وجود الكتاب المدرسي في السوق الموازية.. من المسؤول؟ / عثمان جدو

صحيح أن الحكومة الحالية يرجع إليها بعد الله سبحانه وتعالى الفضل في اعتماد سياسة إيجابية جديدة تجاه المعهد التربوي بشكل عام والكتاب المدرسي بشكل خاص؛ ذلك لأن الكتاب المدرسي يكتسي أهمية كبرى لارتباطه بالسيادة الوطنية، نظرا لاحتوائه على الدعامة العلمية الضامنة لبقاء ونقاء الثقافة الوطنية المشبعة بصبغة الدين الإسلامي بالإضافة إلى المفيد والضروري من علوم مجالات الحياة المتشعبة.

ولقد كان يعمد في فترات ماضية إلى الاستعانة بجهات خارجية في توفير الكتاب المدرسي؛ 

الشيء الذي جعل هذه الجهات تجد الفرصة سانحة للتدخل المباشر وغير المباشر في التحكم في تحريك أو تحويل أو تحريف مسار متجه هذه الدعامات، حذفا أو إضافة أو تغييرا..!.

وبعد إنشاء صندوق لدعم النشر المدرسي بقرار وزاري؛ عن طريق مجلس الوزراء المنعقد يوم - 27/09/2016. بدأت مرحلة جديدة؛ انتظرها المواطن طويلا؛ لما لها من قيمة مادية ومعنوية، بفعل توفير هذه المادة الهامة والغالية؛ والمسترخصة في آن واحد!!.

إن هذه العملية تعبر بجلاء عن مدى وعمق الاستعداد لإعانة المواطن؛ بفعل رمزية الأسعار التي توفر بها هذه الكتب، ولأن الهدف من ذلك لا يتعدى إشعار الأهالي بقيمة مايدفع لأجل الحصول عليه إيقاظا للميول البشري حول الارتباط بماديات الاشياء، أيا تكن تلك الأشياء وأهم ذلك خير الجلساء.

مما لا شك فيه أن  هذه الطريقة الرمزية اعتمدت بعد تلك التي كانت تعتمد المجانية الشاملة والتي استمرت -على الأقل- ثمان سنوات، لم تؤت أكلها، بل لم تبلغ المؤمل ولم تحقق المرجو في كثير من المناطق المستهدفة؛ بفعل توجيه هذه الكتب بطريقة أو بأخرى إلى السوق السوداء؛ مما يؤدي إلى احتكارها والمضاربة عليها بأثمان باهظة، وهذه لعمري هي ذات المعضلة التي تثار اليوم بفعل وجود بعض عناوين من الكتب في هذه السوق..لكن من المسؤول؟

لقد اعتمد المعهد التربوي إجراءات جد احترازية ووضع مطبات كفيلة بالحيلولة دون وصول هذه الكتب إلى السوق الموازية؛ لكن النزعة التجارية التربحية عند كثير من المواطنين الموريتانيين تبدو أقوى وأشد من هذه الإجراءات ومن تلك المطبات التي وضعت من أجل ضمان شفافية العملية التي تهدف إلى وصول الكتاب المدرسي إلى يد التلميذ ويد التلميذ فقط وبتكلفة رمزية متساوية أمام الجميع.

إن الخلفية التجارية التربحية التي يتمتع بها المواطن الموريتاني التاجر بطبعة هي التي أفضت في فترات ماضية إلى تزوير وبيع الشهادات الجامعية وتصديقها عند ذات الجامعات!!، وهي ذاتها التي جعلت من الكتاب المدرسي مادة سهلة التسريب والنسخ والتكثير وبالتالي المضاربة والتربح، ثم إن الإمكانيات الهائلة التي يتمتع بها أولئك المتاجرون هي التي تم بها سلفا تزوير الأوراق النقدية وتكثيرها وكذا الوثائق المدنية وأخرى للسفر أو التزود بالوقود!؛ قد يكون كل ذلك مدعوما بشيء من الرعونة والتقصير أو بالإسهام المباشر وغير المباشر من بعض المستفيدين من هذه الخدمات المتوفرة.. ولقد شاهدنا بأم أعيننا بعض التلاميذ وهم يبيعون الكتب التي كانوا يدرسون بها العام الفارط وهنا هل يجوز التجريم أو يؤثر المنع؟ وما ذنب المشتري إن كانت الطريق هذه والنسخ والتكثير هو مراده وطريقه للبيع والربح؟! .

إن هذه القضية تحتاج شيئا من التعقل والتعمق؛ فما كل بائع للكتب سارق أو مخالف وما كل منتقد للمشهد محق أو مصيب.

على الجهات المعنية الإسراع في تجاوز العراقيل وتكثيف الجهود من أجل استجلاب طابعة كبرى قادرة على توفير الكميات المطلوبة من الكتب وإغراق الأكشاك بها وحينها سيسد الباب تلقائيا أمام المتاجرين والمتربحين؛ لتوفر المادة المطلوبة بسعرها الرمزي، وخلاف ذلك يفتح الباب واسعا للمتاجرة والمضاربة وتضارب الرؤى والأفكار.
منطقة المرفقات

3. نوفمبر 2017 - 2:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا