و يتواصل السؤال مع كل مؤتمر لتواصل / محمد فاضل الهادي

من المعلوم ضرورة أن الحزب مؤسسة سياسية لها صبغة قانونية تحدد معالمها و ملامحها و شكلها و محاور عملها و أسلوب و وسائل إدارتها. و من المعلوم أن الانتساب للأحزاب السياسية يكفله القانون لكل مواطن كامل الحقوق المدنية. كما أنه أيضا من المعلوم بالضرورة أن الشعب الموريتاني مسلم كله دون استثناء، و أن هاذين الشرطين الأساسيين موجودان في حزب تواصل بفكره و فكرته، بشكله و طريقته، و لأن هاذين الشرطين أي الإسلام و الإنتماء لموريتانيا من الشروط

 التي يضعها التواصليون لكل من يريدون الانتماء للحزب و هي بطبيعة الحال موجودة في كل الموريتانيين، فلماذا لا يمكن للبعض من الموريتانيين الانضمام لحزب تواصل بمجرد دفعهم مبلغ الاشتراك الذي لا اعتقد انه يصعب دفعه ؟
هذا التساؤل تجيب عليه الحيثيات و الطرق التي تتبعها قيادة تواصل التي بحسب أهل تواصل لا تنصاع لفرد و لا تتحكم فيها سوى النصوص و ليست تعمد إلى منع أي مواطن من الوصول لحقه في الانتساب، دائما حسب قول تواصل، فهل يقول الواقع نفس الشيء.
إن أكثر ما يمنع الكثير من الموريتانيين من الاقتناع بحزب تواصل هو امتداده الخارجي و نظرته السلبية لقضايا الوطن و مجاراته للبعض من أبناء الشعوب الأخرى و قادتها كضيفنا العزيز و الغالي الأخ خالد مشعل، القادم من فلسطين لمشاركة التواصليين افراحهم، و هو من هو، إنه ابن الحركة الاخوانية في فلسطين و أحد منظريها الكبار، و أحد زعمائها و قادتها السياسيين.
صحيح أن الموريتاني لا يضره مجيء أي فلسطيني إلى أرضه فقد عودنا أجدادنا و قادة بلدنا على حب الفلسطينيين بوقوفهم إلى جنبهم و حتى اعطائهم امتيازات و حقوق يخولها الدستور الموريتاني للموريتانيين فقط، تلك سنة محمودة تعودنا عليها و لن نعود عنها، و ترحيبنا بخالد مشعل بين ظهرانينا لا تنسينا إياه خلافاتنا مع تواصل و لا مع الاخوان ككيان مزاجي فشل في حكم كل البلاد التي تصدر فيها المشهد بعد الربيع العربي، و لا تنسينا كذلك رغبتنا كسياسيين و كتاب في أن لا يكون على ارضنا حزب واحد لا يمكن أن ينتمي إليه بعض المواطنين بسبب تفكيرهم أو عدم قناعتهم ببعض الرؤى الدينية التي تستند في غالبتها على التحايل على الدين و يتبناها تواصل، لا تنسينا تلك الرغبة بأن نرحب بهذا الأخ الشهم العزيز بصفته إبنا من أبناء فلسطين الذين نحبهم و نتمنى لو نصنع المستحيل من اجلهم.
إلا أننا لا بد أن نذكر تواصل و من يأتمر بأمر جميل و غلام و بيبه و غيرهم من قيادات تواصل و كذلك كتاب تواصل أن الحزب لا يمتاز بميزة عن الأحزاب السياسية الموريتانية سوى بأنه يعطي صورة مغلوطة عن الأحزاب السياسية في البلد و يظهر نفسه على أنه الوحيد الحامل لشعار الدين الإسلامي، أكثر شيء تتأثر به نفوس الموريتانيين رغم أن الواقع مناقض لكل ذلك، فتواصل هو أكثر الأحزاب إساءة للدين الإسلامي و اكثرها عبثا بمقدسات الدين الإسلامي الشيء الذي يظهر بجلاء في خطابات رئيسه المنصرف محمد جميل منصور، و لا يفوتني هنا إلا أن اذكر بأيمانه المغلظة التي اطلقها حين أصيب فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز برصاصة عن طريق الخطأ، فأقسم بالله جهد أيمانه أنه لم يعد يصلح للقيادة، فظهرت الحقيقة لتعري جميل و تثبت أن تلك الايمان فيها ما فيها و على صاحبها ما عليه.
لقد أساء تواصل للإسلام و المسلمين في هذا البلد في أكثر من مناسبة و جرح مشاعرهم في الوقت الذي قام فيه بيرام بحرق الكتب فجاء جميل يصهد على تلك النار، مؤكدا أن كتب المذهب المالكي لا تستحق كل ذلك الزخم و تلك الهبة الشعبية التي لم يبقى عنها رجل واحد كان يؤمن بتواصل كحزب يرى فيه هويته، بيد أن فخامة رئيس الجمهورية وعد بمحاسبة الفاعل و بالفعل تمت معاقبته و سجن طبقا للقانون المعمول به و المستمد من الشريعة الإسلامية.
ثم أساء كذلك مرة أخرى تواصل إلى المسلمين في هذا البلد و إلى الإسلام حين اتخذ من العلامة محمد الحسن الددو الذي وهبه الله العلم لينشره في الأرض مرجعية دينية، مستغلا بذلك حب الناس لهذا الحبر الجليل و مستخدما تلك المحبة في سبيل الظفر بمناصرين له. كما أساء في استقلال حسن نية ذلك العالم حين كان يتخذ من اجتهاداته مطية يجمع بها أموال الصدقات ليسخرها للعلم في بلد أبناء شعبه جياع، فكان ينفقها على رحلاته السياحية و السياسية و التكوينية لبعض منتسبيه دون وجه حق، حتى فطنت الدولة و أغلقت جمعية المستقبل. ثم ما فتئ العلامة أن تبرأ من تواصل و لكم أن تعودوا لمقال "الاخوان و سقوط الحصانة" للاطلاع على تفاصيل تبرأ الددو من الاخوان.
كما أساء كذلك هذا الحزب إلى الإسلام و المسلمين حين عمد إلى أخذ الرشوة من رجل سخر نفسه للحقد على ابن عمه لمجرد أنه رئيس للدولة و أنه هو لم يلق عنده تمييزا يخصه به دونا عن بقية رجال أعمال البلد.
كما أساء إلى المسلمين حين كان "مفكره" الفذ، صاحب نظرية خالف تعرف، يصول و يجول يسب موريتانيا و يسب قادتها في سبيل دريهمات يرميها تحت قدميه امير قطر، و يقدح في ارض الحرمين و يذم أهلها، و هو ينسى أو يتناسى أن تلك الأرض بارك الله حولها فليس له من الامر شيء و لا يمكنه أن يمسها بسوء.
إن حزبا هذا تاريخه و تلك إنجازاته لا يمكنه أن يقنع المواطن حتى و لو جاء بسيد قطب، أو حسن البنا، أو محمود ياسين رحمهم الله جميعا، لن يقنع إلا إذا ضم كل أطياف الشعب، إلا إذا لم تكن المحاصصة طابعه و لم يكن التلاعب بأموال الفقراء منهجه، و لم يكن الامتداد الخارجي كنفه و حصنه المنيع، و لم تكن شعاراته و هتافاته مجرد مسرحية عاطفية جدا لجعل الحاضرين يتأثرون و يبكون و يصيحوا عاش تواصل .. عاش تواصل.
أما و الحال تلك فلا خير في تواصل سواء بقي جميل بمنصبه أو جاء من هو أجمل منه. 

24. ديسمبر 2017 - 9:35

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا