ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻔﺎﺿﻠﺔ ﺃﺣﺪ ﺃﺣﻼﻡ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍلشهير " ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ " ﻭﻫﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺗﻤﻨﻰ ﺃﻥ ﻳﺤﻜﻤﻬﺎ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻇﻨﺎً ﻣﻨﻪ ﺃن حكمتهم ﺳﻮﻑ تجعل ﻛﻞ ﺷﺊ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻌﻴﺎﺭﻳﺎً، وهي مدينة فاضلة لكن لا وجود لها علي أرض الواقع، وإنما تمثل في الحقيقة تطلع الفلاسفة إلي دولة مدنية ذات حكم مركزي، ﻳﺠﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﻭﺍﻟﻤﻘﻴﻢ ﻭﺍﻟﺰﺍﺋﺮ ﺃﺭﻗﻰ ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻭﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﺣﻀﺎﺭﻱ ﻭﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺴﻮﻳﻒ وﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺪ وﺳﻮﺀ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ،
وهو ﻣﻘﺘﺮﺡ فلسفي ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﻛﻞ المدن وﻟﻴﺲ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﻬﺮ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ فحسب ﺑﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻷﺩﺍﺀ ﺍﻟﺨﺪﻣﻲ بشقيه ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﻭﺍﻟﺨﺎﺹ
وهو تماما ما تدعي الإدارة الموريتانية وتحاول إيهام المواطنين الموريتانيين أن المدينة الفاضلة ليست نظرية فلسفية وإنما هي كناية عن الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ويعزز تلك المحاولة ماتعيشه الجمهورية الإسلامية الموريتانية من دمقراطية ونماء وتقدم وازدهار وعدل وحرية، لاوجود له علي أرض الواقة، تماما كما هي حالة المدينة الفاضلة النظرية الفلسفية
ونحن نتذيل ترتيب العالم في كافة الإحصائات والتصنيفات الدولية والإقليمية، ونقبع في المرتبة الأخيرة عالميا من حيث جودة التعليم وماقبل الأخيرة من حيث توفير الأمن الغذائي والمراكز المتأخرة جدا عسكريا واقتصاديا وحقوقيا
وليس مانراه اليوم من تكميم للأفواه وتكبيل للحريات وانتشار للفساد والرشوة والمحسوبية، وتفاقم لتصفية الحسابات السياسية بأغلفة قضائية، وحمالات التضليل الرسمية بدمقراطية مزيفة ومشاريع وهمية وزيارات الأطلاع الكرتونية، التي لاتسمن ولاتغني من جوع، إلا براهين ظاهرة وأدلة ساطعة تظهر الحالة الموريتانية القاتمة
بالإضافة إلي البحث اللاهث عن أدوار إقليمية ودولية شكلية تخفي الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية الداخلية، وتضمن تبعية الفئات غير المطلعة علي تردي مستويات الوطن الداخلية والخارجية
فلم نكد نلملم الجراح النازفة بعد فضيحة قمة الألم العربية الباهتة التي التأمت تحت خيمة علي الأراضي الموريتانية في القرن الواحد والعشرين وكأنها في العصور الحجرية، بعد تورع المملكة المغربية عن استضافتها لما رأت فيها من الفضول وعدم الجدوائية
وهو ما لم تراه أو تجاهلته الإدارة الموريتانية بسبب الأرتجالية وفطرة التنظير وضعف الرؤية السياسية والبحث اللاهث عن أرباح ولو وقتية، حتي استنفرنا لاستضافة قمة إفريقية لن تقلا فشلا عن أختها العربية
وكأن السلطات الموريتانية فشلت في كافة المجالات السياسية والإقتصادية والعسكرية والإجتماعية، ولم يبقي لها سوي حجب ما فيها من المأسات والألم عن العالم بإستضافتها للقمم ولو تحت الأكواخ والخيم