لقد أقتنع العالم بأسره خاصة في القارة الإفريقية أن المنتخب الموريتاني لم يعد ذلك السلحفاة الذي لا يستطيع مجاراة غيره ، ولا تلك الأرنب التي تخشى الصياد في أية لحظة ، ولا ذلك الحائط القصير الذي يمكن للجميع تسلقه ببساطة ودون أي عناء يذكر ، الجميع اليوم يدرك جيدا قيمة المنتخب الوطني والمرحلة الهامة التي وصل إليها فنيا وماديا وإعلاميا كذلك ، حتى أنه بات ينافس المنتخب الفرنسي على الأسماء من الأصول الموريتانية الموجودة
في الدوريات الفرنسية والأوربية بشكل عام وآخر ذلك نجم فريق مارسيليا الذي أعلن رغبته في تمثيل موريتانيا بدل فرنسا .
لكن الشخص الوحيد في هذا العالم الذي مازل يعتقد أن منتخبنا دجاجة في حديقة ثعالب لاحلم لديها ولا طموح سوى النجاة بنفسها بأي طريقة كانت ، هو المدرب الفرنسي كوريتيان مارتينز؛ الذي يفترض أنه عاصر التجربة الموريتانية منذ وصولها لما هي عليه تقريبا ، التحق بالمنتخب قبل ثلاثة أعوام ، وهي كافية دون شك ، لمعرفة والأطلاع على المستوى الذي وصلت إليه كرة القدم الموريتانية من جميع النواحي المادية والمعنوية ، حتى الطاقم الفني يضم مدراس كروية مختلفة ، فإلى جانب المدرسة الفرنسية توجد المدرسة الإسبانية وهو كوكتيل مميز و نادر في المنطقة .
صحيح أننا نحن شعب يفهم في كل شيء وننظر في كل شيء في السياسة والثقافة والاقتصاد والعلوم الأخرى ، وكل منا لديه نظرياته المعمقة في هذه الأمور، وهذا ينطبق على الرياضة أيضا ، فنحن الأكثر تحليلا في العالم لأن أحدنا يحلل مباراة كرة قدم لم يشاهدها قط ، ومن خلال النتيجة النهائية ، يفك الألغاز التكتيكية الغامضة و التي يعجزفي بعض الأحيان عمالقة المدربين في العالم تفسيرها بسهولة ، هذا مع أنه لا يحضر المباريات ولم يكلف نفسه يوما قراءة المجلات والكتب الرياضية المشهورة .
ومع كل ذلك جميعنا يدرك ويدرك العالم الآخر من حولنا ، أن الطريقة التي بات بتبعها مارتينز اتجاه خصومه في المباريات الودية تعتبر في غاية الجبن والسذاجة ، وكأنه يريد فقط أن يجنب المنتخب خسارة مدوية أمام المنتخبات الأخرى لحاجة في نفس يعقوب ، نظرا لكون ذلك سوف يعجل برحيله عن سدة حكم المرابطون كما حصل مع زيمله السابق باتريس نفه .
من شاهد التشكيل الذي بدأ به مدربنا الأسبوع الماضي أمام منتخب المغرب في مباراة ودية عادية يتضح له ببساطة أن الرجل مازال يتدرب على التدريب أوعلى الأقل تنقصه الخبرة الكافية ، جميع اللاعبين شلت حركاتهم في الملعب لأنهم أجبروا على اللعب في أمكنة لم يعهدوها مسبقا لا مع المنتخب ولا مع أنديهم ، لتستقر في النهاية الخطة التكتيكية على اللعب بهاجم وحيد وتسعة لاعبين في خط الدفاع وخط وسط غير موجود تماما ، مباراة ربما يندم عليها المغاربة لأن أختيارهم لمنتخبنا في هذا اللقاء الودي الهام لم يستفيدوا منه كثيرا ، وأكبر دليل على ذلك هزيمتهم على أرضهم يومين بعد ذلك من منتخب غامبيا المتواضع .
إن السياسة التي يتبعها كوريتيان حاليا سياسة خاطئية في نظر الكثيرين ، وعلى الاتحاد الموريتاني الانتباه لذلك في مازل الوقت باكرا ، فنحن وصلنا لمرحلة تخاف منا منتخبات الكاميرون وجنوب أفريقيا وتونس والجزائر ، وليس من اللائق أن يعيدنا مارتينز بجبنه الكروي إلى عصرنا الحجري المظلم ، يمكننا التأهل لبطولة كان 2019 دون أن نضرب الحائط بكل شيء ونضحي بتقدمنا في التصنيف وبأدائنا المميز في سبيل ذلك ، وهذا ما يسعى إليه صاحبنا أن يجعل من البطولة القادمة للمحليين معسكر تحضيري لما بعده ، كما فعل مع بطولة غرب أفريقيا قبل شهرين .
قد اصبح تأهلنا لنهائيا أفريقيا القادمة شبه محسوم ولا يتطلب التضحية بكل شيء ، فنحن نتصدر مجموعتنا إلى جانب بركينا فاسو بثلاث نقاط ، ولدينا ثلاث مباريات على ملعبنا يمكننا أن نكسب منهم مباراتين على الأقل وسيكون ذلك كافيا لتأهلنا بعد تغيير نمط التأهل بزيادة عدد المنتخبات المشاركة في النهائيات إلى 24 بدل من 16 منتخبا