أقام مشروع تمكين المرأة والعائد الديمغرافي كرنفالا خطابيا بمدينة كيفه
وسط البلاد الأسبوع الماضي أنعشته وزيرات وأصحاب مشاريع وحفنة من مخلوقات
العاصمة التي يجتذبها هذا النوع من التظاهرات.
وكانت التظاهرة تحت الرعاية السامية جدا للسيدة الأولى التي لم تحضر إلا على لافتة المدخل..
وحضرت التلفزات وما كان لها أن تغيب لان حضورها فى حد ذاته أحد أهداف هذا النوع من المشاريع.
الشيء الجيد أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة (كأن الطفولة
والأسرة ليست من الشؤون الاجتماعية) أكدت أن "الهدف هو تحسيس المرأة فى
المناطق النائية من ولايات الحوضين لعصابه وغيدماغه حول أنجع السبل
للولوج إلى الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية وعلى وجه الخصوص الصحة
الانجابية والحد من التسرب للبنات وتحسين خبرة المرأة فى مجلات التنمية
المتعددة"... إلى آخر الكوكتل الخطابي الذي كان يمكن أن يشمل تحسيس
المرأة حول استخدام الأفران المحسنة وطرق استخدام المساحيق فى الوسط
الحار الجاف المدقع فى الفقر.
ولو سلمنا بأهمية الخدمات موضع التفويج الكلامي وبصدق النوايا فإنه كان
يتعين على الوزيرة اللامعة المخلصة أن تدرك ببصيرتها الثاقبة وبحسها
السياسي المرهف جدا أن البلاد تعيش محنة جفاف لم يسبق له مثيل وأن ما
تحتاجه النساء فى المناطق النائية هو مساعدات غذائية وصحية عاجلة وأسعار
مخفضة وما تحتاجه فتيات الأرياف هو لوازم دراسية ومدارس ووسائط موصلة إلى
تلك المدارس التي تحتاج هي الأخرى إلى بنية تحتية ومعلمين.
التحسيس على الفارغ شعبوي مقيت ولا يفضي لأي شيء، قد يوفر شريط فيديو
يعود به الممول ويركن ضمن إنجازات المشروع الوهمية ولكنه فى الواقع لا
يغير من الأمر شيئا.
لقد كان بالإمكان أن يوجه الانفاق إلى الحاجات الأساسية بدل المظاهر
العبثية وبكل أسف فالجعجعة هائلة والطحين معدوم وما تحتاجه المرأة فى
الريف هو القليل من الأقوال والكثير من الأفعال.