قبل أن أبدأ هذا البيان لابد أن أ ترحم على أرواح شهداء "تورين" الأحرار الذين قضوا وهم يؤدون مهامهم الشريفة ،ويحمون أحد أهم ثغور الوطن حساسية وتعقيدا من الناحية الاقتصادية والأمنية ،وأزف العزاء عظيما وخالصا لكل أم ثكلى فقدت فلذة كبدها في هذه الجريمة النكراء،
وكل طفل أو طفلة كتب عليهما أن يدخلا سجل اليتامى إلى الأبد.. وكل سيدة ستبدأ عدة الوفاة ورحلة المعانا ة والألم بعد هذا الحادث المنكر..فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون..لكل هؤلاء أزف العزاء الذي بخلت به قرابة أسبوع السلطات "العسكرية" العليا وضنت به وسائل الإعلام الرسمية،، وكأن الحدث في أقصى نقطة من أرض الله الواسعة لا في أراضي الجمهورية الإسلامية الموريتانية.. وأهملته المبادرات الكرنفالية والمسرحية التي ملأت الدنيا ضجيجا وجعجعة بدون طحين بضرورة تدخل العسكريين وضرورة إشراكهم في القرار السياسي،
أيا شجر الخابور مالك مورقا** كأنك لم تجزع لموت طريف
ولعل الملاحظة الأولى الذي تعترض سبيل المراقب هي تجاهل وسائل الإعلام الرسمية لهذا الحدث الخطير والخوض في أخبار وتقارير لا تعدو أن تكون نوعا من البحث عن قبس ضائع من الشرعية المفقودة يتحسسه قادة انقلاب الثالث من أغسطس ومن على شاكلتهم ،والمثير أن يتجاهل قادة عسكريون يحملون رتبا عليا في الجيش ويمسكون بزمام الأمور مجزرة تتعرض لها حامية عسكرية يروح ضحيتها اثنا عشر شهيدا بدم بارد ،،بل وحتى الآن لم يصدر أي بيان رسمي حول الموضوع بالرغم من مرور وقت غير يسير على الكارثة..ولعل مما تدمى له العيون ويحز في نفوس الغيورين على الوطن المجروح أن يقدم الإعلام الرسمي تقريرا عن مصرع اثني عشر شخصا في العراق في نفس اليوم جراء انفجار عبوة في أحد شوارع العاصمة بغداد –على بشاعته-..ويغض طرفه كلية عن اثني عشر جنديا موريتانيا قضوا في ساحة الوغى جراء كمين غادر من قبل مجهولين لم يرعوا إلا ولا ذمة ولم يقيموا لشهر القرآن الكريم والصيام وزنا ولا اعتبارا ..ألا ساء ما يزرون..لكن هذا السكوت الرسمي ليس أقل خطورة ولا إثارة من الفعل البشع نفسه.
لقد ردد الانقلابيون وكتائبهم من فريق برلماني ومبادرات - هم ذويها الاستفادة الشخصية والمصالح الضيقة والتآمر غير الشريف مع قادة الانقلاب - ..ردد هؤلاء أن من الأزمات الكبرى التي حلت بالبلاد والعباد في ظل الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله مشكلة الأمن إذ تعرض بعض السياح الفرنسيين للاغتيال وتم تبادل إطلاق النار مع عناصر تكفيرية راح ضحيتها بعض رجال الأمن ..لكن تلك الأحداث الأمنية المتكررة لم تشهد هذا الرقم المثير في الضحايا مما يعني أن سينفونية الأمن التي رددوها مردودة عليهم.. وأن هذا الحادث الأليم أدخلهم في نفق أمني مظلم لا يحسدون عليه ..فليس من المعقول أن يثوروا قلقا على الأمن وعلى طريقة التعامل مع القضايا الأمنية الحساسة ثم تكون هذه نهاية المشوار أو على الأقل وقفة من وقفاته المثيرة والمحزنة...
إن هذا الحادث الخطير يفتح صفحة يتطلب مراجعة جادة لبعض الأمور المتعلقة بالجيش وظروفه وإمكانياته واستعداداته فالمؤمن العاقل لا يلدغ في جحر مرتين أحرى أن تتوالى الكوارث بحجم لمغيطي والغلاوية وأخيرا تورين....وكأن شيئا لم يكن.
بالتأكيد فإن هذا الحادث قد يستغل من قبل "الانقلابين" ويفتح لهم صفحة جديدة شعارها محاربة الغول الشارد الملقب بالإرهاب ،وسيعزفون على هذا الوتر طلبا لشرعية عز وجودها ،،بيد أن ذلك لا يمكن أن ينطلي على أحد ...صحيح أن مكافحة العنف بمختلف ألوانه وضروبه مهمة "الجيش" لكن تلك المحاربة يجب أن تكون وفق المساطر القانونية ..فحتى الدول الغربية التي تصارع "الإرهاب" لم تفتها هذه القضية وظل حكامها المدنيون يزاولون صلاحياتهم الدستورية ..كما يجب أن يزاول الرئيس الشرعي سدي محمد ولد الشيخ عبد الله مهماته كرئيس للجمهورية الإسلامية الموريتانية
وإلى الملتقى في البيان رقم 8 إن شاء الله