لقد تميز النظام السياسي فى البلاد منذو الإستقلال بالجمود نسبيا من الناحية الدستورية على الأقل حيث إن الفترة الممتدة من 1960 إلى 1978 كان النظام السائد هو نظام الحزب الواحد ثم تلى ذلك نظام عسكري امتد أربعة عشر سنة إلى سنة 1992 لا ترخيص فيه لأحزاب ولا لجمعيات إلا ماندر ثم بعد ذلك فى ظل موجة إملاءات غربية لإقامة ديموقراطيات شكلية انبثق عن ذلك نظام شبيه بنظام الحزب الواحد ولكن يرخص
لأحزاب وجمعيات محدودة وتعرضت للحل والحظر فى كثير من الأحيان .
ومنذو سنة 2005 ولنكن موضوعيين فى الطرح فإن مهندس الإصلاحات السياسية النوعية التى شهدتها البلاد هو فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز حيث دفع بالمجلس العسكرى آنذاك إلى إتخاذ الإصلاحات التى شهدتها تلك الفترة .
ومنذ وصوله إلى دفة الحكم رئيسا منتخبا للجمهورية الإسلامية الموريتانية , ظل فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وفيا لتوجهه الصادق نحو التأسيس لنمط جديد فى الحكامة السياسية الراشدة القائمة على مبادئ الإنفتاح الديمقراطى كوسيلة مثلى لترسيخ القيم الجمهورية الأصيلة و إشاعة أساليب عصرية مبتكرة فى التعاطى مع الشأن الوطني –سياسيا واقتصادياواجتماعيا – انطلاقا من روح الحوار و الشراكة بين مختلف الأطياف السياسية الوطنية فى الأغلبية الرئاسية الحاكمة وفى المعارضة , وذلك تحت مظلة دستورية تكفل التناغم المؤسسى المتوازن و الفعال بين المرتكزات الثلاثه لكيان الجمهورية ممثلة فى كل من السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية .
كما أن انتهاج سياسات تنموية شاملة تضمن قيام نهضة متعددة الأوجه غاياتها الكبرى رفعة الوطن ورفاهية المواطن , وتدعيم امن واستقلال وسيادة البلاد , وصيانة الثوابت الوطنية المرجعية الجامعة , ممثلة أولا وأخيرا فى الإسلام دينا للدولة و الشعب ,ومصدرا وحيدا لكل التشريعات و النظم و القوانين , ثم فى المبادئ و القواعد والأسس الدستورية للنظام الجمهورى , والذود عن حياض الوحدة الترابية و اللحمة الوطنية , والتنوع الثقافى و الإجتماعى , وحماية النظام الديمقراطى الموريتانى التعددى كما يحدده الدستور وتوضحه القوانين التنظيمية المعمول بها .
ومن هنا
- اصبح البلد نموذجا للديمقراطية حيث لا سجين سياسي واحد ولا سجين رأي ولا تضييق على صحفى ولا سياسي أو حزب أو منظمة ناشطة فى المجتمع المدني ويبقى من الواجب ترشيد هذه الحرية وعدم تسخيرها ضد مصالح البلد .
- تمت الدعوة من طرف فخامة الرئيس للشباب للإنخراط فى العمل السياسي وتم تشجيعه ليحتل مواقع هامة فى الدولة من اجل تجديد الطبقة السياسية .
- تم إشراك النساء بصفة فعلية حيث أسندت لهن مسؤوليات لم تتقلدها المرأة منذو الإستقلال مثل وزارة الخارجية والمفتشية العامة للدولة وغير ذلك المسؤوليات الكبرى فى الدولة .
أما فيما يتعلق بالقانون الإنتخابي : فقد اجريت عليه التحسينات الضرورية من اجل مشاركة اوسع حيث عممت النسبية واستحدثت لائحة خاصة بالنساء بالإضافة إلى لائحة وطنية .
وقد ظل النظام يفكر ويقترح كلما من شأنه تحسين المنظومة القانونية والسياسية وهكذا فقد نظمت حوارات متعددة وذلك استجابة للنداءات المتكررة من فخامة الرئيس للمشاركة فى هذه الحوارات وهكذ فقد خلص الحوار الشامل الأخير إلى نتائج تم عرضها فى إستفتاء الخامس من أغسطس الجارى .
إن التغييرات التى تم التصويت عليها بمراعاة لأقصى حد من الشفافية تهدف إلى عقلنة وتفعيل مؤسساتنا الدستورية من حيث إستحداث مجالس جهوية تضمن مشاركة افضل للفاعلين فى حين يتم التخلص من هيئات تثقل كاهل ميزانية الدولة دون ان يقابل ذلك مردودية تناسب ذلك .
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية وحكومته وحزب الإتحاد من اجل الجمهورية وبقية مكونات الأغلبية لم تتقبل واو تطالب طيلة مراحل جلسات الحوار الوطنى الشامل لا فى الوثائق التى تقدمت بها إلى المشاركين , ولا فى النقاشات التى جرت فى اروقته أي اقتراح او نقاش خاص بمراجعة أي من المادتين الدستوريتين (26و28) المتعلقتين بسن الترشح وبعدد المأموريات الرئاسية على الإطلاق .
وبالتالى كانت النقاط المتفق على عرضها على الإستفتاء هي كالتالى :
- مجلس الشيوخ : قرر المتحاورون بالإجماع إلغاء مجلس الشيوخ
- وضعية الشغور : فى حال شغور منصب رئيس الجمهورية يخلفه رئيس الجمعية الوطنية .
- المجلس الإقتصادى والإجتماعى : تفعيل دورهذه المؤسسة و إدراج إشكالية البئة ضمن اختصاصاتها.
- تحقق إجماع على دسترة السلطة العليا للفتوى والمظالم التى ستوكل إليها مهام المجلس الإسلامى الأعلى ومؤسسة وسيط الجمهورية .
- إسناد صلاحيات محكمة العدل السامية إلى المحكمة العليا مع إبقاء الإتهام من صلاحيات البرلمان
- المجلس الدستورى : تعزيز مؤسسة المجلس الدستورى من خلال إعادة النظر فى تشكلتها ونمط سيرها وصلاحياتها حتى تلعب دورها كاملا وبإستقلالية .
- رموز وشعارات الدولة : (النشيد الوطنى والعلم ) إجراء بعض التحسينات على العلم الوطنى من اجل تثمين تضحيات شهداء المقاومة الوطنية الباسلة وتشجيع روح التضحية دفاعا عن الوطن , كما تقرر تغيير النشيد الوطنى فمع الحفاظ على تكريس التشبث بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف سيتضمن النشيد الجديد شحنة من الوطنية وتثمين رموز الدولة .
- المجالس الجهوية : يندرج إنشاء هذه المجالس ضمن رؤية استراتيجية ترمى إلى تثبيت السكان فى مناطق سكنهم الأصلية , وخلق نشاط اقتصادي قادر على فتح آفاق التشغيل و الإنتاج المحلى وتشجيع تقاسم المقدرات والمصادر الإقتصادية للبلد بين كل ساكنته . ويجب اختيار اعضائها حسب الكفاءة و النزاهة .
وخلاصة القول أن نظامنا الحالى دأب مرارا وتكرارا على الدعوة للحوار دون أي محظورات وبالتالى فهو منفتح على كل الأفكار والرؤى التى تمكن من تقدم وازدهار البلد
هناك أيضا إنجازات سياسية غير مسبوقة وهى ترأس البلاد لجامعة الدول العربية ولمنظومة الوحدة الإفريقية ثم وساطات ناجحة فى مالى وغامبيا وغير ذلك من تصدر المشهد السياسي الإقليمى والدولى .