ينعقد غدا المؤتمر العادي الثالث لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل" وهي مناسبة لأبارك لهم ولكل مناضليهم هذا الحدث الديمقراطي الجميل، وهي فرصة لأذكرهم وأذكر من خلالهم كل إسلاميي العالم العربي أن موريتانيا حضنا لكل المسالمين ، ومكانا لتلاقي وعناق الأفكار من مختلف التوجهات ومن جميع الملل والنحل، لأنها اختارت لنفسها منهج حرية التعبير وحرية الانتظام وحرية التجمع وفق ضوابط القانون الموريتاني، وشريطة التقيد باللباقة والأعراف الديمقراطية.
وهي لحظة أيضا نذكر فيها الجميع أن هذا البلد فخور بمقوماته الفكرية والثقافية، غني بعلمائه ومشايخه وتصوفه وشعره وفنه وتراثه و...، غنى لم يمنعه يوما من الاستزادة من المفيد والصالح، وفي نفس الوقت أدى به ذلك إلى رفض وطرد كل ما يعكر سكينته وخصوصيته التي خلقه الله عليها وميزته في كل الأقطار والأصقاع، وجعلت منه محطة لإعجاب كل مرتاديه.
لا يخفى على أي متتبع تلك المحاولات التي جرّت البعض إلى الاستهانة بالمقدرات الموريتانية إبان محرقة "الربيع العربي"، حين قاسوا البلد على بعض البلدان التي استغلوا بعض جوانب الهشاشة فيها ليشعلوا الفتنة من أجل مسح الطاولة والقضاء على كل شيء حتى يتسنى لهم نفث تصوراتهم وتصورات من يزينون لهم أعمالهم في جسم وطننا الطاهر والنقي!.
يبدو أنهم فهموا أن موريتانيا استثناء لم يتيحوا لأنفسهم فرصة التعرف على تفاصيله وخصوصياته "بلاش" إسقاطات تجنبا للمهالك والمزالق في تهاليز ما يجهلون.
نحن فعلا إخوة في الدين والتاريخ ولكن لكل منا قدره وجمهوريته ومواطنوه وأفراحه وأتراحه وفكره، إلا إذا تدخل منطق القوة في دعم أكاديميات "القهر الفكري", والتي أثبتت أنها لا يمكن أن تزرع في أي شعب ما استعصى عليها هي حتى فهمه!!، ولم تستطع بالتالي تلافي اللحظة لأن الطلقة العشوائية لا يتحكم في مستقرها ومقامها.
فعلا لكل أجندته التي لا يترك ل"لعواطف" مجالا لتوجيهها وتحديد خياراتها وهو ما يحتم على الكثيرين التمادي في زللهم وغيهم، ولكن وبنفس المنطق موريتانيا لها أجندتها وخياراتها وأولوياتها التي تفرضها في السلم وفي الحرب، ألم تجدوا ما فعلنا مع الإرهابيين في السنوات الأخيرة؟!!!، ربما اطلعتم على بعض حيثيات الإستراتيجية الموريتانية لمكافحة الإرهاب ولكن هناك من لن يطلع عليه إلا من رام موريتانيا بسوء وحاول ترحيل تجارب مدمرة إليها..
نعم نحن مجتمع تقليدي محافظ يعاني بعض أفراده من الغبن لأسباب موضوعية وتاريخية، ولكننا مع ذلك مجتمع ذكي عرف كيف يتغلب على مشاكله ومطبات تقدمه وازدهاره، عبر تحديث الحياة وأجهزة الدولة وآليات العلاقات بطريقة جعلت بعضنا يتمسك ببعض دون التخلص من إرثنا البشري والحضاري الذي جعلنا من أٌقوى شعوب العالم، وسننهش كل من يتطاول على وحدتنا .