ويعتبر تلوث الهواء ظاهرة بيئية من الظاهرات التي أخذت قدرا كبيرا من الاهتمام العالمي، منذ النصف الثاني من القرن العشرين وحتى وقتنا الحاضر. وتعتبر مشكلة التلوث أحد أهم المشاكل البيئية الملحة التي بدأت تأخذ أبعادا متعددة بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة، خصوصا بعد الثورة الصناعية في أوروبا والتوسع الصناعي الهائل والمدعوم بالتكنولوجيا الحديثة، وأخذت الصناعات في الآونة الأخيرة اتجاهات خطيرة
متمثلة في التنوع الكبير وظهور بعض الصناعات المعقدة والتي يصاحبها في أكثر من الأحيان تلوث خطير يؤدي عادة إلى تدهور المحيط الحيوي والقضاء على نظم البيئة.
لقد شهدت مدينة نواكشوط خلال العشريات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال التوسع العمراني، والنمو الديمغرافي، وقد ساهم بشكل كبير في التمدد الأفقي للمدينة موجات الهجرة الكبيرة التي شهدتها منذ السبعينات وحتى الآن، حيث تشير المؤشرات ذات العلاقة أن ما يقارب ثلث سكان البلاد يقطنون داخل العاصمة، وبفعل التوسع الأفقي السريع وانعدام مخطط عمراني يساير التطور الكبير للمدينة وفق إستراتيجية حضرية تراعي مختلف أبعاد التنمية الحضرية المستديمة، تعاني المدينة جملة من المشاكل الكبيرة من أبرزها التلوث بمختلف أشكاله، وبشكل خاص تلوث الهواء بفعل الانتشار العشوائي للمصانع داخل أحياء المدينة دون مراعاة لاعتبارات الصحة العامة، فضلا عن غياب دراسات تقيم الأثر البيئي لهذه المصانع، وعدم احترامها إن وجدت، وكذلك فإن الانتشار الواسع للنفايات الصلبة وتراكمها المستمر داخل الأحياء مع غياب وجود إستراتجية فعالة لنقلها أصبح التخلص الغير رسمي لهذه النفايات أمر واقع، خاصة عن طريق الحرق العشوائي والذي يترتب عليه جملة من المخاطر على الصحة العمومية من جهة وعلى البيئة من جهة.