هجران الزى الرسمي : بداوة أم تعال علي الرموز : رؤية / محمد يحيي ولد العبقري

بداية هذا المكتوب يتناول موضوعا قد لا تتبادر أهميته بسبب  طغيان عادة عدم الاهتمام به حتي أضحي منسيا أو كالمعدوم أصلا .  
المتخصصون وحدهم يعلمون المواد القانونية المحددة للأزياء والبدلات الخاصة بكل قطاع اما نحن فنفترض :أن كل زى أو بدلة انما يخضع لضوابط  تحدد اللون والشكل وأنه يراد له الاستخدام .
والأكثر منطقا أن تلك الرموز انما اختيرت لتكون دالة وأنها بعض الأحيان تشير الي ما ترمز اليه بشكل مباشر بحيث يعلم منها دون عناء كبير .

وتجنبا للخوض في علاقة الدال والمدلول عند اللسانيين والاعتباط  والفكر والمرجع الي غيره من ما مر بنا في الجامعات والبحوث نركز هنا علي ما ورد في العنوان : هجران الزى الرسمي : مظهر بداوة أم تعال علي الرموز فنتناول :
-أي الأسلاك الوطنية تعتني بالزى الرسمي ؟
-أين يهجر ؟
-الأسباب لذلك التلاعب ؟
-نقاط متفرقة ذات صلة .
انه في مقام أول  يتبادر الي الذهن من دون تفطن أن الزى الرسمي غير مستخدم علي نطاق واسع بحيث أمكن تصور أنه غير موجود .
يشيع  ذلك في الأسلاك الادارية عموما :القطاعات الوزارية عامة :كافة الادارات والمصالح والأقسام والخلايا ...
هذه القاعدة تكون شبه عامة  اذا استثنيت شخص معالي الوزير الذي في الغالب يداوم بزي مدني عصري  ومستشاريه والديوان .
ان أول ملاحظة تتشكل هي أن الوزير وحده يمثل الدولة وملزم بهيئة  مهيبة أما الموظفون الآخرون  فيمثلون أنفسهم وأهليهم وليس عليهم من حرج اذ لم يؤخذ منهم عهد بأي لباس .
نذكر هنا أن الأسلاك العسكرية بحكم وضعها الخاص الميال الي الانضباط تشيع عندهم ظاهرة ارتداء البدلة العسكرية :فخرا وعزة وكسبا لاحترام الآخرين .
هؤلاء بعض الأحيان بدلا من لباس البدلة تلقاهم يعلقون القبعة بداخلها كي يتميزوا عن غيرهم وكل ذلك لون من ألوان التميز أفضل من العدم .
وحتي البدلة العسكرية تصادفها علي من ليسوا عسكريين بحيث  يسهل تقمص الشخصية وتمثل  قطاع لا ينتمي اليه المرء .
ان الأسباب وراء عدم لباس الزي الرسمي يمكن اجمالها في :الطابع البدوي وعدم الاستقرار السكني حيث لا أحد منا يعلم أين ستكون قيلولته التي قد يحددها اتصال هاتفي من زميل أو السماع بأن أهل فلان عندهم مناسبة أو اجتماع من النوع المهم.
وعليه فان ارتداء اللباس العادي  يلبي حاجتين :مزاولة الدوام والمقيل عند قوم ما دون الحاجة الي تبديل المظهر أضف اليه عدم الاستقرار السكني للفرد حيث لا يلزمه المرور بالدار لتجميل نفسه .
كما ان عديد القطاعات لا تملك لباسا خاصا و اذا الموظف في حل ,لا يلبس مدنيا إلا لذوقه الخاص لا غير .
ومن جهة فان  من يريد البدلة العصرية  عليه أن يفكر في اقتنائها بواسطة عون فالراتب الأصلي لا يمكن بأي حال أن يغطي ثمنها إلا أن يكون علي حساب الالتزامات اليومية الضرورية التي ينوء بها الراتب المحترم بين قوسين .
واقتصارا فان الوعي بالانتماء للقطاع ومن ثم الدولة غير متبلور جدا لدي الموظف العمومي الذي في تصرفه يقترب كل مرة من البداوة  .
ان هذا الهجران مصدر ارباك :
تصور أنك حين تجيء ادارة معينة بغرض تسوية وضعية  تجد الجميع بزي واحد لا تدري من المسؤول بحيث يتحتم السؤال :أين الحاكم ؟أين المدير ؟ أين الوالي ؟
هذه الأسئلة الحتمية لو استخدمت البدلات ما كان لها أن تطرح اضف اليه أننا في تصرفنا الغالب : يجلس الصديق أو القريب علي مكتب المسؤول ويكون هو في المقعد المقابل أو غائبا ,هذا أيضا في منتهي التلاعب و الازعاج للمرتادين .
ان الزائر يظن حتما أن من يحتل مكتب المدير هو المدير ,لكن الواقع يشهد أنه قد لا يكون هو بل صديقه أو بوابه أو أي شخص تعود الدخول الي المكتب :لا حرمة للمكاتب عندنا !
والحقيقة أن الموظفين ذوو الرتب الدنيا  هم من يكتب علي نفسه بعض الأحيان لبس البدلة فيكونون محل سخرية الآخرين لأنه في المخيلة العامة أنه لا يلبس البدلة الرسمية أو المدنية الا المعينون في وظائف سامية  أما غيرهم فحري بهم الانتظار حتي التعيين :وما أصعبه !
حكاية :سنة كذا كنت في مجلس ,به رئيس القرية وإذ برجل  ضيف يسلم علينا ويسأل :أين رئيس القرية ؟.قالوا :انظر واختر من يكون من بيننا ,نظر مرات وأشار بيده الي رجل من عامة القوم  قالوا مجاملة : أصبت .
كما ان العسكريين بعض الأحيان لا يعلقون رتبهم فلا تدري :أأنت أمام عقيد أم رقيب أم عريف ,هذا أيضا لا ينبغي فالرتب ليست لتحضن في المنازل انما لتعلق .
المفارقة :جميع الموريتانيين في سفرهم يقطعون مع الدراعة التي تكون بالنسبة لكثير منهم مظهر بداوة  وجالبة للاحتقار .
انه والحال هذه يجدر طرح الأسئلة التالية :
-هل حقا نمتلك لكل قطاع زيا معينا ؟
-هل القانون او الاجراءات الادارية تلزم استخدامه ؟
-لماذا يلتزم به الموظفون الكبار وحدهم ؟
-ما سبب عزوف مساكين الموظفين عن لباسه –ان وجد؟
-لم لا ندخل الهندام في ميزانية المؤسسات ليتحصل عليه الموظفون ؟ولا يكونون في حل من استخدامه .
الي غير ذلك من الأسئلة الوجيهة التي في الاجابة عليها حل لهذا المشكل . 
أدام الله عافيته علي الجميع ...

26. سبتمبر 2017 - 15:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا