يتكرر مشهد صراعات بين نخب عربية في اليمن ، ومجرى نهر النيل، وبلاد ثورة الياسمين، وبلاد عمر المختار، والشام، وغزة
وأرض الرافدين، وبلاد تمبكتو ، وصحراء الشيخ ماء العينين.، وعلى بعد احدى العدوتين،في فضاء الساحل والصحراء، يتكرر الانحناء في كازماس وأزواد، ومثلث مشروع الصراع على المعابر والمعادن والسلطة و الثروة، في كل من الصومال والنيجر، ووسط افريقيا وساحل العاج.، وسهول السودان واتشاد.
وللأسف يبدو التدخل الأجنبي متكررا بأجندته، وجيوشه، وبتمويلاته وشركاته المتعددة، وتبدو النخب العربية والافريقية
ضعيفة الأداء والحراك ، نخب تعيد إنتاج خلافاتها الطائفية، و تحالفاتها الحزبية، وبان أن ضعفها أكثر من ضعف نخبة الاستقلال والتحرر،مما مكن ظلال الهيمنة الاستعمارية من العودة الى احتلال الأراضي ، مكنهم بسهولة من زراعة بيادق التملق والتزلف، من طغاة ورعاة وغلاة ، كانت خلال خمسين سنة كلاليب بذور الفتن والمحن.، زراع فتن شهوات السلطة والشهرة، وشبهات فكر اللبننة والعلمنة.
نار وغضب نخب البذاءة هذه، لم تعد القيادات المتنورة، والشعوب الحية تقبل انكشافاتها، حين خرجت اليوم شعوب أمتنا المسلمة ، والمتحررة رافضة تهويد القدس ، ومجلجلة برفض خطابات الكراهية والحروب العبثية التي يروج لها العملاء والعنصريون الجدد.
لا يوجد شي أخطر على الجغرافيا و السلم ، من أن يسود في العالم هولاكو أو هتلر ، كرمزين لنار الحروب العمياء وغضب الأحقاد.
في هذه المشاهد المكررة، يتجدد التفكير عند النخب الوطنية في النأي بأوطانها وتجاربها، عن حركات شرطي العالم وشيطنة النخب، ونشاطات الحروب بالوكالات التى تدمر أوطانهم، بأحلام يصنعها راعي البقر، أو بحلوانات يهواها سائس الدب الأحمر.
تبدو المراجعات المهمة، مؤسسة على مسلمات كبرى، لقد أفلت نخب الفساد التى جعلت بلدانها "دولة" بين المترفين من رجال الأعمال الأغنياء.، وقادت أنظمة الحكم الفردي والاستبداد ، الي الى دول هشة تكبل "سجناء الرأي" و" تنتج التطرف فكرا ومجاميع"..
ومن هذه المسلمات أن الأحزاب العربية والافريقية، فشلت فشلا ذريعا قياداتها وانظمتها، وجرفها تيار الربيع العربي القاني بدماء الأبرياء.، وحولها الى ماض مأزوم، وجعلها جذاذا كأصنام النمرود .
كما أن تجربة الحروب من عاصفة الصحراء إلى عاصفة الحزم،
والربيع العربي من تونس الى اليمن، والنزاعات البينية من جنوب السودان الى حصار قطر كانت مخرجاتها كارثية على شعوب المنطقة، وجميع مقاربات السلم والتنمية ، ورؤي التاريخ و المستقبل المشترك .
ولأن الخطوط الحمراء ، من استقلال وسيادة، ومن مقدسات وقيم، ومن مشتركات العلم والسلم والحلم، قد تم العبث بها، فيما يسميه الشيخ بن بيه "نظرية تنازع البقاء"، حيث استبدلت قيادات الأمة تجارة العلم والسلم بالكراهية والحرابة.، فاننا نكرر مناشدتنا لأبناء شنقيط أن يجري عقلاءهم مراجعة خاصة، تحفظ لبلاد الملثمين استقرارهم المصون، وتحمي لهم تجربتهم الفريدة في سطوعها في مجال مقاربات الأمن والسلم ، والحوار وجمع الشمل، و الانتخابات والحريات الديمقراطية التعددية.
ولأجل ذلك فان التشكيلات الحزبية الآفلة ستتحلل اذا لم تنظم مراجعات فكرية ندية، وتؤسس لكليات وأولويات المرحلة، فموريتانياالجديدة ، لن تقبل أن تظل أسيرة لأطر حزبية شاخت، ولنخب امتلأت أوداجها من الزبالة، وجيوبها من الرشوة، وموائدها من الصراخ والنباح.
لقد كانت الاصلاحات الدستورية الأخيرة، ومخرجات الحوارات التي سبقتها2011 و2016، موصلة الي مرحلة تأسيسية في مجال العلم والنشيد، وفي مجال اصلاح المؤسسات الدستورية، وتأمين العملة الوطنية، والتمسك بخيار موريتانيا المستقبل، الآمنة من القلاقل والهزات.
واليوم ليس من مصلحة البلد المهاترات، و هذا الوقت لا يقبل فيه بناء كانتونات الصراع من أي جهة في الأغلبية أو المعارضة برزت ، وبأية أنسجة وتحالفات حبكت.، وكل من يهواها يجب أن يقم بيته.
اليد الممدودة الى الجميع، تقول لنا ان فخامة الرئيس أب للجميع، وقائد لكل المواطنين، أغلبية ناشزة أومتماهية، ومعارضة ناضجة أم نابحة، ولكل منهم مكان في النظام الجمهوري الذي أسسه ورعاه، كأبناء البيت الواحد، وكأبناء الكتيبة الواحدة ، عق من عق وبر من بر، نشز من نشز ووفى من وفى.
كل من يريد للأب والقائد – الأحمد العزيز- أن لا يكافئ ولده البار ، ويوشح جنديه الوفي في ساحات الوغي، يوم انكشف {المنافقون} فهو كنود أوحسود.
وكل من لا يريد للأب والقائد – الأحمد العزيز- أن لا يصحب ولده العاق ويصفح عن هناته وأخطائه، وأن لا يأوي في بيته الرحب{ هذا الوطن الآمن في سربه}، جنديه وان نشز،ويريد نشر الكراهية ضد أبناء جلدته، خطابا وسلوكا ، يسرى بين الأب وأبنائه ، أو بين القائد وجنوده، فقد جانب الصواب وخرم في مروءته، وهو كحال المرتكس والمنتكس يقول للناس لئن خرجتم لنخرجن معكم، ولئن استنصرتمونا لننصرنكم، فلما جاءت ساعة الصفر، وحل ماحل لا يخرجون و لاينصرون ، بل يخرجون لواذا، أو تراهم في حال خصماء خصمين.
ان بناء المستقبل يستدعى رسم الأخوة التي لا رشوة فيها، ورسم المحبة التي لا اكراه فيها،وهما ميسمان لحضارة بناها الشناقطة منذ منتصف القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي، فوق هذا الودق بماءه الزلال، المغدق بثماره اليانعة.، النافية لخطابات الكراهية، ولتجار الصراعات العبثية المدمره ، لوشائج وصلات الرحم.، هي اليد المدودة الآن التي يحتاجها جوارنا وبلدنا، وتنشدها أمتنا بأصابعها الخمسة: السلم ، والعلم ، والحلم، والأخوة، والمحبة.