في الأنظمة الديمقراطية الحديثة هناك طرفان هما أساسا النظام : الأغلبية و المعارضة،
وبغض النظر عن شرعية تلك الأغلبية و سلوكها إتجاه الغريم ، و تطرف تلك المعارضة ، فإنه ينبغي مهما يكن من أمر أن تكون هناك ثوابت وأسس لأرضية مشتركة بين الطرفين ،
تستحق الوفاء و الحماية و العزة و الكرامه ألا وهي "الوطن". هذا الوطن الذي هو بالطبع فوق أي إعتبارات و آراء ضيقه ، فكل يزول ويبقى الوطن.
إنما نلاحظه اليوم من حرص كل طرف على شد الحبل والإستقطاب ، لدرجة يكاد يستحيل معها الجلوس على طاولة واحده ولو كانت مائدة الأكل! حتى وهم يرددون مثلنا الشعبي اللسان باللسان و الأيد مكروفه!
إن تلك والوضعية في تقديري ترجع إلى أسباب من أهمها: إنما يسمى بالأغلبية عندنا يقودها أصحاب النفوذ من ذوي الوظائف السامية و أصحاب المال وشيوخ الزعامات التقليدية القبلية . و هؤلاء يعتبرون كل تقارب بين المعارضة و الأغلبية سيكون على حساب مصالحهم الضيقه ووظائفهم وأرزاقهم ! وبالتالي يقفون دون دخول أي جديد عليهم . ثم هناك "نخبة" مشغولة بصراعاتها الداخليه و الأديولوجية و القبلية و الطائفية والجهوية و البحث عن لقمة العيش..، و مؤسسة عسكرية أقحمتها تلك المجموعات للدخول في معمعان السياسة ! وما بقي إلا من رحم ربك ممن لم يكتوي بنار تلك الصراعات.
إن مثل هؤلاء هم من يشغل الحكام بأخبار الخصوم "المفتعلين" أحيانا ويساهمون في الشحن و التجييش ويستخدمون لذلك كل الوسائل المتاحة ويرفعون شعارات نبيلة - منها أحيانا ما أخذوه من المعارضة "الحالمة" - وهم من تطبيق هذه الشعارات برآء كإشراك الشباب و النساء و محاربة الرشوة والفساد...
إن هؤلاء أيضا يحجبون عن الحكام حقيقة الواقع ، ولا يرفعون قضايا المواطن عندما يتاح لهم لقاء بإسم الشعب وهم يتسابقون لإظهار الولاء الخادع في كل تظاهرة ، ويبعدون أصحاب الحق والقضايا العادلة ؛ ليستبدلوهم أنفسهم بخطاب التملق و التزلف ! حتى إذا ما تنبه الحاكم للقضية ، وسأل عن الفقراء وأصحاب القضايا ؛ يسمحون بمداخلة نشازا لأحدهم !! وذلك للترويح والتسلية و التنويع - تماما كما ينوع بالمرأة في اللجان و التعينات أو كإستراحة موسيقية بين حلقات برنامج فقهي -!!
بطبيعة الحال مثل هذه المجموعات لن يكون أملا للإصلاح والبناء و الحياة السعيدة ، التي يتوق إليها كل مواطن ، في هذا البلد الغني بالخيرات و الثروات كما أن البقية الصالحة الناصحة لا تستطيع فعل أي شيء أمام قوة هؤلاء ونفوذهم فلا وسيلة لهم إلا بالتغير بالقلب الذي هو أضعف الإيمان !!
و على الطرف الآخر تقف هنالك معارضة متهالكة ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ! وكلا يدعي وصلا لليلى*** و ليلى لا تقر بذاك ! فكل ينادي بالتناوب الديمقراطي ، ومع ذلك فأغلبهم تزيد مأمورية إنتدابه على أكثر مما يطالبون به غيرهم كما يطالبون بإشراك المرأة و الشباب ومع ذلك يصدق فيهم قول الشاعر
ويقضى الامرحين تغيب تيم ولايستأمرون وهم حضور.
فالشباب هناك مغيب،كما المراة مغيبة ؛ عن مصادر القرار.
وينددون بالقبلية والجهوية والعنصرية ويرسخونها في حياتهم اليومية.وينادون بحب الوطن والدفاع عنه ،ومع ذالك يتحالفون مع اعدائه،فيتعاملون مع هيئات دولية مشبوهةوجهات خارجية ،ليشرب بعضهم من خلالها ماء جيفة اسرائيل!!
ينتقدون واقع المواطن ،ولايجدالمواطن" غير المنتمي" لاحزابهم اي سند ولا وقوفا معه في قضاياه العادلة بينما يقيمون الدنيا اذا اوقفت المحكمة احدهم للتحقيق معه في قضية فساد اوخيانة وكذا اذا استدعت الشرطة احد صحافتهم لاستجوابه عن مسؤوليته في قضية ما !؛ ينتقصون من برامج امل ،والزراعة،والصحة،والتعليم،ولايعطون بديلا لها.وقد
يقولون انهم لايحكمون البلد ليعملوا ذالك،
فاقول لهم أن تعليم عشرة من الاطفال لا يحتاج الى حكم اوسلطة.وهكذا كل من يريد ان يزرع او يساعد اويساهم فى تنمية الوطن .
فهم غير مهتمين بقضايا هذا المجتمع غير قضيتهم الوحيدة التي يضعونها نصب اعينهم الاوهي "كرسي الحكم" لا يرون إلا الفارغ من الكأس وليسوا مستعدين لتقبل اي إصلاح أو حتى تنمية أو صدقة لا تأتي من قبلهم ، يصورون النهار لك اسودا ويغلقون في وجهك الطرق و يقتلون الأمل فيك ...
وأغلب هذه الأحزاب "المتكلة" فيما بينها لا تهمه إلا مصالحه الخاصه "وكل حزب بما لديهم فرحون " ولا أحد يريد إعطاء قيادة لأي أحد من" إخوته أو زملائه " على طريق الدرب !
لذا نجدهم في كل الإنتخابات ينقسمون تلك الإنقسامات الميتوزية التي ميعت المعارضة أكثر من تميع الأحزاب نفسها.
وبطبيعة الحال لا يمكنني التعميم، فهناك في كل طائفة نجد خيرين ومصلحين ومخلصين وجادين .
لكنه في عهد الديمقراطيات الحكم فيها يبقى للأكثرية ، وأكثر الناس كما وصف القرآن (لا يعلمون ..لا يفقهون ..وللحق كارهون ) !
لمثل هؤلاء كؤلائك هم من يتآمر على بلده سواء من الداخل حيث لا يكشفون للحاكم حقيقة الواقع حتى يدركه بنفسه وربما حين ولات !
أو من الخارج حيث يضيع الخناق على" البلد المسكين" عن طريق رفع القضايا وتدوينها لهيئات التمويل الدولي والقضاء الدولي ناسين أن من يقاضى ليس حاكما وإنما بلدا بأسره هو وطنه موريتانيا .
لمثل هؤلاء وألائك أوجه نداءا والتوجيها والتحذيرا فإن يراجعوا أعمالهم وأن "يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا"وقبل أن يعي هاذا المجتمع أنكم زبد سيزيله قبل أن ينتظر زواله !!