الرأي العام مغالط من طرف من نصبوا أنفسهم أوصياء على ملف الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام .
ودون الخوض في العقوبة الشرعية والقانونية للساب نظرا للخلاف الفقهي الدائر حولها وجب التنبيه إلى النقاط التالية .
1 ➖ أن جميع المراحل التي مر بها الملف بعد حكم محكمة الدرجة الأولى تمت فيها مغالطة الناس وعدم تثقيفهم بحقيقة الملف من الناحية القانونية، فهي عصية في فهمها على أهل الاختصاص فما بالك بعامة أهل النصرة .
فمحكمة الدرجة الأولى أصدرت حكما بالإعدام في حق المسيئ إلىإلى نفسه بناء على طلب النيابة العامة وحينها كان الملف لا زال في إطاره العادي قبل أن يتخذه البعضالبعض مطية للشهرة والاحتكاك بالغرب ووسيلة لإقامة النعرات على أساس طبقي مات منذ زمن، لكن محامي المسيئ لنفسه استأنف الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية والأخيرة من درجات التقاضي ➖ الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف بأنواذيبوبأنواذيبو ➖ حيث ألغت هذه الغرفة حكم محكمة الدرجة الأولى وأصدرت قراراقرارا بقبول توبة المسيئ لنفسه وحكمت عليه بعقوبة سنتين نافذتين ، وحتى هذه المرحلة كان الملف يسير في مجراه الطبيعي، لكنه كان على النيابة العامة أن تطعن بالنقض في هذا القرار باعتبارها الوحيدة التي لها الحق في ذلك، كي يتسنى لها فيما بعد إمكانية المطالبة بإلغاء هذا الحكم أمام المحكمة العليا وبعقوبة أشد أمام المحكمة التي سيحال لها في حالة إلغائه، لكنها لم تفعل ذلك لجهل أو عمد الله أعلم لكن حالة الجهل مستبعدة في أهل الخبرة ويبقى العمد أرجح على اعتبار أن الضغوط بدأت تحوم حول الملف .
بعد الطعن بالنقض في قرار محكمة الاستئناف أمام المحكمة العليا من طرف محامي المسيئ إلى نفسه، وعدم قيام النيابة العامة بذلك الطعن حتى نهاية الأجل الذي يمكن فيه الطعن ، أصبح بحكم القانون المسيئ لنفسه في مأمن من عقوبة أشد من التي قد حكمت عليه بها محكمة الاستئناف بأنواذيبو بل حتى يمكن أن تخفف عنه هذه العقوبة في حالة قبول المحكمة العليا طعنه وهو ما تم بالفعل حيث قبلت المحكمة العليا طعن محاميه وأحالت الملف إلى تشكلة مغايرة يجب أن تحكم عليه بعقوبة أقل من السنتين المحكوم عليه بها سابقا، وهذا يقوم على مبدأ في القانون يقول "أن الطاعن لا يضر في مركزه" بمعنى أنه إذا طعن شخص في حكم يعتبره ظالما في حقه أمام محكمة الدرجة الثانية فإن هذه المحكمة لا يمكن أن تحكم عليه بأكثر مما حكمت عليه الأولى إلا إذا كان الطرف الآخر قد طعن معه ➖ وذلك مالم تفعلهتفعله النيابة العامة ➖ لأنه لو لم يكن يريد تخفيف العقوبة لما طعن وبالتالي فإن زيادة العقوبة لا معنى لها لأنه لا يتصور أن يطعن الشخص من أجل التشديد على نفسه .
وهذه مسألة ظل الجميع ممن نصبوا أنفسهم أوصياء متكتمين عليها اتجاه العامة ولا يعرفها إلا من رحم ربك من أهل الاختصاص والألباب الذين شرحت لهم، بل حتى أن الجميع كانوا ينتظرون أن تنطق المحكمة العليا بإعدام المسيئ وهي التي لا تحكم وإنما تلغي أو تقر الأحكام أو القرارات المطعون فيها بالنقض أمامها.
2 ➖ بعد قبول المحكمة العليا الطعن المقدم من محامي المسيئ إلى نفسه أصدرت قرارا في أكثر من ثلاثين صفحة مفاده قبول الطعن بالنقض، وإلغاء قرار محكمة الاستئناف بأنواذيب وإحالة الملف إلا نفس المحكمة بتشكلة مغايرة(يقصد بالتشكلة المغايرة أن يبت في الملف قضاة لم ينظروا فيه من قبل ) وكان ذلك منذ أكثر من عشرة شهور.
الملفت للانتباه أنه خلال هذه الفترة الطويلة لم يبين لعامة أهل النصرة من طرف من نصبوا أنفسهم حملة راية النصرة أنه تم خرق القانون بأبشع الصور من طرف المحكمة دون سبب قانوني أو واقعي لذلك، حيث كان ينبغي على المحكمة أن تبت في الملف في أجل أقصاه شهر واحد، وذلك ما نصت عليه المادة 560 من قانون الإجراءات الجنائية بصورة واضحة ( عندما تلغي المحكمة العليا الحكم المقدم لها تحيل أصل القـضايا إلـى المحـاكم المختصة بها.
.................. .
إذا حكمت بالنقض بسبب خرق القانون بينت النصوص التي وقع خرقها وأحالت القضية إما إلـى نفس المحكمة مشكلة تشكلة مغايرة إذا أمكن ذلك أو إلى محكمة أخرى من نفس الدرجة.
وفي جميع الحالات فإن محكمة الإحالة ملزمة بالبت في ظرف شهر وبمراعاة قـرار المحكمـة العليا فيما يتعلق بالنقطة القانونية المثارة من طرف هذه المحكمة.)
3 ➖ الترسيخ في عقول الناس أن الحكم بالقتل هو العدل
حيث أن الشحنة الثائرة والمحمودة لدى عامة المسلمين التي خلفتها مقولة المسيئ إلى نفسه خلقت نوع من التفقه في الدين جعل الجميع يقتنع أن حكم الساب هو ما تهوى نفسه هو وعلى مقاس درجة حبه للمصطفى عليه الصلاة والسلام، دون إدراك أنه أخرج في هذا التكييف الحكم الشرعي عن القواعد المطلوبة في تحقق إمكانية تطبيقه، وبالتالي أصبحت الجرائم تعاقب بقدر كفر المجتمع بها لا بالحكم الشرعي المحدد لها سلفا، وهذا ما يعني أن الوتر الذي تلاعبت عليه النخب اتجاه الإعلام في قضية المسيئ إلى نفسه جعلت الرأي الفقهي القائل بقتل الساب ➖ وهو الراجح ➖ هو الوحيد ولا مخرج في الفقه سواه حتى اقتنع الجميع أن أي رأي فقهي آخر يقول بسوى ذلك يعتبر ناطقه هو الآخر مسيئامسيئا وهذا ما ولد لدى العامة عدم الثقة في القضاء مسبقا بل وحتى تخوينه في حالة لم يحكم بهذا الرأي رغم وجود آراء فقهية أخرى، حتى ولو أغفلنا الظروف المحلية والدولية المحيطة بالملف .
3 ➖ المطالبة بتطبيق الحكم الشرعي ينبغي أن يكون هو شعار أهل النصرة لا أن يكون أهل النصرة هم من يقرروا الحكم الشرعي، ويقترحونه على القضاء ويحملونه على أوراقهم بدافع الحب فحب المصطفى عليه الصلاة والسلام في تطبيق شرعه. واتباع سنته، فالشرع ثابت والوقائع متغيرة والأحكام بحكم الواقع, والقضاء في مر العصور تعامل مع النوازل كلها وحكم فيها وليس الشارع من يفعل ذلك، والقتل بدافع الغيرة لا يرفع حرمة القتل ، والإسلام دين سلام وأمان، (من رآى زوجته تزني هل يحق له قتلها بدافع الغيرة؟ ) رغم أن الأمر اغظم والله المثل الأعلى .
4 ➖ ينبغي أيضا أن يدرك الجميع من عامة أهل النصرة أن ما يقوله أغلب نخب النصرة في جله مختلق ومضلل وأن الحقيقة فيه عصية على الفهم، وأن أساس الظهور في مثل القضايا السانحة هو حب الشهرة والمال وأن ما خفي أعظم .
وفي الختام أعاذني الله وإياكم من صناديد القدر
وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام