عجيب أمر بعض القوى السياسية التي لا هم لها سوى ذر الرماد في العيون، وذر السموم في العقول، وذر الرماد والسموم والهموم في جسم هذا الكيان الضعيف، ومجتمعه المهلل. والأعجب أمر ألئك الذين لا يحلو لهم الصيد إلا في المياه العكرة، وإن كانت صافية عكروها، مستخدمين مرة أقلاما مأجورة وأخرى مسحورة بحب الشهرة والظهور على جثمان الحقيقة.
هالني منذ فترة الهجوم الصريح وغير الصريح على العلامة الشيخ محمد الحسن ولد الددو، هجوم يدعي أصحابه التحليل وهم الذين لا يفرقون بين التحليل والتضليل، وهم الطارئون على مهنة الحرف، ويسعون لأن تنبت لهم قامات ما مكنهم الله منها بالتطاول على قامات يسر لها الله أن تنمو وترتفع في الفضيلة ما شاء الله رب العالمين.
سعى هؤلاء، وهم أفراد يخفون "غابة" تيارات سياسية، وأخرى مافيوزفوية، إلى دق الطبول وقرع الأجراس حول "الدور المتنامي" للشيخ الددو، ويروجون عن قصد أن له أهدافا باطنية من وراء مساعيه للم الشمل العام، وتسوية هذا الملف أو ذاك.
فما الذي يسعى إليه هؤلاء مما يرددونه في الصالون التقليدية والحديثة؟ وما يسربونه من بين أصابعهم الذليلة التي لا تقوى على حمل القلم أحرى مسؤولية الكتابة به.
بالطبع هو أمر واضح ولا جدال فيه. ولكن علينا أن نرى الصورة بشكل أقرب.
فخلال الأسابيع الماضية، وبعد أن وصل ملف رجال الأعمال المعتقلين إلى طريق مسدود وفشلت كل الوساطات الداخلية والخارجية في حلحلته، وبات ملف الاستثمار في البلد إزاء تلك الأزمة في فوهة بركان، فوجئ الرأي العام بتدخل الشيخ الددو مقدما "مقترح حل ودي" قبلت به السلطات ورجال الأعمال المعتقلين ليتم طي أكثر الملفات خطورة في العهد الجديد وأكثرها إثارة للجدل والصخب.
ثم نزلت السلطات بالتزامن مع ذلك عند المقترح الذي تقدم به الشيخ الددو ودخلت في حوار فكري مع التيار السلفي الجهادي لإقناع هذا التيار بالتخلي عن العنف والغلو، وتجنيب البلاد ويلات لا قبل لها بها، ويلات ذاقت طعمها القوى العالمية الكبرى التي قررت مواجهة الإرهاب بالمقاربة الأمنية وحدها، فكانت النتيجة أنها ضحت بالآلاف من أرواح أبنائها، وأنفقت آلاف المليارات، ثم وجدت نفسها عالقة في "وحل" تلك الجماعات الصغيرة التي كانت قد استضعفتها واستهزأت بها.
وكل مراقب اليوم يعرف أن حلف الأطلسي، وفي أول حرب خارجية له، بات مهددا بالهزيمة في مواجهة طالبان (مجموعة من طلبة المداس الدينية) بعد أن أعد هذا الحلف لمواجهة المعسكر الشرقي السابق بكل قوته، فيما تستقبل عواصم الغرب شبابها على ألحان جنائزية، فضلا عن الجرحى والمعوقين والمفقودين والمرضى النفسيين وانتشار ظاهرة انتحار العسكريين المقاتلين، وغير ذلك.
فهل يريد منا من غاظتهم المقاربة الفكرية النجاح فيما فشل فيه جنرالات الغرب بكل ترسانتهم العسكرية وتقدمهم العلمي وعقولهم الإستراتيجية وثرائهم المالي وأجهزة مخابراتهم وبنيتهم التحتية التي تشيد منذ ألف سنة خلت؟
ألم تقبل الدول الكبرى والإقليمية الدخول في حوار مع طالبان والقاعدة سواء في أفغانستان أو في الجزائر أو في الصومال؟
ألم تكشف المخابرات الغربية ذاتها أن فرنسا عرضت الأموال على طالبان مقابل عدم مهاجمة الجنود الفرنسيين في أفغانستان.. لأن فرنسا عجزت عن حماية جنودها أحرى القضاء على طالبان ولا تريد الانسحاب وخذلان "بني العام".
ألم تتوصل الدولة الجزائرية بكل قدراتها المالية والعسكرية إلى قرار رسمي بالحوار مع السلفيين المسلحين وقبول الصلح معهم كل ما رغبوا في ذلك.
أليس مريبا أن الجماعة الجزائرية للدعوة والقتال نفذت هجماتها الأولى ضد الجيش الموريتاني سنة 2005 (لمغيطي) عندما منحت موريتانيا الإذن لشركات غربية ببدء التنقيب عن النفط في "حاوض تاودني"، ثم جاء الهجوم الثالث 2007 (الغلاوية) مع إعلان "توتال" عن نتائج مشجعة للبحث الزلزالي عن النفط والغاز، ثم جاءت العملية الثالثة 2008 (تورين) مع بدء الشركة الترتيب لعمليات حفر الآبار النفطية التجريبية.
ألا يريب ذلك البعض، ويدفعه للتساؤل عن سر محاولة طرد المستثمرين من الشمال الموريتاني الغني بالمعادن، وضغط "سوناطراك" للدخول مع "توتال" في حصة 20% من نفط "تاودني".. ليس هناك استحضار طبعا لنظرية المؤامرة.. فالأحداث كثيرا ما تقع بشكل يوحي بذلك.
وعلى كل حال، لماذا لا نحاور أبناءنا قبل أن نضطر لقتالهم.. "محاورة العشرات أفضل من اللجوء لمقاتلة المئات".. هذا مؤكد..
إن الجماعات السلفية المسلحة لم تجند شبابنا بالسيف ولم تجلبهم في سلاسل مقيدين إلى معسكراتها بل استخدمت الحوار الفكري لتجنيدهم، فلم لا نستخدم نحن الحوار لنتجنب دوامة الدم والعنف التي تورطنا فيها بسبب سوء سياساتنا، وخضوع مؤسسة الحكم فينا لبعض الضباط الأمنيين الذين لا يهمهم سوى المخصصات والميزانيات والعلاوات والصلاحيات. ببساطة لأنهم يكسبون من وراء ذلك والذين يموتون من الأبرياء ليسوا أبناءهم الذين يدرسون في الخارج في فنادق خمس نجوم.. "أبناء النجوم ويقيمون في النجوم".
ما الذي فعله بنا هؤلاء الضباط الذين زينوا للحاكم تلو الحاكم الدخول في حرب بالوكالة مع تنظيم القاعدة، النتيجة عشرات الجنود القتلى (35 عسكريا شهيدا) وعشرات الجرحى والمفقودين واليتامي والثكالى... فيما لم نحقق نحن أي شيء بل أصبحنا سخرية أمام العالم.
هل ينقم "هؤلاء"، وما يمنعني من تسميتهم إلا كرهي لأسماء الشياطين، أن الدولة الموريتانية اتخذت قرارا واعيا وشجاعا ومسؤولا بالحوار مع أبنائها ووضعت الحل السلمي لهذا المعضل الكوني قيد الأولوية.. ولن يفوتها شيء في النهاية لأن (الخاسر في اليد) كما يقولون.
ألا يرغب هؤلاء إلا في مشاهدة بحيرات الدم والقتلى والجرحى.. مسرح الأشلاء المتنقلة، وحين لا تفيدنا تحليلاتهم ولا تضليلاتهم.
لماذا ينقم هؤلاء وترتجف دبرهم، لأن ولد الددو دخل القصر الرئاسي، أو البنك المركزي، ويدخله حتى من لديه ورقة نقدية تالفة، أو مكتب القضاء، أو على رجال الأعمال لتسوية ملفات معقدة، وإخراج البلد والمجتمع من أزمة خطيرة.
أيخاف هؤلاء من سد فراغ كبير تعانيه موريتانيا في وجود شخصية مرجعية عامة يحتكم إليها الفرقاء السياسيون والاجتماعيون في البلد، وهو دور أثر غيابه في معالجة كثير من الملفات على المستوى الاجتماعي والعلمي الديني، خاصة بعد رحيل إمام موريتانيا الأكبر العلامة "بداه ولد البصيري".
أم يخافون أن يكون تحرك الشيخ الددو مساعدة لنظام الجنرال عزيز على تجاوز "عقبات خطيرة" كنوع من المكافأة للرجل الذي تجرأ على طرد سفارة "الكيان" الصهيوني من نواكشوط، وانحاز لخطاب المقاومة وثوابت الأمة. وهي خطوة يدرك ولد الددو أهميتها بعد أن وصلت الأنظمة السابقة (ولد الطايع وولد فال) حد الوقاحة بالتفاخر بعلاقاتها بالعدو الصهيوني وإعلانها أن المساس بتلك العلاقة يعتبر "خطا أحمر".
إن استغلال الجنرال عزيز للنفوذ الروحي للشيخ الددو بدأ بالفعل يخيف قوى سياسية لها تصفية حاسبات ضيقة مع الجنرال، والخوف أكبر من أن يتمكن الجنرال الذي أثبت حتى الآن أنه أذكى من كل هذه النخب السياسية العاطلة عن العمل، من استغلال النفوذ الروحي العالمي للشيخ الددو.
ولمعلومات هؤلاء ربما، وأقول ربما، تكون المخابرات الموريتانية "العتيدة" قد نقلت للرئيس الجنرال استعانة أنظمة عربية عديدة في الشرق والغرب بالشيخ الددو في إقناع شبابها بالتخلي عن العنف المسلح والفكر المتطرف، ودولة عربية من هؤلاء نجحت تماما في مسعاها، وأخرى حققت بعض النجاح.
ولمعلومات هؤلاء أيضا فالشيخ الددو بإمكانه جلب عشرات المليارات من الدولارات من المال العربي والإسلامي للاستثمار في موريتانيا إذا أوكلت له هذه المهمة، لأن الصناديق العربية والإسلامية تثق فيه وتحترم مكانته العلمية والروحية، ولأنه مستشار في مجموعة منها.. وفي عالم المال والاستثمار تعتبر الشخصيات الفاعل الأول.
ولمعلومات هؤلاء بإمكان الرجل لعب دور استثنائي في تحديث الثقافة الموريتانية وتأصيلها ليس عبر العلم المنفتح وظهور الرجل حتى في "دار السينمائيين الموريتانيين" مثمنا ضرورة إنتاج الصورة الإيجابية، فحسب، بل عبر تحديث المنظومة الثقافية والتربوية ودفع أوساط التقليديين إلى استنشاق رياح التحديث.
هل يكون الحراك الجديد للشيخ الددو تمهيدا لدور سياسي أكبر متعلق بحكم البلد أو التحكم في المؤسسة الرئاسية مستقبلا؟
إن طرح هذا السؤال سخيف، لكنه وارد بالنسبة لأولئك الذين قد يتصورن أن الشيخ الددو يسعى لمنافع دونية من جهوده الإصلاحية والتوفيقية.. منافع كتلك التي تعودها هؤلاء من قبيل العمولات والمناصب.
والهدف من هذا السؤال ليس إنارة الرأي العام، والظلام لا ينير بل ينار، وإنما تسميم الأجواء وحرمان النظام من استغلال ورقة رابحة. هذا من جهة.
ويمكن ربط الهجوم على الشيخ الددو، والاعتداء على نواياه، ومحاولة زرع الأشواك في طريقه بالهجوم المتواصل ضد "تواصل"، الحزب الإسلامي المعتدل.
ذلك أن الهجوم على التيار الإسلامي الموريتاني المعتدل.. وليس الهجوم أو نقد تيار أو حزب سياسي بالشيء المهم إذا كان ذلك الهجوم نبيلا أو حتى خبيثا، لكن أن يقصد من ورائه مؤامرة حقيقية تستهدف البلد في عمقه واستقراره، بل وفي إستراتيجية وجود كيانه، فذلك بالشيء الذي لا يمكن السكوت عنه.
إن الذين لا يريدون تيار إسلاميا معتدلا في موريتانيا واهمون، ويفكرون برؤوس أظافرهم، لأن كل عواصم العالم كلندن وواشنطن وباريس تحتضن تيارات إسلامية وتمولها وتدعم اعتدالها، وهذه مجتمعات غربية صليبية، فكيف بنا نحن.
ليس من الخفي غضب أطراف في المعارضة الموريتانية من حزب "تواصل" لأنه دشن منذ اتفاق دكار طريقا جديدا يقوم على التعامل والتفاعل مع كل القوى السياسية بدون استثناء، بدل البقاء حبيس "ما قبل الواقع"، والانتظار في المحطة بعد أن غادرت القاطرة.
فالحزب الذي تحمل نصيب الأسد من معارضة الانقلاب، تنظيميا وتمويليا وإعلاميا، خلف بالفعل فراغا كبيرا وملحوظا في "الطرف الآخر" عندما فهم بسرعة أن "اللعبة انتهت"، كما يقال، وأن نتائج الانتخابات – مهما كانت المآخذ – هي بوصلة استقرار البلد وتجاوز محنته.
وهنا، يبدو أن قوى معينة، كانت تسعى لأن يبقى الحزب ضمن المعارضة الراديكالية، ويبقى في صدارة الصدام مع النظام، ومن بذور ذلك الصدام سيتم وبسرعة فائقة، حصد النتائج التالية:
1. إبقاء البلد في حالة قلاقل مستمرة، باستنساخ "الفترة الأخيرة" من حكم ولد الطايع.. مظاهرات، مسيرات، حرب إعلامية مشوهة داخليا وخارجيا، مع زعزعة أركان النظام وتفليسه وتسفيه مشاريعه.
2. دفعه رأس النظام لارتكاب الأخطاء القاتلة بعدم الثقة في الجيش والأمن، وخلصائه، والبحث عن بديل للحماية، بزج المعارضين السياسيين والأبرياء في السجون، لإذكاء جذوة النقمة الشعبية. وتهيئة الرأي العام لأي نظام يأتي بأي طريق.
3. جعل الظروف الداخلية المضطربة تقنع الشركاء بضرورة التخلي عن النظام وتركه يواجه مصيره، بل والتدخل من وراء الكواليس لتغييره عند بلوغ "الدرجة القصوى".
4. ومن كل ذلك وغيره منح الفرصة والمبرر الأخلاقي لانقلاب عسكري آخر.. ثم فترة انتقالية.. ثم انتخابات رئاسية (المغزل عليها دائما).
5. إذا كان حزب "تواصل" لا يرغب في النقد والحملة التي يتعرض لها، من أصوات مأجورة أو مسحورة، أو مسعورة، فعليه أن لا يقيد حركة طلاب الجامعات والمدارس، وآلاف المعلمين والأساتذة والموظفين والمتمرسين داخل مختلف النقابات ظاهرا وباطنا.
وعليه أن لا يخرس آلته الإعلامية الضخمة داخليا وخارجيا، وكذلك منتسبيه في الجاليات الخارجية.
كما أن عليه الكف عن ترويج النظام في دوائر الكرامة في هذا البلد العربي أو الإسلامي أو ذاك، وفي كواليس الهيئات العربية والإسلامية السياسية والمالية والمعنوية.
بل عليه أن يسخر كل ذلك ضد الجنرال، لتنعم قوى معينة بالتعيينات إذا وزعت، وبنتائج التقارب إذا حدثت، ومكان على بساط الريح إذا كورت.
فتلك القوى من داخل النظام ومن خارجه أساسا تسعى لأن يكون "تواصل" كبش فداء، يموت ليحي الآخرون. أضحية سياسية في زمن الأصنام.
لا يريد هؤلاء إلا قوة إسلامية متشددة عنيفة توفر عليهم عناء صناعة القلاقل ومن ثم يحصدون هم أي منافع أو يكونوا أول المستفيدين من التغيير المفترض دائما.
صحيح أن الأغلبية الانتخابية تختلف عن الأغلبية الشعبية على حد تعبير سيد المقاومة العربية حسن نصر الله.
لكن أي غبي يمكنه السؤال عن حجم النزول للشارع في غياب قوة منظمة سياسيا وآيدلوجيا..راجعوا جيدا الأشرطة المصورة لمظاهرات المعارضة والمولاة في غياب الشارع "التواصلي" منذ الانتخابات الأخيرة.
فقد أنفقت المعارضة الملايين ونشرت الدعايات لمسيرتها الماضية، وكانت النتيجة بحق مخيبة للآمال.
وأجر الحزب الحاكم وموالاته الحزبية ما استطاع، واستخدم العصا السحرية للسلطة في مسيرة نصرة مكافحة الفساد، وكان الأمر أيضا مخيبا للآمال.
أما قصة هذا العلامة الشاب (الأربعيني) والذي ظهر قبل سنوات قليلة كأكبر علماء البلاد، وأحد أكبر عشرة علماء في العالم الإسلامي ككل، وكل ذلك قبل أن يبلغ الأربعين. فتلك حكاية لا تمر من مسارب التحصينات التقليدية لعلماء البلد الممسكين أصلا بمنافع السلطان. والذين يرجفون في المدينة والبادية خوفا من ظهور علامة أسطورة متفوق علميا وأخلاقيا وثقافيا.
الشيخ الددو، حفظه الله ورعاه، عاد إلى البلاد سنة 2003، ليصدر فتواه الشهيرة بتحريم العلاقات مع "الكيان" الصهيوني، وليصبح عمليا "الأب الروحي" للتيار الإسلامي الموريتاني المعتدل، وسرعان ما تبين أو بيـّـن لولد الطايع استحالة التعايش مع ولد الددو، العالم، الشاب، المتفتح، المثقف، المدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والمؤيد للمقاومة العربية والإسلامية في البلدان المحتلة.
لفت ولد الددو الانتباه أولا بتمكنه عبر فتوى معروفة بوجوب مشاركة جميع المسلمين في الانتخابات.. وضعت هذه الفتوى الجماعات الإسلامية التي كان بعضها يعتزل السياسة، والاعتزال خطير، والبعض يرفض المشروع الديمقراطي أصلا، في وضع حرج، فاتجهت إلى صناديق الاقتراع. وزاد ذلك من غضب ولد الطايع الذي وضع ولد الددو وراء قضبان السجن، وهدد حسب ما نقله البعض، بترحيله إلى أغوانتنامو، سيء الذكر.
من ضمن دوافع الانقلاب على ولد الطايع هو غضب الضباط الشبان من سجن عالم كولد الددو يحمل عصاه العلمية في مواجهة التطرف والعنف والغلو.
وبعيد سقوط ولد الطايع وخروج ولد الددو من السجن، بدا وكأن ولد الددو آثر الابتعاد عن التيار الإسلامي، أو بدا الرجل وكأن جبة "الإخوان" أضيق من أن تسع حجمه فيما بدت مكانة "الأب الروحي لجميع الموريتانيين" منصبا شاغرا أمامه، ونزولا عند أمر "التسريح بإحسان" أعلن التيار الإسلامي أن ولد الددو هبة عامة لكل الموريتانيين وليس حكرا على طائفة معينة أو حزب سياسي بعينه.
أسس ولد الددو "مركز تكوين العلماء الموريتانيين" وتولى رئاسته، وابتعد عن العمل السياسي بشكل مباشر، فلم يندس في الحملات الانتخابية، ولم يوجه الناخبين لمرشح معين، مركزا على العمل الدعوي والفكري والخيري، ومؤازرة طرح المقاومة والتركيز على الهموم الفوقية للأمة.
واليوم يضع الشيخ الددو نفسه هبة للجميع ناصحا ومصلحا وموفقا، جامعا لا مفرقا، مفيدا لا مستفيدا.
واليوم أيضا يريد "البعض" أن نخسر هذه الثروة البشرية الهامة التي يمكنها فعل المستحيل لصالح كل الأطراف، ويمكنها خدمة البلد والمجتمع من منظار فوقي يعلو على الأغراض النمطية.
هذا ما تسعى إليه قوى سياسية ومافيوزوية تريد حرمان البلد من كنزه البشرية بعد أن حرمته من ثرواتها المادية.