بدءا أود أن أنبه هنا بأني سأركز ـ ومن الآن فصاعدا ـ على الفرصة التي ستتاح للتغيير ولفرض تناوب سلمي على السلطة في منتصف العام 2019، وذلك دون إهمال كامل للقضايا الأخرى. سأركز على هذه الفرصة في الكتابة وفي المبادرة، ولذا فأنا أعمل الآن مع عدد من المهتمين بالشأن العام من أجل إطلاق منصة خاصة بفرصة 2019، وهذه المنصة نريدها أن تكون ملتقى لكل المهتمين بهذا الموضوع لتبادل الأفكار ولإطلاق المشاريع الهادفة لاستغلال هذه الفرصة.
إن هذه الفرصة التي ستتاح لإحداث التغيير في العام 2019 هي فرصة ثمينة ونادرة، وحتى لا تضيع هذه الفرصة النادرة والثمينة فإنه على كل الطامحين إلى التغيير أن يعملوا معا في مشروع واحد يسعى لاستغلال هذه الفرصة فيما يخدم المصلحة العليا للوطن، ويجب على أصحاب هذا المشروع أن يبتعدوا عن البحث عن المصالح الخاصة والضيقة، سواء كانت تلك المصالح مصالح حزبية أو شخصية، ففي اللحظات الحاسمة في تاريخ الشعوب والأمم فإن التنافس يجب أن يكون في مجال تقديم التضحيات، لا في مجال البحث عن مصالح ضيقة أو تحقيق مكاسب خاصة.
وحتى لا نضيع فرصة 2019 فنحن نحتاج كقوى طامحة إلى التغيير إلى أن نحدد أولا من نحن؟ وما هو نمط التغيير الذي نسعى إليه؟ وبأية وسيلة سنحقق ذلك التغيير.
أولا : من نحن؟
فهل نحن مجرد معارضة تقليدية ( أحزاب معارضة + حركات شبابية وحقوقية + عدد من الشخصيات المستقلة)؟ أم نحن لسنا مجرد معارضة تقليدية فقط، وإنما نسعى للتمدد والانفتاح حتى نستقطب أغلبية الشباب الموريتاني بالإضافة إلى الأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني التي غابت أو تم تغييبها في الفترات الماضية، هذا بالإضافة إلى الجاليات الموريتانية للخارج.
أن تحديد من نحن هي مسألة في غاية الأهمية، وذلك لأن تحديد من نحن هو الذي سيحدد طبيعة الخطاب وأساليب النضال في المرحلة القادمة.
ثانيا : أي أسلوب للتغيير نريد؟
هناك ثلاثة أساليب يمكن من خلالها أن تحدث عملية التغيير، وهذه الأساليب هي : الانقلاب ؛ الثورة؛ صناديق الاقتراع.
الأسلوب الأول / الانقلابات : هذا الأسلوب علينا أن نستبعده تماما، وذلك لأنه:
1ـ لدينا في موريتانيا تجارب عديدة مع الانقلابات وكلها أعطت نتائج كارثية.
2ـ إن قرار الانقلاب هو في نهاية المطاف قرار عسكري يتم اتخاذه في دائرة ضيقة جدا، وأقصى ما يمكن أن تفعله المعارضة في هذا المجال هو أنه يمكنها أن تؤزم الأوضاع من أجل يتم اتخاذ ذلك القرار.
3 ـ هناك احتمال كبير في أن يكون الانقلاب القادم انقلابا دمويا.
الأسلوب الثاني/ الثورات: هذا الأسلوب علينا أن نستبعده أيضا وذلك لأن الثورة:
1ـ قد تؤدي إلى تفكك البلاد وإلى دخولها في فتن لا أحد يتحكم في مسارها، ولنا في دول الربيع العربي عبرة، وهي الدول التي كانت أكثر تماسكا وأقوى لحمة من بلادنا.
2 ـ الثورة لا يمكن التخطيط لها وهي لا تأتي إلا بغتة نتيجة لشرارة معينة.
الأسلوب الثالث/ التغيير عن طريق صناديق الاقتراع أو التغيير الآمن والمتحكم فيه : هذا هو الخيار والأسلوب الأمثل بالنسبة لنا، وهو يتطلب تكاثف جهود كل الطامحين إلى التغيير والعمل على:
1ـ الوقوف ضد أي تمديد للمأموريات وضد أي محاولة لتغيير النظام السياسي من نظام رئاسي إلى نظام برلماني.
2ـ الوقوف ضد توريث السلطة والعمل على فرض انتخابات شفافة لا تتدخل فيها الإدارة ولا الجيش لصالح هذا المرشح أو ذاك.
3ـ البحث عن مرشح توافقي والعمل من أجل صياغة خطاب جديد للمعارضة يكون بمقدورهما أي المرشح التوافقي والخطاب المعارض أن يستقطبان:
ـ المعارضة التقليدية بأغلب مكوناتها
الشباب الموريتاني (العمود الفقري في عملية التغيير)
ـ الأغلبية الصامتة من الشعب الموريتاني( هذه يجب استقطابها وهي التي ستصنع الفرق)
ـ الجاليات الموريتانية في الخارج
ـ جزء من الموالاة التقليدية
إن صياغة خطاب جديد يستقطب كل هذه الفئات هو أمر في غاية الأهمية لإحداث التغيير، كما أن البحث عن مرشح توافقي قادر على كسب ثقة كل تلك الفئات هو أيضا أمر في غاية الأهمية..كل هذه الأمور سيتم نقاشها معكم من خلال سلسلة من المقالات المختصرة جدا، والتي سيتم نشرها تحت عنوان " حتى لا نُضَيٍّع فرصة 2019".
حفظ الله موريتانيا..