ترصد المخاطر وتلمس المخارج (ح6) / عبد الفتاح ولد اعبيدن

المنظومة الأمنية والقيمية في خطر، حيث الاحتكاكات شبه المتكررة بين السلطة والمعارضة الراديكالية والأجنحة الأخرى، مما يهدد بانجراف تدريجي لا قدر الله، نحو تحويل الصراع السياسي التقليدي إلى صراع من نمط آخر، أكثر حدة للأسف البالغ.
وما حادثة كسر الأذرع، في يوم من أيام الحملة المنصرمة قبل أيام، إلا مؤشر لتبدل حالة الاختلاف ، عندما يتحول إلى تدابر مفتوح وبغضاء متبادلة وقمع للمحتجين سلميا، 

إن صح الإدعاء.
ومن وجه آخر المنظومة الأساس المكين لهذا البلد، بعد الاستقرار، والهام مكسبا مركزيا، أيا كان مستوى هذا الاستقرار.
بالمقارنة مع واقع دول عربية وإفريقية أخرى في هذا الباب.
أقول الجزء الثاني الأساس، والأول والأكثر أولوية، من الأمن بالمعنى الأول، الأمن الروحي والقلبي والفكري، بإسلام النفس لبارئها ومنهجه الخاتم الشامل.
نعم هذا الأساس العقدي والنفسي والسلوكي، الأكثر أساسية وجوهرية من كل أساس، هو الآخر في حساب بعض الناس والعياذ بالله تعالى، أصبح محل تهاون وزعزعة وزيغ، وما حالة ولد امخيطير وغيره ببعيد للأسف البالغ.
إذن الخطر القيمي والأمني، أضحى محل احتساب وحذر في نظر الغيورين على أساس كل دولة إسلامية متوازنة.
فالأساس المزدوج المكين، هو الإسلام والعافية، وبصراحة موريتانيا أغلى ما تملك من معدن نفيس بعد التشبث بعروة الإسلام الوثقى، هو العافية والاستقرار مهما كان هشا ناقصا.
موريتانيا، شعبا وحكومة ومعارضة، وما سوى ذلك من الجهات المعنية والمسميات المتنوعة الدلالة والمغزى، ينبغي أن تحرص على السير على محجة دينها الأبلج الحق، والعافية ما تيسر منها، مهما علت الخصومة والاختلاف والخلاف حتى.
فالمؤشر يدل على تبدل وتغير في نمط وأسلوب الاحتكاك، فمن واجب الدولة أن تحض وتحث الجهات الأمنية المعنية على عدم القمع، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وكما يقال في المثل الحساني "نعت بصراتك وخلي خصراتك".
ومن واجب معارضتنا الوطنية عدم جر المسرح السياسي الوطني إلى ما لا تحمد عقباه ،على المديين القريب والمتوسط قبل البعيد، إن شاء الله.
العافية معدن نفيس ومكسب ثمين، مهما كان هشا أو ناقصا، وما عندنا مثير للغيرة والغبطة، رغم عمليات القتل والاغتصاب والسرقات المتنوعة، والاعتداء على المال العام والخاص، ليلا ونهارا وما بينهما، إن صح الإطلاق.
أجل، بالمقارنة مع أوضاع الآخرين، وخصوصا في إفريقيا والوطن العربي بوجه أخص، وبعض دول الربيع بالذات، للأسف البالغ.
نحن في عافية واسعة تحتاج للتحصين والتحسين، وهي بهذا المستوى الحالي بالمقارنة مفخرة موريتانيا الأولى.
فلنعلم أن السعيد من اتعظ بغيره، وتجارب أمم أخرى، في هذا المنحى خصوصا الأمني، تستحق الاعتبار والاتعاظ حتى لا نكرر نفس المآل والمصير، لا قدر الله محليا، دون أن نحس أو ننتبه.
فالوقاية خير من العلاج.
القمع خط أحمر والإقدام الزائد على إثارة القلاقل على وجه نضالي غير محسوب ولا حازم، لا خير فيه بصراحة.
فلعله مصب تياري غير متحكم فيه نحو منزلق ما ، أو فتنة ظاهرة أو خفية مدمرة، لا قدر الله.
"وكان بين ذلك قواما"....فلا لقبول الظلم والاستسلام والإذعان للباطل ، ولا التحريض دون حساب دقيق وحذر لازم، على نزاعات وصراعات حادة غير متحكم فيها، تتحول –ربما- إلى مأزق وليل بهيم وفتن مدلهمة ونفق مظلم معتم نحو المجهول.
قال الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ".
لا لقمع السلطة لمعارضيها ومنع الاحتجاجات السلمية، ولا للتصعيد والأسلوب التفجيري المتعمد أو غير المتعمد، من غير حكمة ولا تحسب للمخاطر الجمة ، المحتملة دائما في حساب النبهاء الوطنيين،مهما كانوا موالاة أو معارضة، أو من أي مشرب وطني آخر.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.

30. أغسطس 2017 - 18:19

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا