هل بدأ موسم انكماش المعارضة الراديكالية التي كانت تنظم مهرجانات تصفها بالمليونية في ساحة ابن عباس، فلجأت أمس إلى قاعة دار الشباب القديمة في أول رد فعل لها على تصويت الموريتانيين على الإصلاحات الدستورية.
تدعي جماعة الثمانية أن الشعب عارض الإصلاحات، فلبى نداءها للمقاطعة. وعلى افتراض صحة هذه الدعوى كيف تفسر المجموعة عزوف الشعب عن دعائها
إلى المهرجان! فالذين قاطعوا الاستفتاء هم الذين حضروا مهرجان الجماعة في دار الشباب، وتتسع القاعة لبضع مئات فقط...
لم تعد الجماعة، من خلال بيانها، تعارض نظاما سياسيا وإنما تضع نفسها في مواجهة صريحة مع القانون. فقد قال الشعب كلمته في الرموز الوطنية والهيئات الدستورية، تلكم الكلمة التي أصبحت قانونا يذعن له جميع الموريتانيين، ومن يتخذ إجراءات تنتهكه يعرض نفسه للمساءلة القانونية. وفرق كبير بين النشاط السياسي المعارض، وبين الخروج على القانون. لقد فقدت المعارضة الراديكالية مصداقيتها لدى الموريتانيين حين عارضت إجراءات وطنية تهدف إلى توزيع الثروة، التي ظلت تحتكرها ثلة من المنتفعين وأغلبهم في المعارضة اليوم، على الشعب الموريتاني بالتساوي عن طريق اللامركزية التي تحققها المجالس الجهوية.
بالأمس اجتمعت جماعة الثمانية في دار الشباب القديمة بآخر ما تبقى من الحرس القديم لإعلان معارضتهم الصريحة لإرادة الشعب الموريتاني التي عبر عنها بكل وضوح في استفتاء الخامس من أغسطس، وبالتالي فإن رفض نتائج الإستفتاء هو رفض لإرادة الشعب صاحب السيادة.
لقد سقطت ورقة التوت وظهرت حقيقة جماعة الثمانية التي تمثل مصالح فردية وفئوية تتعارض بشكل صارخ مع مصالح الشعب الموريتاني الذي اكتسب من الوعي ما يحصنه ضد دعاية مفلسة لا تقنع من يطلقونها.
كنا نتمنى أن تدرك جماعة الثمانية والمعارضة عموما مستوى الوعي الذي وصل إليه الشعب الموريتاني، وتطلعه إلى قيادة سياسية وطنية تحمل مشروعا سياسيا واعدا بمستقبل زاهر لكل الموريتانيين. وقد التحم الشعب الموريتاني بهذه القيادة منذ سنة 2009، وأدار ظهره للمعارضة الراديكالية التي ظلت تنشط ضد إرادة الشعب مستفيدة من أجواء الحريات العامة التي أشاعها النظام في الوطن تمسكا بنهجه الديمقراطي وإنفاذا للقوانين. وفي بيان اجتماع دار الشباب عبرت جماعة الثمانية عن نيتها الصريحة في الخروج على القانون وإثارة الفوضى والقلاقل في وطننا الآمن بفضل الله ثم جهود أبنائه البررة الذين لن يسمحوا لأحد بتهديد السلم الاجتماعي والتطاول على الرموز الوطنية؛ فعلى الأقلية المجهرية التي تجتمع في قاعة أن ترضخ للأغلبية الساحقة المنتشرة على امتداد الوطن.
لقد كان اجتماع الأمس مأتما حقيقيا للشعبية التي تدعيها الجماعة، ولكل انتماء للوطن وسهر على مصالحه العليا... عزاؤنا لكم يا من تنصتون للسفارات، وتتطلعون خارج الحدود فقد مات فيكم الوطن الذي نفثت فيه القيادة الوطنية روحا جديدا فانبث في مواطنيه الشرفاء.