اختلف الساسة والمصلحون وأصحاب الاختصاص حول الآليات المناسبة والخطط الكفيلة بانتشال الأمم والشعوب من قاع التخلف والتبعىية إلى ذرى المجد والإسقلال ورغم ذلك فإنه لا خلاف حول تأثير النخبة والمثقفين والساسة على مسار الأحداث وصياغة الرأي العام الوطني .والقارئ المتتبع لتضاريس الخريطة النخبوية والسياسية في هذا المنكب البرزخي القصي يلاحظ أن معظم {وليس كل } نخبه و ساسته تلعب أدوارا
إرتكاسية تشد البلد إلى أنماط من ثقافة الالتصاق بالأنظمة مهما كانت طبيعتها وترفع يافطات تطالب بتأبيد الأنظمة وتركب كل صعب وذلول في سبيل تبرئة ذمتها من كل خطإ في الفعل أو, خطل في الرأي محاولة نزعها من سياقها البشري وكأنها ليست من طينة البشر وتحاول التعالى بها نحو المقدس أو المعصوم . ومن يفعل ذلك يتبني موقف الشيعة في الإمامة صرح بذلك أم لم يصرح به { مع احترمنا لفرقة الشيعة باعتبارها إحدى القراءات داخل الدين الاسلامي } . { وكثرا ما تم في تراثنا استغلال المقدس لصالح المدنس وتوظيف السماوي لصالح الأرضي وخير مثال على ذلك الدارسات اللاهوتية الكلامية عندنا } إن هذه القراءة التأبيدية تنظر إلى البلد كما لو كان عقيما وتصنف الرؤساء باعتبارهم حتمية تاريخية لا نستطيع الانفكاك منها . إن دعاة المأمورية الثالثة يندفعون بفعل الحماس لموريتانيا ومن أجل مصلحتها في عيونهم هم وبقراءاتهم هم والتي قد تكون في بعضها قراءات خداج تعثر بها منهج غير رصين وأعاقها نظرة غير ثاقبة وفي بعضها الآخر دنس أو لوثة من الايديولوجيا . إن الإنسان لا يستطيع أن يتحرر من وطأة الايديولوجيا -مهما ارتفع كعبه وعلا شأنه -بشكل كلي لذلك ستحضر مفاعيلها صريحة أو مضمرة ولا توجد قراءة بريئة –تقريبا –فكل القراءات آثمة ومؤدلجة .
فعلى هؤلاء الساسة محترفين وهواة نوابا وموظفين سابقين في الرئاسة وغيرهم أن يسددوا ويقاربوا : ماهي مصلحة البلاد في مأمورية ثالثة خارج سياق القانون ؟ في هذه الظروف الإقليمية والدولية بالذات حيث تمزقت الدول وتآكلت الشعوب وعمت الفوضى التي لا تبقي ولا تذر ومن بين الأسباب الرئيسية لهذه الفتنة الماحقة التعلق ببريق السلطة والافتتان بمحاسنها و عدم القدرة على مقاومة إغراءاتها والإصرار على الإنفراد بها مهما كلف ذلك من ثمن وكأن القادة العرب تلاميذة خلص للإيطالي مكيافيللي { الامير} = { الغاية تبرر الوسيلة , أنا والآخرون في الجحيم } .
لا أريد أن أقول أن الدعوات لتأبيد الأنظمة هرطقة أو تجديف سياسي بكر فحاضرنا العربي طافح بالأمثلة على هذه الدعوات فأين هم أنصار مبارك وعرابي التوريث وأين هم سدنة النظرية العالمية الثالثة الذين نحتوا مصطلح ملك ملوك إفريقيا وأين هم زبانية بن علي تونس والحبل على الجرار.
رغم أنني معارض اعترف بأن النظام حقق مكاسب مهمة للشعب وللأمة كانت عصية المنال , ولكنه لم يفلح في ملفات وطنية لا تقل أهمية عن سابقاتها . إن مطلبية التداول السلمي على السلطة لا تقدر بثمن فهي صمام أمان الحاضر ورهان المستقبل الواعد . فالتنمية لا تمنح ودها لساحة تتجاذبها الصراعات والحروب إن أعظم إنجاز هو أن تترك المسرح والناس يصفقون لك , إن كانوا يصفقون لك حقا , فالناس يحشرون على نياتهم وعلى الجميع أن يعلم { أن الاخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }