الكفاءات الموريتانية ومبادرات تنوعت أسماؤها وأهدافها / د.سيدي المختار الطالب هامه

تعتبر أول مبادرات مد الجسور بين الكفاءات الموريتانية في الداخل وفي المهجر تلك التي أطلقها عالم الرياضيات الكبير المغفور له بإذن الله يحي ولد حامدون حيث نجح في تنظيم أول مؤتمر للباحثين الموريتانيين في الفترة ما بين 24 و 26 دجمبر 2002 في انواكشوط. وكان هذا اللقاء الذي استهدف بالدرجة الأولى الباحثين الموريتانيين في مجال العلوم البحتة والتطبيقية قد جمع بين كوكبة من الباحثين المقيمين في البلد وما يقارب 60 باحثا يزاولون أعمالهم في الجامعات وفي معاهد البحث العلمي الأجنبية.

أما المبادرة الثانية فكان زعيمها الوزير السابق محمد على ولد سيدي محمد والمدير حينها للوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة المشاريع حيث تجسدت في تنظيم لقاء يومي 29 و30 ديسمبر 2013 تحت عنوان "الملتقى الأول للكفاءات والخبرات الوطنية".
وهذه المرة لم يستمر الجزر طويلا كما كان الحال بين مبادرتي 2002 و2013 إذ جاء المد بعد 5 سنوات فقط في شكل مشروع سموه أصحابه " مــــد" اقتصارا ل Mauritanian Experiences Diaspora (MED)  أي الكفاءات الموريتانية في المهجر، وهو الذي عقد مؤتمره الأول يومي 03 و04 يناير الجاري.

وفي المناسبات الثلاث تكررت كلمة الأول (اللقاء الأول و المؤتمر الأول) واختلفت الكلمات المفتاح "الباحثون" و "الكفاءات" و"العقول" واختلف عدد المشاركين ومستوياتهم ونوعية المؤسسات والدول الحاضنة وتفاوتت كذلك المحاضرات بالنظر لنفس معايير التقييم كما اختلفت سن وتجربة غالبية القائمين على كل مبادرة.

ومهما اختلفت تسمية هذه المبادرات وتنوعت الدوافع الخفية المحتملة لأصحابها فإن الهدف المعلن واحد وهو وحدة الكفاءات الموريتانية في الداخل وفي المهجر وتوحيد جهودهم المعرفية العلمية والفنية وغيرها لصالح بناء الدولة وتنميتها وإسعاد شعبها.

وعلى هذا الأساس فإنني أتمنى على الله أن ينخرط كل الخيرين من أبناء هذا الوطن في هذا المشروع سواء من كان نواة لعمل 2002 أو2013 ومن لم يحظ في السابق بالانتماء لأية مبادرة من هذا النوع علما بأن البلد بحاجة ماسة لجميع الاختصاصات وأنه يسع جميع الكفاءات سواء منهم من أسر بالمعارضة ومن جهر بالموالاة والعكس بالعكس.

واستحالة مد لا يتبعه جزر تجعلني أرجو من الله العلي القدير أن يكتب لمشروع مدنا الجديد طول العمر  وأن يعينه على استغلال ميراث من سبقوه في هذا الحقل داخليا وخارجيا وأن يؤسس لعمله بطرق تسهل الممارسة الجماعية وتكرسها.
وليعلم هؤلاء "المديون" المدينون لبلدهم ـ ولو معنويا ـ أن القضايا المتعلقة بهجرة الأدمغة الذي هو الموضوع هنا مشخصة بما فيه الكفاية من جميع الزوايا وأن المطلوب يتمثل في إيجاد فريق متكامل مقتع برسالته وقادر على انتقاء حلول تتناسب وظروف كل بلد وموقعه على الخريطة وبين دول العالم.

ولكن ها لا يمنعني من المطالبة أو التأكيد على النقاط التالية:
• تحديد معايير الانتساب بالنسبة للمقيمين في الخارج والداخل على السواء وذلك بالنظر خاصة لمفهوم "العقول" ولكون التميز حالة استثنائية (مراجعة برنامج مغتربون في قناة الجزيرة)؛
• إحصاء المعنيين وتنظيمهم في شبكات متخصصة تظهر المغتربين والمقيمين داخل البلد؛
إقامة جرد مفصل لهيئات التعليم العالي والبحث العلمي ومكاتب الخبرة والاستشارة ثم الجمعيات العالمة (Sociéés savanes) الوطنية والعمل على ربط كل هذه الهيئات ببعض نظيراتها في الخارج عبر اتفاقيات شراكة وتعاون يتكفل مد بتسهيلها؛
• تحديد قائمة التخصصات الموجودة على المستوى الوطني ثم المجالات التي تنشط فيها مختلف منظمات المجتمع المدني عموما والجمعيات العالمة خاصة؛
• التركيز على التخصصات ذات الأولوية بالنسبة للبلد بالنظر لطبيعة ثرواته الطبيعية المعدنية والبيولوجية ومقدراته في مجال الزراعة  والخدمات وبالنظر كذلك إلى موقعه الجيوستراتيجي (الأمن والأمراض المدارية...إلخ)؛
• إعداد ميثاق يحوي رؤية واضحة ومبادئ  ومقاربات وأهداف جذابة وتطمئن كل مستهدف على وجود فرصة حقيقية لتقديم مساهماته في تطوير المشروع وبلوغ الأهداف المنشودة؛
• نشر النظام الأساسي لمد ونظامه الداخلي ولائحة أعضائه وكل إجازاته على موقعه الالكتروني.  

ولا جدال أخيرا في أن أنجع سلاح لتحقيق أهداف المشروع مد يكمن في التمسك بالاستقلالية والتحلي بالصبر والاستعداد للتضحية والجرأة على طرق الأبواب الموصدة وذلك ضمن دائرة التعامل بطرق ديمقراطية وتطبعها الأخلاق المهنية.
وفق الله مد ومد جسوره بين الكفاءات الموريتانية في القارات الخمس ومده بما يحتاج من تفاهم بين أفراده وتكامل في الجهود ومن دعم من السلطات ومن كل من يحمل الهم العام ويسعى فيه,

7. يناير 2018 - 17:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا