لا شك أن موريتانيا تخطوا خطوات كبيرة في مجال تطوير منظومة العمل و لا خلاف في أن ارتفاع الراتب الأدنى يسهم بشكل كبير في تخفيف تأثير ضعف القوة الشرائية و يساهم في تثبيت الوظائف، و يجعل من موريتانيا بلدا مستقرا نوعا ما في المجال الاجتماعي.
إلا أن الصراعات التي تشهدها الجهات المعنية بالحوار الاجتماعي تؤثر سلبا على تطوير أساليب العمل و أدواته و الرفع من مستوى رأس المال البشري الرافعة الأساسية للاقتصاد الوطني بشقيه العام و الخاص.
كما أنها تؤثر كذلك على كل المنجزات في مجال مناخ الاعمال و تجعل المجهودات المبذولة في هذا المجال غير قادرة على النهوض بالاقتصاد و اقتناص ثقة المستثمرين، لأن أول ما يفكر فيه المستثمر توفر رأس مال بشري مضمون الحقوق و قادر على تنفيذ المشاريع و تفادي المخاطر.
و من المعلوم أن تزايد عدد النقابات و تغلغلها في المجال السياسي بات يؤثر بشكل سلبي على الحوار الاجتماعي، مثل ما حدث مع اتحادات ارباب العمل، التي هي الأخرى باتت وكرا سياسيا يتلاعب بالمصالح الاقتصادية و الاجتماعية للوطن.
إن النقابات المهنية يجب أن يعاد النظر في قانونها المنشئ و يجب كذلك تقليص عددها و عدم السماح لها بالتسيس لأن ذلك له تأثير سلبي على أدائها و على دورها المنشأة من أجله منذ البدء.
الحوار الاجتماعي مفقود بشكل كبير و الاتفاقيات الجماعية بالية و غير منسجمة مع الواقع من حيث الشكل و من حيث الجوهر، سواء العامة منها أو الخاصة، لأن أطراف الحوار الاجتماعي تعاني من عديد المشاكل و تتحكم فيها لوبيات تؤثر بشكل سلبي على استقلاليتها و أدائها لمهامها.
فعلى سبيل المثال توجد عديد المؤسسات التي لم تقم بانتخاب مندوبين نقابيين و لا مندوبين عن العمال كما ينص على ذلك القانون.
و تجد العديد من المؤسسات تتلاعب بمصالح العمال دون أن يتم الحديث عن ذلك أو رفع شكوى ضدها، أو حتى التنديد بما تقوم به.
تحدث جرائم في حق موظفين في كافة مؤسسات البلد و يسكت عن ذلك من كلفهم القانون بالدفاع عن حقوق العمال من نقابيين و مندوبين للعمال.
كما أن الطرف الثالث الوصي على هذا المجال أي إدارة العمل أو وزارة العمل لا تقوم هي الأخرى بدورها، حيث تم تعطيل العمل ببعض نصوص قانون الشغل المتعلقة بالنقابات و المندوبين منذ سنوات و لم يتم تفعيل هذا الجزء و لم يتم تعديله، كما أن المفتشيات رغم كفاءة طواقمها لا تجد الفرصة للقيام بعملها أو لا تقوم به أصلا، كما أن نظام الهيكلة التي تعمل به لم يأتي أكله و ينبغي تغييره، كما يجب أن تجد المفتشيات حريتها في القيام بمهامها و أداء واجبها كما تنص على ذلك القوانين و تجب مراجعة صلاحياتها و آليات عملها.
كما أن موقع الدولة و المؤشرات التي يقدمها المكتب الدولي للشغل تثبت أن بلدنا لا يحترم المعايير الدولية في مجال الشغل.
إنني أدق ناقوس الخطر في هذا المجال و أطالب السلطات باتخاذ التدابير اللازمة، فكما تمكنا من تحرير اتحاد ارباب العمل يوم أمس من التبعية السياسية يجب أن نحرر النقابات أيضا و يجب أن تفرض الدولة على النقابات القيام بكل الإجراءات الضرورية لتجديد هيئاتها طبقا لما تنص عليه النظم و القوانين.
فخامة رئيس الجمهورية نحتاج جرأتك و شجاعتك في هذا المجال نحتاج لضخ دماء جديدة في هذا المجال مع مراعاة وضع البلد.
فخامة رئيس الجمهورية ينبغي عليك أن تراجع هذا المضمار و تجدده و تعيده إلى المسار الصحيح لأنه صراحة يؤثر سلبا على كل ما بنيته و كل ما تسعى لبنائه.
البلد بحاجة ماسة لحوار اجتماعي
بحاجة ماسة لإعادة النظر في قانون الشغل و قانون الضمان الاجتماعي و قانون الضمان الصحي و كذلك للاتفاقيات الجماعية بكل أصنافها.
كما أن الجهاز التنفيذي المكلف بهذه المهمة على مستوى الدولة أيضا يحتاج لأن تتم غربلته.
و الله من وراء القصد