ما يجري هذه الأيام من تجاذبات بين اتحاد المواقع الإخبارية واتحاد المواقع الإلكترونية، لا يصب في مصلحة أيٍّ من هذين الاتحاديْن الموريتانييْن.
في عالَمنا العربيّ أصبحت التجاذبات الحادة الخارجة عن اللياقة-في بعض الأحيان- ظاهرة عامة، لا ينجو منها إلّا مَن رَحِمَ رَبُّ العالَمين...تجاذبات، من كل نوع وصِنف على جميع المستويات وفي كل مناحي الحياة...تجاذبات بين بلد عربيّ وآخرَ، بين الأحزاب السياسية، بين الموالاة والمعارضة،
بين منظمات المجتمع المدنيّ، بين النقابات، بين الاتحادات، بين الشرائح الاجتماعية والعِرقية، بين المذاهب والعقائد والأديان، بين الأفراد...والقائمة طويلة.
ينبغي لنا جميعًا أن نكون على مستوى المسؤولية للاستفادة من الجوانب الإيجابية لهذه الظاهرة التي هي سلاح ذو حديْن، في أحدهما خير كثير وفي الآخر شر مستطير...يتجسّد الخير-على سبيل المثال لا الحصر- في البحث عن المشتركات بين الأطراف المعنية من خلال تلاقح الأفكار وتبادل المعلومات والآراء واستقراء الرأي والرأي الآخر، في جو يسوده الوئام والتفاهم، لتلمّس أفضل الطرق المؤدية إلى بلوغ الأهداف التي تخدم الأمة...وقد تكون الأهداف واحدة، وإن تعددت الطرُق والطرائقُ...يتمثل الشر-من بين أمور أخرى- في الانجرار وراء الخلافات الحادة التي قد تؤدي-لا قدر الله-إلى الشقاق والنزاع والتناحر ومزيد من تشتت الجهود وتضييع الوقت عَبَثًا، مع أنّ تصرفات العقلاء ينبغي أنْ تكون منزهةً عن العبث...
لا شك في أنَّ للصِّحافة، المِهْنية الملتزمة بقضايا الأمة، دورًا حيويًّا في حُسْن تدبير هذه الظاهرة (ظاهرة التجاذبات) وإدارة اختلاف آراء جميع الأطراف فيها بحكمة وتبصُّر.
لقد شهدت موريتانيا في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا في مجال حرية التعبير وحرية الصحافة، غير أنَّ هذه الحرية لا يجوز أن تكون مطلقةً حتى لا تنطبق عليها مقولة: "حرية مطلقة مفسدة مطلقة". ولعل المطلوب والمرغوب فيه: "نَعَم لحرية التعبير، لَا لحرية التدمير". فالحرية غير المقيدة قد تكون مدمرة... ومن المعلوم أنّ حرية أحدنا تنتهي عندما تُمس حريةُ الآخرين.
أرجو من الإخوة الصحفيين المحترمين أن يستفيدوا من هذا الفضاء الرحْب المتاح بحرية، مركِّزين في معالجتهم لمختلِف الموضوعات على ما ينفع البلاد والعباد ويصب في مصلحة الصِّحافة والصحفيين قبل غيرهم.
إننا نود أن يكون الصحفي قُدوةً حسَنةً للآخَرين في مجال الكلمة الطيبة والرأي السديد والفكر الثاقب...
ينبغي للصحفي الواعي المثقف الملتزم المِهْني صاحب الخلق الرفيع، أن يحترم نفسه قبل أن يحترم الآخَرين...ينبغي للصحفيّ الناجح أن يعمل على توعية المجتمع وتنوير الرأي العام وتوجيه صاحب القرار السياسيّ، نائيًّا بنفسه عن السقوط في مستنقع ما يَشيع هذه الأيام في بعض وسائل الإعلام من أساليبَ تهدم ولا تبني وتفرق ولا تجمع...إنّ ما يجمعنا-نحن الموريتانيين بصفة خاصة-أكثر ممّا يفرقنا لله الحمد...وحذارِ ثُمّ حَذارِ من توسيع دائرة الخلاف بين أبناء المهنة الواحدة. ..كونوا متأكدين-رعاكم الله-أنّ قوتكم تكمن في وحدتكم.
حفظ الله صِحافتنا وصَحفِيينا من كل مكروه.
والله ولي التوفيق.