عام 2005 ضرب إعصار "كاترينا" ولايتي "أوريزونا" و"الميسيسيبي" بالولايات المتحدة مخلفا مئات القتلى وآلاف المشردين، وعلى الفور تدخلت يد "المحسن" محمد ولد بوعماتو ممثل شركة مارلبورو في موريتانيا لمساعدة ضحايا "كاترينا" وسلم السفارة الأمريكية في نواكشوط صكا بمبلغ 200 ألف دولار أمريكي (70.000.000 أوقية).
اليوم وبعد 12 سنة على هذه "الهبة" يتدخل الرجل المقيم حاليا في بلجيكا، بعد أن طردته المملكة المغربية، لدعم المدرسة الفرنسية في نواكشوط ومراكش بمبلغ أربعة ملايين يورو (1.680.000.000 أوقية) مناصفة بين المدرستين.
وبين عامي 2005 و 2017 جرت أحداث ووقائع كثيرة، بعضها وطني والآخر إقليمي، لعل أهمها موجات الجفاف التي ضربت موريتانيا عامي 2007 و 2012 والتي لم يسجل خلالها حضور يذكر لفاعل الخير هذا، مع أنه وثلة من رجال الأعمال جمعوا أموالهم الطائلة من قوت هذا الشعب المسكين، قبل أن يعود إليه ممولا سخيا لدعاة الفتنة وتجار الحروب الأهلية والفوضى ما بين عامي 2013 إلى 2017.
هذه الأموال هي التي يكرسها الرجل اليوم لتخريب موريتانيا و"الدفاع" عن "الديمقراطية" في إفريقيا، ودعم خزينة الحكومتين الفرنسية والأمريكية، خطبا لود صانعي القرار في واشنطن وباريس، ربما بحثا عن حصانة من تبعات مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، واستعدادا لاستيطان وطن بديل بعدما تخلى طواعية عن أوراقه المدنية الموريتانية، ولفظته مملكة محمد السادس بعد أن استثمر فيها كل ممتلكاته وقدم عشرات الملايين هبات ورشاوى لصناع القرار في الرباط..
بالعودة إلى "هدية" المدرسة الفرنسية، والملايين التي أنفقت على دعاة الفوضى في نواكشوط، فإنها تكفي لبناء وتجهيز عشرات المدارس والمستوصفات في موريتانيا، وهي الأولى بهذا "المعروف" الذي سيكون استعادة غير مباشرة لأموال الموريتانيين من أيدي من اختطفوها ذات يوم في غفلة من عين الرقيب..
صحيح أن موريتانيا تغيرت كثيرا، ولم تعد تلك البلاد التي اعتاد المفسدون جني ثمارها وأخذ خيراتها العميمة، دون أن يدفعوا أقل الواجبات اتجاهها، لذلك فقد باتت أرضا غير صالحة لإقامة أمثال هؤلاء، ولا غرابة إذا خرجوا منها ضحى بما اكتسبوا، وأعلنوا عليها الحرب بأقذر الأساليب..
بعضهم يتمسح اليوم بحائط البراق معتمرا القلنسوة اليهودية، والبعض الآخر يجول في قطارات الأنفاق في أروبا، يقسم الهدايا والأعطيات، على من لا يستحق، سبيلا لتشويه صورة موريتانيا، وتأليب الرأي العام الغربي ضد نظامها الوطني، بعدما أفلس مشروعهم التدميري وانكشفت خيوط لعبتهم القذرة..
وإلى أن يضرب الولايات المتحدة إعصار آخر، أو تعلن الخزانة الفرنسية إفلاسها من جديد، سيظل التيه قدرا محتوما على هؤلاء، تتقاذفهم المنافي الاختيارية من باريس إلى تل أبيب مرورا بمراكش وابروكسل.