صورة اللواء بكرن والموقع الخطأ... / محمدن ولد محمد غلام

 

كم ساءني وحز في نفسي أن تقترن صورة اللواء أحمد ولد بكرن – بما عرف عنه من استقامة مهنية وعفة ونظافة يد – أن تقترن في وسائل الإعلام المحلية والإقليمية بدماء أبناء شعبه الأبرياء من المتظاهرين بشكل سلمي.. بدماء طلاب العلم الشرعي المتوضئين من أبناء المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.

.. أن ترفق صورة الرجل – إعلاميا - كخلفية لخبر يتحدث عن تعذيب الطالبات الموريتانيات وسحلهن في الشوارع على أيدي مؤسسته التي يتربع على مقعد إدارتها الدوار.. أن ترتبط صورة الرجل الذي كان يعول عليه الكثير ممن عرفه عن قرب من الموريتانيين استقامة ً وعفة وطهارة يد – أن ترتبط في ذهنية الموريتاني وفي مدونات التاريخ الذي لا يرحم بصور قمع المتظاهرين السلميين وتعذيب المعتقلين السياسيين والنقابيين على خلفية مطالبهم القانونية؛ أقول: "مطالب قانونية" بدليل أن أيا من المقموعين والمعتقلين والمعذبات والمسحولات، لم تتجرأ الجهات الأمنية على تقديمه للقضاء.

 

سياسة الأرض المحروقة

لقد حز في نفسي وآلمني كذلك أن النظم المتعاقبة على هذا البلد – ومنها النظام القائم بكل أسف - لا تكتفي بنهب ثروات البلاد المادية بعمليات التحايل وصفقات المحاباة.. ولا بتحطيم صورة الدولة الخارجية بإظهارها دولة قمع ومضايقات... وإنما تصر على ضربها في صميم وجودها وجهازها العصبي الحساس؛ وذلك بالزج بما قدر لها أن تناله أيديها من أبناء هذه البلاد الذين يمتلكون سجلات مهنية وأخلاقية نظيفة – بالزج بهم في المستنقع الآسن الذي تتمرغ فيه؛ نهبا وقمعا وتزويرا وتغريرا..

 

إذا عمت هانت وإذا خصت هالت!!

هكذا تنظر النظم الشمولية والأحكام الفاسدة إلى الحالة الأخلاقية والقانونية والإنسانية المنحطة التي تتخبط فيها؛ ليس صحيحا أنها تعيش أو عاشت حالة من الغرور والزهو وأنها محجوبة عن نفسها.. أبدا! فهي تقدر حجم الضياع الأخلاقي والإنساني والقانوني الذي تتردى فيه حق قدره، وتدرك خطورة المسلك القمعي والتعسفي الذي تسلكه.. ولذلك فهي تصر على الدفع بأكبر قدر ممكن من أبناء البلد الذين كانوا يوما مظنة لأي شهامة أو إباء أو كرامة – بالدفع بهم إلى الانغماس معها في المستنقع الآسن..

 

الهدم أيسر من البنيان!

"عشرون سنة تستغرق لبناء سمعة طيبة لك، وخمس دقائق تكفي لتدميرها" إنها مقولة شهيرة للمستثمر العالمي وارين بافيت، ومع أن صاحبها يقصد بالسمعة في حكمته – والحكمة ضالة المؤمن – يقصد بها السمعة في مجال التسويق والموقع الائتماني المحترم، فإنها تصدق على كل "سمعة" طيبة وذكر حسن بناه الإنسان لنفسه باستقامته الوظيفية وأخلاقه الحسنة وعفته عن المال الحرام الذي ولغ فيه الكثير من أقرانه وزملائه.. كما هو حال اللواء أحمد ولد بكرن، حسب العارفين بالرجل ولا أزكي على الله أحدا.

 

قد خلت من قبلكم سنن!!

أجل إن العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ به غيره.. فكم رأينا من شريف حافظ على شرفه "في يوم ذي مسغبة" وحافظ على قيم مجتمعه في أيام عز فيها المحافظ، ثم انقلب ذات يوم مشؤوم إلى بيع شرفه وآخرته بدنيا غيره؛ ظلما وتجبرا وعسفا.. ثم كان الضحية الأولى - في شرفه وسمعته إن لم يكن بملاحقاته القانونية والإنسانية المخزية – عندما دارت دائرة السوء على الظلمة وحاق المكر السيئ بأهله.. 

وأخيرا فإنني لم أكتب هذه الكلمات للغض من اللواء بكرن شخصيا – مع عظم الأخطاء وربما الخطايا التي وقع فيها الجهاز الذي يديره في الآونة الأخيرة – وإنما أكتب نصيحة للرجل، وإشفاقا على هذا الوطن الذي لا تكاد أنظمة حكمه المستبدة تسمح له بالاحتفاظ بملفات مشرفة لأحد أبنائه في أي مجال، إصرارا على فرض المساواة بين الجميع في درك مستنقعات السقوط والتردي الذي تقود إليه البلاد. 
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. 

19. أبريل 2012 - 13:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا