ما زالت ألسنة اللهب التي أتت على نسخ من أمهات الكتب المالكية في مشهد مخجل ومؤلم تشعل أقلاما وتوقد ردات فعل متباينة وفي هذا النطاق لابد من تسجيل الملاحظات السريعة التالية :
- يجب التفريق بين قضية "العبودبة" التي تشكل مطلبا حقوقيا له آلياته المناسبة ووسائله القانونية والاجتماعية والاقتصادية وبين محرقة برام .. فلا هذا الفعل يخدم عدالة القضية ويعالجها بشكل علمي ولا عدالة القضية تشفع لهذا المنكر الفج ..لذلك يجب التفريق بينهما في الطرح والتحليل والتعقيب إن صدقت النوايا في البحث عن علاج سوي للقضية ..وصدقت كذلك في التنديد والإدانة ..ومن ثم تظل عدالة القضية هي هي ..ويظل التطاول على الدين والمشاعر هو هو .. ولاتزر وازرة وزر أخرى ..ولا تزهدنك في الحق خسة الشركاء. إن السكوت في مثل هذه المواقع أو المواقف أو الحديث المغلف بالدبلوماسية لدرجة التبرير أو التفهم أو البحث عن مخرج غيرِ مقبول غيرُ مقبول..فيجب أن لا تأخذنا في قول الحق لومة لائم .. وتحاشي الحديث خوفا من الاتهام بالعنصرية ضرب من العنصرية فالمهم ليس من فعل ..وإنما ماذا فعل ؟ وكيف فعل؟ إن مواطنا يحمل الجنسية الموريتانية أهان مشاعر المسلمين بمختلف أعراقهم وألوانهم وفي طليعة من أساء إليهم من يدعي أنه يتحدث باسمهم ..ومن المغالطة المداهنة حذار هذا الفهم أو ذك وإلا فغدا قد يحرق أحدهم القرآن الكريم وعندها يكون هؤلاء قد تعودوا المهادنة ولعبة التصامم ..خوفا من ..أو طمعا في....أو تحاشيا ل... - أن ما أقدمت عليه إيرا لا يمس مشاعر الموريتانيين فقط ولا مشاعر متخذي منهج الإمام مالك رضي الله- وهو نعم العبد إنه أواب- وإنما يلامس ألمه ولهيبه شغاف المسلين مهما كانت مذاهبهم مشارق الأرض ومغاربها..فما تتضمنه هذه الكتب تتقاطع الأمة في كثير منه تتعبد الله به منذ قرون وما تميز به الإمام ومذهبه ارتضاه المسلون ..ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نولي ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا.. - والقول بأن هذه الكتب كتب نخاسة ضرب من النخاسة الفكرية والثقافية .فهذه الكتب لم تبوب لوجوب اتخاذ العبيد والتقرب بذلك للمعبود سبحانه وتعالى ..ولم تطلب من الناس البحث عن زيادة العبيد وتقليل الأحرار ..ولم تلزم كل مسلم باتخاذ عبد حتى يكمل إيمانه .. - كل ما في الأمر أنها في مواضيع محددة بينت شرع الله في سياق ثقافي وزمني معروف يحث على المعاملة الحسنة والعتق والمكاتبة .وقد تحدث القرآن عن الحر والعبد والحرة والأمة وتحدث الرسول صلى الله عليه وسلم عن العبد والحر في بعض الأحكام فبين هؤلاء دلالة ذلك وسياقه وكأن المطلوب منهم أن يقولوا هذه عنصرية شرعية لانبسط القول فيها ..ومن أراد أن يحاكم تلك الأحكام المحددة الواردة في القرآن والسنة فليشمر لحرب الله ورسوله..أو لينزع تلك الآيات والأحاديث التي تتحدث عن العبودية ويعاقب على التعبد بتلاوة آياتها .فإن لم يستطع -وما هو بمستطيع- فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ. - لا كبير فرق بين الاستهزاء بهذه المدونات التي تلقتها الأمة بالقبول وبذلت الغالي والنفيس في حفظها وتدريسها وتقنينها باعتبارها تشريعا يوضح للأمة كيف تعبد الله تبارك وتعالى والمعلوم بداهة أن القرآن والسنة لم يحيطا تفصيلا بالفرعيات والجزئيات والحياة تتغير وتتبدل وتحدث أقضيات جديدة يقيض الله لها من اصطفاهم ورثة للأنبياء يبنون الأحكام وفق الشروط والضوابط المعروفة في مظانها ..وما حفظ هذا الدين وما انتشر إلا من خلال الأعلام والعلماء الذين سخروا أوقاتهم وأعمارهم تفسيرا لكتاب الله وتوضيحا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم - لافرق بين الاستهزاء بها وحرقها بكل وقاحة وبين حرق المصحف فهي توضيح للمصحف وبيان له .قد يقول قائل –وقد قال –إن الملزم هو القرآن والسنة وهو قول في غير سياقه ووضع للجملة الصحيحة في غير محلها فقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه دون واسطة وبلغة يفهمونها جميعا لايصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ملزم لكونه سنة ولكن ما هو "المدلول" الملزم؟ وأوامر ونواهي القرآن والسنة معروفة للجميع ولكن ذلك "الإلزام" لم يكن على درجة واحدة وليس كل من يعرف "الدال" اللغوي مهيأ لفهم (المدلول)الشرعي واستنباط الأحكام منه والتعبد به وهذا هو ميدان التفاضل في العلم والفقه ..ومن ثم يصبح "الفقه" جزءا من الدين الذي ارتضاه الله . فصلاة من صلوا قبل بني قريظة "فقه" مقبول وصلاة من صلوا بعد الوصول لبني قريظة "فقه" آخر مرتضى ..ولكن عدم الصلاة مطلقا هو المردود.فكل يلزمه ما فهمه وفقا لدلالات وحيثيات معلومة ..فالعمل بالفهم السليم أقره الشرع علما انه يستحيل الجمع بينهما فلزم من ذلك أن "الفهم السليم " ملزم - .نعم ثمة مشارب متعددة تخضع للضوابط والآليات التي حددها أولو الفن ومن ثم تعددت المذاهب ..لكن الأمة ارتضت هذه المذاهب وصلت وزكت وحجت واستحلت الفروج والدماء بهذه الأحكام المستنبطة من الكتاب والسنة .. - لذلك يمكن القول إن هذه الفعلة وما رافقها من إهانة لعلماء الأمة –وهي إهانة للشرع نفسه- تضاهي الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم لأنها إهانة للفهم الصحيح للسنة الذي تتعبد به الأمة حتى وإن كان ثمة فهم آخر صحيح ..سيما وأن الفاعل يعتبر نفسه مسلما ويعيش في مجتمع مسلم ..ولو أن فاعلا ما فعل هذا الفعل أو ما شاكله في دولة إسلامية أخرى لكانت ردة الفعل الشعبية والرسمية أفظع وأشنع ..فكيف وصلنا الشرع لو لم ينقله لنا هؤلاء وأمثالهم ويبينوه لنا ..فالطعن فيهم طعن في الشرع ذاته لأن تجاوزهم يعني إلغاء الشرع وهو فعل تدرون خواتمه ..فما هو الشرع إن لم يكن الفقه شرعا؟..ومن هم سدنته إن لم يكن العلماء والفقهاء؟ - لقد خرست ألسن الطبقة السياسية والجهات الرسمية المعنية وكأن كل طرف ينتظر المدخل الذي يدخل منه للنيل من خصمه أو لكسب ورقة سياسية ما ..وهو ما تجلى من خلال البيانات السياسية التي بدأت تترى بعد أن تحرك الشارع وفهم "الساسة "أن الورقة رابحة شعبيا فهبت الجهات الرسمية وإعلامها وبعض أحزاب الأغلبية تعزف على تصريح برام عند المحرقة أنه يؤيد المعارضة فاتخذوها ذريعة أوهى من بين العنكبوت للقول إن هذا الفعل ليس سوى جزء من تحركات المعارضة لإزاحة النظام وهي بذلك تريد تدنيس المعارضة بما لا دخل لها فيه وحتى قولة "برام " لا تشفع لهم وقد قال إن الفعل لتطهير الشرع من من دنسوه.. فهل صدقوه في هذا؟ - كما أنه من الشطح ربط ذلك بالصراع التقليدي بين السلفية والصوفية واعتبار العمل مدعاة لمحاربة "الوهابية" في هذا الربوع ..فهل فعلت السلفية هذا الفعل في الأماكن التي حكمتها أو سيطرت عليها رغم ما قام به بعض معتنقيها به من أخطاء وأغلاط؟ وقل ذات الشيء في اعتبار هذا العمل امتدادا لأنشطة تواصل وتنفيذا لأجندته –كما حلا لبعض المتربصين -وهو الغيور على دين هذه الأمة وشرعها حتى لا أقول تراثها وقيمها ..لأن الكتب المحروقة ليست كتب تراث أو قيم كما أن المسارعة إلى ربط الحدث بما يقترف النظام من أخطاء-وهي موجودة –لا يكتسي مصداقية كبيرة ..والادعاء أن النظام هو دبر هذه "المحرقة" قبل تقديم الأدلة لغو من القول واستخفاف بالعقول والحق أن حركة إيرا وحدها من تتحمل مسؤولية هذه الجريمة والبحث عن وسيلة ما لربطها بهذا الطرف أو ذك من الأطراف المحلية يخرجها من إطارها الحقيقي إلى المجادلة السياسية وهي ليست سياسية ..واستغلالها سياسيا هو من استغلال الدين الذي ترفضه جميع الأطراف وترمي بها بعضها بعضا وكم كنت أتمنى أن تبادر المنظمات والجهات الحقوقية إلى إدانة هذه الجريمة واعتبارها إهانة للقضية التي يزعم ذووها أنهم يناضلون من أجلها ..لكن الكثير من تلك المنظمات والشخصيات الحقوقية طمرت نفسها في رمال السكوت وتجاهلت الموضوع وكأن التنديد بهذا العمل وبهذه الوسيلة قد يطعن في عدالة القضية وما استطاعوا أن يرفضوا الوسيلة ويشدوا على عدالة القضية وهو درب لو اتبعوه نجوا ونجونا جميعا ..والمصيبة أن يطالب المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان بإطلاق سراح برام قبل أن يندد في البيان ذاته بالمحرقة وهو بذلك يبيح لي-أنا أيها الملسم- أن أرفع عليه قضية بالاستخفاف بمشاعري وديني بهذا الأسلوب في التنديد ولو أن برام تعمد إحراق بيت أو مال لعائلة ما ثم دافع المرصد عن اعتقاله لرموه بشرر كالقصر ..فما بالك بإهانة المسلين في الفلبين والسنغال وباكستان والجزائر ..و....أين ذكر اسم الله. لقد خرست ألسن كتاب وحقوقيين كانوا يلهجون بذكر برام صباح مساء وكتبوا أيامهم معه عند اعتقاله قبل فترة وكأنهم يتحدثون عن ذكريات مع بلال أو الحسن البصري أو نافع أو طاووس أو غيرهم من أعلام الأمة رضي الله عنهم من الذين لم يؤخرهم لونهم أو نسبهم ..وأذكر أني هممت بالاتصال بأحدهم لأسأله أين اختفت تلك العاطفة الجياشة والدمع المدرار عندما ودعت الأمة شيخيها بداه ولد البوصيري ومحمد سالم ولد عدود رحمهم الله ؟..ولكني آثرت السكوت .وأعرضت..ولله في خلقه شجون وبشكل عملي يمكن اتباع الخطوات التالية في هذا الموقف : تقديم المعنيين للعدالة وللقضاء وحده الكلمة الفصل في هذا الموضوع بعيدا عن إي إكراه أو ضغط شعبي أو رسمي .. -المقاطعة السياسية لأعضاء الحركة الذين شاركوا في المحرقة ..فتمتنع الأحزاب عن دعوتهم لحضور أنشطتها ومهرجاناتها في المستقبل . المقاطعة النقابية والحقوقية بمعنى أن تعلن المنظمات النقابية والحقوقية رفضها التعامل مع أصحاب "المحرقة" واعتبارهم نشازا في العمل النقابي والحقوقي - تركيز خطب الجمعة القادمة على تبيين حكم الشرع في مثل هذا النوع من الأفعال بعيدا عن أي بعد سياسي أو عنصري ليهلك من هلك عن بينة حتى يحيى من حيي عن بينة -عزوف المحامين المرموقين عن تلويث تاريخهم بالدفاع عن هذا الفعل المدان وعدم إيذاء أئمة الأمة في الوقوف مع من أهانهم وأهان الشرع. يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم م نوره ولو كره الكافرون