المواطن يريد كسرة خبز وقرص دواء وقلم رصاص وكراس رسم وإفشاء سلام، والنظام يريد علما أحمر ونشيدا أحمر ونهاية حمراء!! ولو أن هذه الحمرة كانت تجشؤا بعد شبع لكان الأمر مقبولا، أما وأنها ليست إلا: "تجشأ لقمان من غير شبع" فإن هذا التجشؤ الكاذب لن يجعل عاقلا يتملص بهذه البساطة من " أذن حماره"!
النشيد الذي درسنا ودرَّسنا كان شحنة دينية ربطتنا أكثر بهذه الأرض التي عُرِفت في مشارق الأرض ومغاربها بنبوغها الديني واللغوي ولم تُعرَف بغير ذلك،،
وهل يمكن لأي رابط مهما قوي أن يربط الإنسان بوطنه أكثر من الدين الذي رضعه من ثديه وتنفسه من مداءاته وناغت به أفنان أشجاره في أذنيه أذانا مجلجلا كان هو أول ما شنف السمع وصقل الروح وهذب الخلق،،، وهل الدين إلا إيمانا، وهل حب الوطن إلا جزءا من آكد أجزاء الإيمان! وهل يمكن لأمة أن يوحدها شيء أكثر قداسة من الإيمان أو يربطها بالوطن شيء أكثر تحريكا للوجدان من الإيمان؟!
" كن للإله ناصرا " وهل يمكن أن يُؤمر ساكن هذه الأرض أمرا أشرف أو أعظم أو أجل من هذا الأمر ؟ علينا أن نكون صريحين وواقعيين وأن نغني لوطننا بما عرف عنا وفينا حتى نكون صادقين، ونحن لم يُعرف عنا إلا نصرة الإله واتباع سبيل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ونشيدنا صراحة كان طَبَقَةً على شَنٍّ! تماما ك " قسما بالشاهقات الشامخات" على الأشقاء في الجزائر الذين عرفوا بالجهاد والاستبسال، مع أنه لا يوجد أشرف ولا أنبل من التغني للوطن بنصرة الإله و إتباع سبيل نبيه عليه الصلاة والسلام رغم أن ذلك لم يعد إلا مجرد كلام مع الأسف؛ فالذين يريدون إنبات قرون لهذه الأرض عليهم أولا أن يسلخوا عنها جلد الحمار الذي ألبسه إياها المستعمر ذات زمان حينها سيعرفون الأنسب من الأناشيد!!! أما علمنا الذي عرفنا وألفنا وغنينا له أطفالا ورسمنا ألوانه، وقاتل تحت ظله جنودنا ولُفّت فيه جثامين شهدائنا وعظمائنا فإننا لن نخذله وتنخلى عنه بسبب كذبة أطلقوا عليها " إرادة الشعب " فإرادة الشعب ليست خمسمائة ألف صوت حصلت بالتبذير والتزوير والترغيب والترهيب وإحياء الموتى وقتل الأحياء، إرادة الشعب ليست بتجاهل معارضة ناطقة ومعارضة صامتة والاكتفاء بموالاة مردت على الطأطأة والنفاق!! والقول بأنه مشبوه خيانة عظمى لأجيال الأطفال منذ الاستقلال التي رسمت ألوانه ببراءة وغنت له وتعلمت حبه، خيانة عظمى لأجيال المعلمين الذين أهلك الوطن شبابهم وهم صامدون على حافات الموت يعلمون أبجدية حبه بتفان،! خيانة عظمى لجنودنا الذين رفعوا هذا العلم في الثغور وفي ميادين الحرب، خيانة عظمى للذين لُفوا فيه من الشهداء والعظماء مترجلين في نهاية خدمة الوطن، خيانة عظمى لآباء مؤسسين سلموا لنا وطنا بكل مقومات الوطن قاتلوا الظروف الطبيعية والجغرافية والتاريخية والدولية من أجل أن يولد و يسلموه لنا شامخا مرفوع الرأس في المحافل الدولية، أي برور!! في الوقت الذي يعاني فيه البلد من الجفاف وانحباس المطر ويعاني المواطنون من سوء الأوضاع المعيشية والصحية والتعليمية والغلاء وارتفاع الأسعار وجمود الرواتب وتفشي البطالة، ويعاني فيه المجتمع من شرخ واصطفاف فئوي، وتعاني فيه الطبقة السياسية من انقسام، ويعاني فيه النظام نفسه من ترنح ونفاد في رصيده من الشعارات لكثرة ما أخلف وقلة ما أنجز،،،، يلجأ إلى تبذير الأموال لزيادة الشرخ وكأنما يريد من القدر غليانا أكثر، فأي خنزير سيُطبخ؟!