية، وفيما عدى بوتسوانا لم تحقق أي دولة إفريقية ازدهارا بالرغم من التمارين الديموقراطية الكثيرة الصالح منهاوالطالح ..


لقد انتصرت هذه الرؤية التنموية التي عكسها كتاب دكتاتورية الخبراء وكتاب اقتصاد الفقر لمارتين روفاليون و كتاب نهاية الفقر لجيفري ساكس، وغيرهم ،انتصرت  بشكل ساحق حين اعتمدت اخيرا أهداف التنمية المستدامة  كرؤية  عالمية سنة 2015وجاءت خالية  من اي توصية حول الديموقراطية،وقد استمعت لإحدى محاضرات د.ساكس حين سئل عن علاقة التنمية المستدامة بالديموقراطية فقال ليست  للتنمية المستدامة  علاقة بنمط الحكم ولا بشكله ،صحيح ان المناط عندنا هو بآليات الحكم الرشيد وهي آليات يمكن ان ينتهجها نظام مريتوقراطي او ملكي او برلماني او نخبوي (اليتوقراطي)..ان هناك أهدافا واضحة وهي من الأهمية والاستعجال بحيث أننا لن نؤجلها حتى تصبح كل الدول تتبع المنهج الديموقراطي او أي منهج معين آخر..

د.ساكس  للاشارة،  هو كبير مستشاري الأمين السالف للأم المتحدة بانكي موون للتنمية  ومستشار كوفي عنان من قبله  ومصنف مرتين ضمن الشخصيات الاكثر تاثيرا في العالم ..
الخلاصة هي ان سدنة الديموقراطية في الغرب لم تعد تحركهم مسرحيات "الديوقراطيين الموسميين"،بل ان مفاهيم مجالس التنمية الجهوية تسحرهم  وتشد انتباههم أكثر من اعتصامات رفض تغيير الدساتير  ..

والواقع أن  خلو الأهداف من اي توصية حول الديموقراطية إنما يعكس طبيعة "الحمية"  التي تشكلها الأهداف والتي هي في الواقع حمية إجبارية نظرا  للرؤية "الترابطية" المؤسسة للمقاربة الجديدة،لم يعد مثلا ينظر الإلى الفقر كمشكلة مرتبطة بالمكان تحكمها وتديرها جغرافيتها الخاصة بل أصبحت مشكلة عابرة التأثير ،فالفقر يقود إلى الهجرة،وانتهاك البيئة  ويهيج الصراعات ويغذي التطرف والارهاب، فهو إذن ليس مشكلة خاصة  بالفقراء فقط، بل مشكلة عامة وبالغة الأثر حتى على الدول مرتفعة الدخل..

ان مقاربات مجالس التنمية الجهوية هي في صميم الرؤية العالمية الجديدة ,فهي عماد  الاندماجية inclusivity في السياسات الناضجة اليوم
ان المقاربة القائمة ،القائمة في الذهن حول هذه المجالس  بغض النظر عن مالات التطبيق ،والآمال العريضة المنوطة بها في المستقبل لا يمكن محاربتها بانطباع ذهني قايم على الفراسة فقط، والشك والتخمين

4. أغسطس 2017 - 16:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا